ما بين أفريدي وصديقي مسارات متباينة بين واشنطن وإسلام آباد

يجسد سجينان باكستانيان - أحدهما سجين في باكستان والآخر في الولايات المتحدة - حالة المسارات المتباينة التي اتخذها الحليفان القديمان - إسلام آباد وواشنطن - خلال الأعوام الستة الماضية.
في حين يقبع شاكيل أفريدي، الطبيب الباكستاني الذي ساعد الاستخبارات الأميركية في تحديد موقع إقامة أسامة بن لادن في أبوت آباد الباكستانية، قيد السجن في باكستان من غير أي مساعدات قانونية، هناك الدكتورة عافية صديقي التي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة من قبل المحاكم الأميركية لمحاولة قتل الجنود الأميركيين في أفغانستان.
ويعتبر شاكيل أفريدي خائنا في نظر الشعب الباكستاني ويعامل وفق هذه النحو من قبل قوات الأمن الباكستانية، وعلى الجانب الآخر يعتبره الشعب الأميركي بطلا للدور الحاسم الذي لعبه في عملية الاستخبارات الأميركية التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» في أبوت آباد في مايو (أيار) من عام 2011.
وعلى الجانب الآخر هناك إشارات تفيد بأن الشعب الباكستاني يعتبر عافية صديقي بطلة وقفت في وجه قمع الجيش الأميركي، في حين أن الحكومة الأميركية تعتبرها إرهابية. واتهمت عافية صديقي بأنها جزء من الخلايا النائمة التابعة للتنظيم الإرهابي في بوسطن وذلك قبل اعتقالها بواسطة الجيش الأميركي في أفغانستان أثناء محاولتها قتل أحد الجنود الأميركيين في أفغانستان.
ولقد اقترحت الكثير من الشخصيات الباكستانية النافذة مقايضة هذين السجينين، عندما مارست الحكومة الأميركية الضغوط على نظيرتها الباكستانية للإفراج عن شاكيل أفريدي. ومع ذلك، عارضت المؤسسة العسكرية الباكستانية القوية إطلاق سراح الرجل لأنه ارتكب جريمة لا تغتفر إثر تعاونه مع أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية العدائية.
ولقد استخدم أفريدي برنامجا مزيفا للتطعيم ضد التهاب الكبد الوبائي في محاولة للحصول على عينات من الحمض النووي من عائلة بن لادن كوسيلة لتحديد موقعه. ولكن الاتهامات الموجهة إليه لا تتعلق بعملية اغتيال أسامة بن لادن.
فلقد وجهت إليه الاتهامات بموجب القوانين القبلية لمساعداته المزعومة وتسهيل انتقال المسلحين في منطقة خيبر القبلية المجاورة. حتى حركة طالبان قد سخرت من التهم الموجهة إليه لأنه أقيمت على أساس النظام القبلي البائد في باكستان، والذي يسمح بالمحاكمات المغلقة، ولا يتطلب مثول المدعى عليه أمام المحكمة، ويقلل من عدد الطعون المرفوعة أمام المحكمة.
وإذا وجهت إليه الاتهامات بالخيانة - الجريمة التي تقول السلطات الباكستانية إنه ارتكبها - سيكون لشاكيل أفريدي الحق في جلسات المحاكمة العلنية، والكثير من الطعون على طول الطريق إلى المحكمة العليا، حيث تكون تفاصيل عملية اغتيال أسامة بن لادن متاحة على المجال العام، الأمر الذي لا تريده المؤسسة المدنية أو العسكرية الباكستانية على الإطلاق، كما أفاد المحامي.
وكثيرا ما طالب الصحافيون الباكستانيون من المسؤولين الأميركيين الزائرين معلومات حول مصير الدكتورة عافية صديقي وكان الرد الجاهز يقضي بأنه من غير الممكن ذلك وفق القانون الأميركي، حيث إن الحكومة الأميركية لا تستطيع تبرئة متهم أدانته إحدى المحاكم الأميركية.
وظلت الدكتور صديقي مختفية عن المجال العام لسنوات قبل أن تظهر أخبارها في أفغانستان، حيث ألقي القبض عليها بواسطة الجيش الأميركي أثناء محاولتها قتل أحد الجنود الأميركيين باستخدام بندقية. وتعتبر الدكتور عافية صديقي بطلة قومية في باكستان، وهي من الشخصيات التي تظهر في المظاهرات الاحتجاجية عبر مختلف مدن باكستان مطالبة بإطلاق سراحها.
ولقد تباينت المسارات الباكستانية الأميركية في الوقت الذي ظهرت فيه قضيتا الدكتورة عافية صديقي والدكتور شاكيل أفريدي على سطح الأحداث في عام 2011. ويريد الجانب الباكستاني عودة الدكتورة عافية صديقي كبطلة، في حين يريد الجانب الأميركي عودة الدكتور شاكيل أفريدي إلى الولايات المتحدة كبطل.