باريس: طهران لا تحترم قرار مجلس الأمن الصادر بعد الاتفاق النووي

مساعد وزير الخارجية الإيراني ينفي مفاوضات صاروخية بين طهران وأوروبا

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان يتحدث إلى منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرينيعلى هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أمس  (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان يتحدث إلى منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرينيعلى هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

باريس: طهران لا تحترم قرار مجلس الأمن الصادر بعد الاتفاق النووي

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان يتحدث إلى منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرينيعلى هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أمس  (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان يتحدث إلى منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرينيعلى هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أمس (إ.ب.أ)

اتهم وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان إيران أمس بعدم احترام قرار للأمم المتحدة الصادر بعد التوصل للاتفاق النووي، ويدعو طهران للامتناع عن أي عمل على الصواريخ الباليستية المصممة لحمل رؤوس حربية نووية.
وقال لودريان في كلمة لدى وصوله لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن وزراء التكتل وعددهم 28 سيجددون بواعث قلقهم بشأن أنشطة إيران في اليمن ولبنان وسوريا، والتي وصفها بأنها تزعزع الاستقرار.
وتابع لودريان أنه «ستتاح لنا الفرصة أيضا لتأكيد موقفنا الصارم من التزام إيران بقرار الأمم المتحدة رقم 2231 الذي يفرض قيودا على تطوير القدرات الباليستية والذي لا تحترمه إيران» بحسب ما نقلت عنه وكالة «رويترز».
وبموجب القرار الذي يكرس للاتفاق النووي الذي أبرم في 2015 بين طهران والقوى العالمية الست بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، فإن إيران «مطالبة» بالامتناع لمدة 8 سنوات عن العمل على الصواريخ الباليستية المصممة لحمل أسلحة نووية.
وتقول بعض الدول إن هذه الصياغة لا تجعل الطلب ملزما. وقالت إيران مرارا إن برنامجها الصاروخي دفاعي بحت، ونفت أن تكون الصواريخ مصممة لحمل رؤوس حربية نووية.
وقال لودريان أول من أمس الأحد إنه يريد السفر إلى إيران في مارس (آذار)، وإن فرنسا بدأت محادثات مع طهران لمناقشة برنامجها الصاروخي وأنشطتها في المنطقة.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمس إن الولايات المتحدة تعتزم إرسال فريق دبلوماسي إلى أوروبا لبحث الاتفاق النووي الإيراني، ومواجهة الأنشطة الإيرانية في الشرق الأوسط، وفق ما نقل عنه ممثل عن وكالات الأنباء بحسب «رويترز».
وأضاف تيلرسون، وفقا لمراسل أميركي كان مسافراً معه إلى لندن، أمس: «لدينا فريق مسافر بالفعل... هم قادمون إلى أوروبا». وتابع تيلرسون أن الفريق سيبحث «كيف يمكننا التصدي لهذه العيوب في الاتفاق النووي... ولكن أيضا كيف يتسنى لنا التعاون بصورة أكبر بشأن مواجهة الأنشطة الإيرانية التي لا علاقة لها بالبرنامج النووي. تتعلق مخاوفنا بصادراتهم من الأسلحة إلى اليمن وأماكن أخرى».
من جانبه، قال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أمس، في خطاب ألقاه أمام البرلمان الإسرائيلي، إن الولايات المتحدة «لن تسمح أبداً» لإيران بحيازة سلاح نووي، مضيفا أن «الاتفاق النووي مع إيران هو كارثة، والولايات المتحدة الأميركية لن تصادق بعد الآن على هذا الاتفاق الخاطئ»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتابع بنس: «ما لم يتم تصحيح الاتفاق النووي الإيراني، قال الرئيس ترمب إن الولايات المتحدة ستنسحب فورا من الاتفاق النووي الإيراني».
