تقرير: القطاع العقاري الإماراتي يتكيف مع انخفاض النمو

استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
TT

تقرير: القطاع العقاري الإماراتي يتكيف مع انخفاض النمو

استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)

أظهر تقرير عقاري حديث صدر مؤخراً استمرار القطاع العقاري في الإمارات في التكيف مع انخفاض مستوى النمو، على اعتبار أن هذا المستوى المنخفض قد أضحى هو الوضع الطبيعي الجديد في ظل استمرار جميع قطاعات السوق في مرحلة التراجع خلال دورتها الاقتصادية. وقالت جيه إل إل للاستشارات العقارية في تقرير جديد إن استمرار تراجع السوق إلى مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي؛ حيث تراجع النمو عن مستواه التاريخي الذي بلغ 4.1 في المائة ليقف عند 1.7 في المائة عام 2017، وتمثل هذه النسبة أدنى نقطة في الدورة الحالية، حيث تشير التنبؤات إلى اتجاه النمو إلى الارتفاع مجدداً في عام 2018 (بنسبة 3.3 في المائة) ليسجل متوسطا قدره 3.4 في المائة سنوياً بين عامي 2018 و2020، مما قد يؤدي إلى تحسن تدريجي في أداء سوق العقارات وإن كان من المتوقع استمرار حالة التراجع العامة في عام 2018.
وأشار التقرير المعنون بـ«حصاد عام 2017» إلى أن بداية عام 2018 ستشهد تراجعاً في حركة سوق العقارات وأدائه، نظراً للغموض الذي يحيط بأثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وقال كريغ بلامب رئيس قسم الأبحاث في شركة جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن قطاع العقارات الإماراتي يدخل حالياً في مرحلة انتقالية مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث تحاول الأطراف المعنية الرئيسية فك شفرة التأثيرات التي سيتمخض عنها تطبيق هذه الضريبة في الوقت الحالي وعلى المدى الطويل، وعلى الرغم من عدم سريان ضريبة القيمة المضافة على الإيجارات السكنية ومبيعات العقارات السكنية الجديدة، فهناك قطاعات عقارية أخرى قد تتأثر سلباً بزيادة التكاليف وارتفاع تحديات التدفقات النقدية». ويذكر أن أغلبية مبيعات قطاع الوحدات السكنية كانت تتركز في قطاع البيع على الخريطة؛ حيث يقدم المطورون العقاريون أسعاراً وخطط سداد مغرية للغاية. فقد شهد عام 2017 بيع 25.6 ألف وحدة سكنية على الخريطة في دبي، ما يضع عام 2017 على الطريق نحو تسجيل أعلى مستويات للبيع على الخريطة في دبي منذ عام 2008.
وبين التقرير أنه في الوقت الذي لا تزال مستويات المعروض المستقبلي في أبوظبي محدودة، تشير التكهنات إلى زيادة مستوى المعروض المحتمل دخوله إلى سوق دبي في عام 2018 و2019.
ولفت إلى أنه قد يؤدي اكتمال جميع المشروعات المقترحة إلى إمكانية زيادة العرض عن المطلوب في بعض قطاعات السوق غير أنه من المستبعد أن يتم استكمال جميع هذه المشروعات خلال هذه الفترة، حيث كشف تحليل أجرته شركة جيه إل إل أن نسبة الوحدات السكنية التي اكتمل العمل بها في دبي خلال السنوات الخمس الأخيرة لا تزيد على 40 في المائة من إجمالي المعروض المقترح.
ويتوقع التقرير أن تسجل إمارة دبي معدل نمو أسرع من متوسط النمو على مستوى الدولة بالكامل في عام 2018، ويعود ذلك جزئياً إلى زيادة إنفاق حكومة دبي عن الحد المعلن في ميزانية عام 2018 بنسبة 20 في المائة، والتي تصب في معظمها في مشروعات البنية التحتية والمشروعات المتعلقة باستضافة معرض إكسبو 2020.
المعروض: بلغ إجمالي المساحات الإدارية القابلة للتأجير في دبي 8.86 مليون متر مربع حتى الربع الرابع من عام 2017، ومن المتوقع أن يصل المعروض المستقبلي من المساحات الإدارية في دبي إلى 9.13 مليون متر مربع و9.28 مليون متر مربع في نهاية عامي 2018 و2019 على التوالي.
