حواجز النظام تعيق التحاق أكراد بجبهة عفرين

TT

حواجز النظام تعيق التحاق أكراد بجبهة عفرين

دفعت الاشتباكات في عفرين بشمال سوريا، آلاف المدنيين إلى حواجز النظام السوري الذي لم يسمح لهم بالعبور إلى مناطقه، وهي المعوق الأساسي أيضا لالتحاق متطوعين أكراد من شمال شرقي سوريا بجبهات عفرين، إثر إعلان «النفير العام».
ووسعت القوات التركية دائرة القصف شرقا، مستهدفة القامشلي، غداة استهداف راس العين والمالكية في محافظة الحسكة، وغداة زيارة مسؤول أميركي بارز إلى كوباني ولقائه مسؤولين أكرادا.
ولم تسفر زيارة مسؤولين أميركيين، أحدهما مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك إلى كوباني، أول من أمس، عن أي تطورات من شأنها أن تشير إلى تراجع أنقرة عن العملية العسكرية في عفرين، رغم تقديرات كردية بأن نتائج الزيارة ستتضح خلال أيام، كما قال مصدر كردي بارز لـ«الشرق الأوسط».
ولا ينفي المصدر «أننا نشعر بالخذلان الآن»، وقال: «هي حرب روسية بموافقة أميركية»، متسائلاً: «بأي مقياس تعتبر واشنطن مناطق شمال شرقي سوريا تحت حمايتها، بينما لا تعتبر عفرين كذلك؟».
وقال المصدر، إن «الخيار المتاح أمامنا فقط، هو المقاومة. ثمة نصف مليون شخص مستعدون للموت دفاعا عن عفرين»، مضيفا: «نحن لا نرغب في الحرب، بل بالسلام وبسوريا ديمقراطية وتعددية للجميع تعترف بمكونات غير عربية، بأنهم سوريون، ونحن نؤكد أننا سوريون ودمشق عاصمتنا». وعن الرد على المقترح الروسي، أشار إلى أن «المقاتلين في منبج والمدن الأخرى التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية من (داعش) جاهزون للدفاع عن أنفسهم في حال أي هجوم تركي».
واستباقا لأي منحى تصاعدي قد تتخذه أنقرة بتوسيع رقعة الهجوم إلى مناطق أخرى في شمال سوريا، يسيطر عليها الأكراد وتقيم فيها الولايات المتحدة قواعد عسكرية، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، أمس حالة «النفير العام» دفاعا عن عفرين، وقالت في بيان صادر عن إقليم الجزيرة (محافظة الحسكة شمال شرق): «نعلن النفير العام وندعو كل أبناء شعبنا الأبي إلى الدفاع عن عفرين وكرامتها». وقال المستشار الإعلامي لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين ريزان حدو، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إعلان النفير العام يعني دعوة كل الأكراد في سوريا إلى حمل السلاح» دفاعا عن عفرين.
لكن أنقرة، وسعت دائرة القصف من عفرين إلى شمال شرقي سوريا، فيما بدا تحذيرا من لجوء الأكراد إلى توسيع الجبهات، إذ أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بسماع دوي انفجارات في مدينة القامشلي ناجمة عن سقوط قذائف تركية استهدفت منطقة الهلالية في أطراف المدينة الحدودية مع تركيا، وذلك بعد يوم على تبادل لإطلاق النار في منطقة راس العين الحدودية بين مقاتلين أكراد وقوات تركية.
ورغم إعلان «النفير العام»، فإن الدعوة تواجه معضلة أساسية، وتتمثل في عجز القوات الكردية عن العبور من الشرق إلى عفرين من غير المرور في مناطق سيطرة النظام الذي لا يسمح لهم بالمرور، كما قال مصدر كردي بارز ومدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن النظام «لا يسمح للمدنيين بالعبور إلى مناطقه، فكيف هي الحال بمقاتلين أكراد؟».
ودفعت عملية «غصن الزيتون» بآلاف النازحين من عفرين إلى مناطق سيطرة النظام في دوار الزيتون وباشكوي ونبل والمدينة الصناعية في حلب، كما قال عبد الرحمن، وهي المناطق الوحيدة التي تشكل منفذا للأكراد للنزوح، بالنظر إلى أن المناطق الأخرى يسيطر على أطرافها مقاتلون موالون لتركيا أو الجيش التركي. وقال مصدر كردي في عفرين إن النازحين «يقفون على حواجز النظام قرب نبل، ولا يسمح لهم بالعبور إلى مناطقه».
ميدانياً، تواصلت أمس المعارك العنيفة بين القوات التركية وحلفائها من مقاتلين سوريين من جهة، وقوات حماية الشعب الكردي من جهة أخرى، على طول الحدود التركية مع منطقة عفرين، تزامنا مع قصف جوي ومدفعي تركي طال عددا من القرى والبلدات في عفرين. وأفاد المرصد السوري بأن المعارك تتركز من جهتي الشمال والجنوب الغربي». وأفاد بأن «رقعة المواجهات العنيفة بين الطرفين (أمس الثلاثاء) أقل مما كانت عليه الاثنين». وقال إن قوات عملية «غصن الزيتون» حققت تقدما في قرى قسطل جندو وحمام وأدمانلي.
وتسببت المعارك منذ السبت، بمقتل 38 عنصرا من الوحدات الكردية خلال المعارك وجراء الغارات مقابل 43 من مقاتلي الفصائل المعارضة المشاركة في الهجوم، وفق حصيلة جديدة للمرصد أمس (الثلاثاء). كما قتل 23 مدنيا جراء القصف منذ السبت.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».