العبادي يتهم تركيا بازدواجية المعايير في التعامل مع الملف الكردي

اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركيا بازدواجية المعايير في تعاملها مع الملف الكردي في العراق، فيما استجابت أنقرة لطلب عراقي بتأجيل ملء خزانات سد «أليسو» التركي على نهر دجلة بسبب موجة الجفاف التي تضرب العراق.
وقال العبادي خلال استقباله وفدا إعلاميا كويتيا يزور بغداد حاليا إن «الأتراك كانوا يتعاملون بازدواجية في الملف الكردي؛ فكانوا يدعمون أكراد العراق ويتعاملون معهم خارج إطار الحكومة الاتحادية، فيما يمنعون حقوق الأكراد الأتراك عندهم حتى جاءت قضية الاستفتاء وشعروا بالتهديد فغيرت وجهة نظر الأتراك نحو التقارب مع بغداد». ولفت العبادي إلى أن «هذا لا يعني موقفا سلبيا من حكومته ضد الأكراد العراقيين؛ بل إنهم مواطنون في بلدهم لهم حقوق المواطنة وعليهم واجباتها». وبين العبادي أن «الأتراك لهم مخاوف كبيرة من منظمة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق» مؤكداً أن «بلاده لا تدعم هذه المنظمة ولا تريدها أن تتخذ من الأراضي العراقية منطلقا للاعتداء على تركيا».
وبخصوص العلاقة مع إقليم كردستان، قال العبادي إن حكومته نجحت في تجاوز أزمة الاستفتاء على الانفصال من دون إراقة دماء.
وفي هذا السياق، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو البرلمان العراقي السابق شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي حديث عن الأكراد سواء في العراق أو سوريا أو تركيا أو إيران ما لم يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل واحد منهم، يكون بمثابة خلط غير صحيح للأوراق، لأننا بصفتنا أكرادا عراقيين ننظر إلى أن القضية الكردية في كل هذه البلدان مشروعة، لكن لكل جهة كردية خصوصية في التعامل مع القضية دون أن تنسحب بالضرورة على الآخرين».
وبشأن طبيعة العلاقة بين تركيا وإقليم كردستان، قال طه إن «تعامل تركيا معنا لم يكن من وجهة نظرنا ازدواجية معايير، لأن الدستور العراقي يتيح لنا حق التعامل الخارجي بحدود المصالح المشتركة التي لا تعني التمدد على سيادة الدولة». وبشأن إشارة العبادي إلى تغيير تركيا موقفها من أكراد العراق بعد الاستفتاء، قال طه إن «هذا الكلام يثبت صحة توجهاتنا في إطار علاقتنا مع تركيا، ويثبت أننا لسنا ذيلا لتركيا ولم نأخذ رأيها حين أقدمنا على إجراء الاستفتاء، وهو ما يعني عدم وجود علاقة سياسية مع تركيا بقدر ما هي علاقة مصالح اقتصادية وتجارية مشتركة».
من جانبه، عدّ حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية وعضو البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوقت اليوم ليس وقت الحديث عن قضايا خلافية مع تركيا؛ بل نحن اليوم في مرحلة تتطلب بناء علاقات مثمرة مع تركيا في أخطر ثلاثة ملفات تهمنا جدا؛ وهي الطاقة، والمياه، ومحاربة الإرهاب». وأضاف توران أن «منظمة حزب العمال الكردستاني (البككا) استغلت مرحلة ما بعد هزيمة (داعش) لكي تتمدد في المناطق المتنازع عليها داخل العراق، وباتت تمثل تهديدا جديا لنا نحن التركمان بالدرجة الأساس في كل من قضاء تلعفر وقضاء طوزخورماتو». واتهم توران «البككا» بمحاولة «اغتيال قيادي بارز في الجبهة التركمانية في قضاء الطوز مؤخرا».
وبالعودة إلى تصريحات العبادي وردا على سؤال حول ترشحه للانتخابات وتزعمه «ائتلاف النصر»، أوضح أن رؤيته كانت مشابهة لرؤيته لإدارة المعركة ضد «داعش»، مضيفا: «كما نجحنا بتوحيد القوات النظامية التي كانت ضعيفة في البداية مع المتطوعين المتحمسين، فاستفدنا من انضباط الجيش وحماس ‏المتطوعين، كذلك فكرنا بدخول المتطوع إلى جانب السياسي في الانتخابات». وشدد العبادي على أنه لا يرفض التحالف مع أي جهة؛ شريطة الالتزام بالمنهاج الثابت لقائمته الذي يستند على رفض المحاصصة ورفض الطائفية، مؤكدا أن «الطائفيين سقطوا في نظر الشارع اليوم»، ومحذرا في الوقت نفسه من «محاولات البعض خلال المرحلة المقبلة خلط الحقائق عبر مواقع التواصل الاجتماعي» التي وصفها بـ«السلاح الذي يمكن أن يستخدمه البعض لأغراض تدميرية».
وأشار العبادي إلى أنه ليس ضد حرية التعبير؛ «إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت اليوم بلا ضوابط وبلا محددات»، داعيا إلى «موقف عربي موحد وضاغط على إدارات تلك المواقع لإرغامها على تنظيم عملها، لأنها ببساطة أصحبت وسائل ومسببات للقتل».
وبخصوص «الحشد الشعبي»، قال العبادي إن إقرار «قانون الحشد» سيمكن الدولة من السيطرة على الفصائل المسلحة في بغداد وإخضاعها للقوانين الحكومية والعسكرية. وكشف أن حكومته لم تكن راغبة بسحب السلاح وحصره بيد الدولة في المدة السابقة؛ «لأن تهديد (داعش) كان قائما، أما الآن فهناك رغبة حقيقية من كل الكتل السياسية بسحب السلاح»، مبيناً أن «المناطق ذات المكون الشيعي التي ينتمي إليها معظم (الحشد) هي أكثر المناطق رغبة بذلك، لأنهم لا يريدون سلاحا غير منضبط». وأشار العبادي إلى أن «البعض يريد أن يسرع بحل مسألة (الحشد الشعبي)»، إلا أنه لا يريد «‏حركة خارج وحدة البلد، ولا تصان، والحل قادم بطريقة نوعية وعبر دمج (الحشد) بالمنظومة الأمنية».