على الرغم من التحديات الكثيرة التي شهدها العام، نجحت بعض المباني في تحقيق نتائج إيجابية من حيث الإيجار في عام 2017، وتتمتع مدينتا دبي للإنترنت ودبي للإعلام بمعدلات إشغال من أعلى المعدلات في مدينة دبي بمتوسط 95 في المائة على مستوى جميع المباني، وهو ما يوضح عدم وجود مشاريع تطوير تهدف للمضاربة ويؤكد على نجاح تيكوم في الاحتفاظ بالمستأجرين.
المعروض: لم يشهد قطاع المساحات الإدارية اكتمال أي من المشروعات في الربع الرابع من عام 2017، ليظل المعروض من المساحات الإدارية في أبوظبي مستقراً عند نحو 3.5 مليون متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية حتى الربع الرابع لعام 2017. ومن المتوقع أن يسفر اكتمال العمل في المشروعات المستقبلية عن تسليم نحو 211 ألف متر مربع و57 ألف متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية في عامي 2018 و2019 على الترتيب.
وصلت الشواغر في قطاع المساحات الإدارية بأبوظبي إلى 22 في المائة في الربع الرابع لعام 2017، لتقف مستقرة عند هذه النسبة طوال هذا الربع. وظلت إيجارات المساحات الإدارية مستقرة بوجه عام خلال عام 2017 سواء بالنسبة لمباني «الدرجة أ» أو مباني «الدرجة ب»، ولكن دخول مساحات جديدة إلى السوق يعني احتمالية انخفاض الإيجارات في ظل زيادة المنافسة.
ملخص سوق المساحات الإدارية في الشارقة يُعد الطلب على المساحات الإدارية في الشارقة محدوداً نظراً لمجموعة من العوامل من بينها عدم كفاية مساحات انتظار السيارات، والازدحام المروري في الأماكن الرئيسية في المدينة، وعدم تطور منظومة النقل العام، وعدم وجود منطقة أعمال واضحة المعالم واحتدام المنافسة مع دبي. ويظل المعوق الأكبر لتطور هذا القطاع انخفاض نسبة الوظائف الإدارية داخل القاعدة الاقتصادية في الشارقة (التي يغلب عليها الطابع الصناعي مقارنة بالإمارات الأخرى)، وهو أمر لن يشهد تغييراً كبيراً على المدى القصير.
المعروض: يقدر إجمالي المساحة الإدارية الحالية في الشارقة بنحو 111 ألف متر مربع في الربع الثالث من 2017، ويقع معظمها في المناطق الداخلية. ويجري الآن العمل على إنشاء عدد قليل نسبياً من المباني الإدارية الجديدة حيث تبلغ مساحة المشروعات الجارية والمنتظر إنجازها في العام الجاري والمقبل أقل من 150 ألف متر مربع وبعضها يجري تطويره لصالح هيئات حكومية.
تراجعت إيجارات المساحات الإدارية في إمارة الشارقة في 2017 في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي ومحدودية الطلب على هذا القطاع؛ حيث سجلت إيجارات مباني الدرجة أ والدرجة بـالتي تراقبها شركة جيه إل إل انخفاضا بنسبة 17 في المائة على مدار العام وحتى الربع الثالث من عام 2017 ليبلغ متوسط الإيجارات 564 درهما (153 دولارا) للعام لكل متر مربع، مع توقع حدوث انخفاضات جديدة في عام 2018 نتيجة مواصلة الشركات سياستها في خفض التكاليف.
المعروض: قد يشهد السوق بحلول عام 2020 دخول إجمالي 570 ألف وحدة جديدة بما يمثل متوسط زيادة سنوية قدره 8 في المائة، ووفقاً لتقارير مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس، فمن المتوقع أن يرتفع عدد سكان دبي بمعدل 3 في المائة سنوياً، وهو ما يشي بالتأكيد بأن معدلات استيعاب السوق ستكون أقل من مستويات المعروض الجديد مما قد يؤدي إلى عدم شغل عدد كبير من الوحدات السكنية.
ويقدر مخزون الوحدات السكنية في دبي بنحو 491 ألف وحدة سكنية بنهاية عام 2017، وتمثل الشقق أكثر من 80 في المائة من إجمالي المعروض أي نحو 403 آلاف وحدة، بينما بلغ عدد الفيلات 86 ألف وحدة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة دخول نحو 17 ألف شقة فاخرة إلى السوق في مطلع عام 2018 مع اقتراب اكتمال عدد من مشاريع التطوير السكنية.
الأداء: اجتذب سوق دبي السكني الكثير من الدورات من النمو (2001 - 2008)، إلى الانخفاض (2009 - 2011)، إلى الانتعاش (2012 - 2014)، إلى وضعه الحالي للهبوط الناعم. ويشير النشاط الأخير في السوق إلى أن الثقة قد عادت إلى كل من المستثمرين والمطورين، ولكن تجدر الإشارة إلى أن عدد عمليات الإطلاق الجديدة أقل عن مستويات الذروة في الفترة ما بين 2006 و2007 وأن حجم وقيمة المبيعات أقل من المستويات التي سجلت خلال 2013 و2014.
وانخفضت أسعار البيع والإيجارات على حد سواء خلال العام، ولكن معدل الانخفاض قد تباطأ خلال الربع الرابع، بمعدل 1.6 في المائة في جميع القطاعات، وبما أن السوق سيشهد زيادة في عدد الوحدات السكنية، فمن المتوقع أن تستمر الأسعار في التكيف (هبوطا) مع مستويات الإشغال التي تتبع اتجاها مماثلا لأن نمو العرض يفوق الطلب المحتمل.
المعروض: شهد عام 2017 تسليم 3 آلاف وحدة سكنية في أبوظبي، حيث شكلت الشقق 88 في المائة من المشاريع المكتملة ليصبح إجمالي مخزون الوحدات السكنية نحو 251 ألف وحدة سكنية، ومن بين المشروعات الرئيسية المسلمة.
ومن المتوقع دخول عدد محدود من الوحدات السكنية في المستقبل إلى السوق داخل جزيرة أبوظبي الرئيسية لتمثل الجزيرة نحو 57 في المائة من إجمالي المعروض من الوحدات السكنية في أبوظبي في 2020 مقارنة بنسبة 62 في المائة في عام 2017.
الأداء: شهدت أسعار بيع الشقق والفلل انخفاضات طفيفة خلال الربع الأخير من عام 2017 بينما ظلت مؤشرات الإيجارات ثابتة في هاتين الشريحتين السكنيتين. وقد تأثرت معنويات المستثمرين سلباً منذ عام 2014 مع بدء انخفاض أسعار النفط.
ومن المتوقع أن يضيف بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة في يناير (كانون الثاني) 2018 مزيداً من الحوافز للمشترين المحتملين في صورة خطط سداد أكثر سخاء مع تسليم العقارات، وهذا لأن لوائح ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تطبيقها على مبيعات الوحدات السكنية لا تفرض أي ضريبة على جميع المبيعات السكنية للمطورين خلال ثلاث سنوات من اكتمال المشروع؛ على أن تدفع ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5 في المائة على أي منزل يباع بعد انقضاء مهلة السنوات الثلاث.
المعروض: أدى الازدحام في الأحياء السكنية القديمة الواقعة في غرب الإمارة على طول الساحل وتطوير تجمعات سكنية جديدة إلى انتقال عدد كبير من السكان إلى الأجزاء الشرقية. ويعود التغيير الرئيسي في سوق الوحدات السكنية بالشارقة إلى التغييرات التي طرأت على قوانين تملك العقارات الصادرة في عام 2014 للسماح للوافدين من غير العرب بشراء عقارات في مشروعات مختارة. وأدى ذلك إلى وضع المخططات الرئيسية لعدد من التجمعات السكنية بغرض بيعها، وتمثل الشقق الغالبية العظمى من الوحدات السكنية في الشارقة بنسبة 89 في المائة بينما لا تمثل الفلل إلا 11 في المائة من مخزون الوحدات السكنية الحالي.
الأداء: ظل متوسط أسعار الشقق المبيعة في الشارقة على حاله دون تغيير تقريباً خلال عام 2017 عقب الانخفاض المشهود الذي ضربه في عام 2016، حيث لم تبلغ نسبة التغيير في أي قطاع حتى الربع الثالث من عام 2017 نسبة 1 في المائة، ومما ساعد على استقرار الأسعار الزيادة التي حدثت في حركة المبيعات نظراً لعرض وحدات للبيع في مجموعة من المشروعات الجديدة خلال هذا العام، وبعكس أسعار البيع، واصلت أسعار الإيجارات في الشارقة تراجعها بنسبة تتراوح بين 6 و10 في المائة، حتى الربع الثالث من عام 2017.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».