طالب الرئيس الأميركي في 12 يناير (كانون الثاني) باتفاق مع الأوروبيين «لسد الثغرات الفظيعة» في النص المخصص لمنع إيران من حيازة السلاح الذري، ويرى ترمب أنه لا يحل المسألة على المدى الطويل. وفي حال عدم تشديد الاتفاق، ستعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني، ما يوازي انسحابا بحكم الواقع من الاتفاق المبرم في فيينا في 2015 إلى جانب القوى الكبرى الأخرى (الصين، روسيا، فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة) مع إيران، يهدد بإعلان بموته».
لكن مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال أمس إن بلاده لن تتفاوض حول برنامج الصواريخ مع الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي.
ونفى عراقجي ما تداولته وسائل إعلام إيرانية أن تكون الخارجية الإيرانية بحثت مع ألمانيا وبريطانيا مفاوضات حول البرنامج الصاروخي الإيراني. كذلك نفى أن تكون طهران أجرت مفاوضات حول دورها الإقليمي قائلاً: «لا نتفاوض أساساً على هذا الصعيد».
وبشأن إمهال ترمب لحلفائه الأوروبيين فترة أربعة أشهر لفتح مفاوضات حول الملفين الصاروخي والإقليمي مع طهران قال عراقجي: «لم نشاهد هذا القدر من الخلافات بين أميركا وأوروبا».
وتوقع عراقجي أن تواجه بلاده تحديات جديدة في الشهور الأربعة المقبلة وأفاد: «لا يوجد إجماع منظم في أوروبا لكنهم لديهم فكرة واحدة إن قدموا امتيازات لترمب في موضوعات خارج الاتفاق النووي بإمكانهم إبقاءه في الاتفاق النووي». مضيفا أن الدول الأوروبية «دافعت عن الاتفاق النووي خلال العام الماضي ووقفت إلى جانب إيران ضد أميركا».
وصرح عراقجي خلال مشاركته في برنامج سياسي للإذاعة الإيرانية بأنه «خلال العام الأخير كانت مشاورات قريبة مع الأوروبيين. نحن لا نقول على أوروبا أن تختار بين أميركا وإيران بل حديثنا عن الاتفاق النووي». وأضاف أن «الأوروبيين يعرفون أن الخروج من الاتفاق النووي سيجعلهم يفقدون قيمتهم في المجتمع الدولي».
وذكر عراقجي أن «ترمب أخفق في مجلس الأمن لممارسة الضغوط على إيران في الملفين الصاروخي والاحتجاجات الأخيرة». وتابع في هذا الخصوص، أن الرئيس الأميركي حاول أن يعمل على تدمير الاتفاق النووي أو إصلاحه، وأراد في الخطوة الأولى أن يصعب الأوضاع لإيران حتى تغادر بنفسها من الاتفاق النووي، لكن في الخطوة التالية حاول إقناع الأوروبيين بالخروج من الاتفاق النووي، وبعد ذلك رمى الكرة في ملعب الكونغرس.
وفي سياق آخر، رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أمس التلميحات بإجراء محادثات بشأن أي من القضيتين. ونسبت وكالة «تسنيم» للأنباء إلى قاسمي قوله: «إذا كان هناك مثل هذا التصريح (من وزير الخارجية الفرنسي) بأننا أجرينا محادثات إننا ننفي ذلك. لم نجر مفاوضات بشأن قدراتنا الصاروخية والدفاعية، ولن نتحدث عن هاتين القضيتين مع آخرين».
وفي ظل تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن هذه آخر فرصة «لأسوأ اتفاق تم التفاوض عليه على الإطلاق» بدأت بريطانيا وفرنسا محادثات بشأن خطة لإرضائه بتناول تجارب إيران الصاروخية الباليستية ونفوذها في المنطقة مع الحفاظ على الاتفاق النووي.
وقال قاسمي إن «وزير الخارجية الفرنسي ليس على دراية بعد بالمجتمع الإيراني. أثبتت إيران أنها لن تغير المسار تحت ضغط».
وأضاف قاسمي: «ينبغي أن نناقش حتما تأثير إيران في المنطقة لأنه تأثير إيجابي والكل انتفع منه. لو لم يكن هناك تأثير لإيران لكان الإرهابيون سيطروا على دمشق وبغداد».
إلى ذلك، قال ضابط كبير في البحرية الإيرانية إن طائرات إيرانية وجهت تحذيرا «لسفينتين للتحالف» خلال تدريب عسكري قبالة ساحل جنوب شرقي البلاد في أحدث مواجهة بين قوات إيرانية وغربية تنفذ دوريات في الخليج.
ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء عن الأميرال محمود موسوي المتحدث باسم التدريبات العسكرية قوله إن السفينتين اقتربتا من منطقة التدريبات في وقت مبكر من صباح أمس الاثنين لمراقبة السفن الإيرانية.
ونقلت الوكالة عنه: «تعرفت طائرات إيرانية من دون طيار على السفينتين ثم حلقت طائرات إيرانية فوقهما ووجهت لهما تحذيرا. وغادرت السفينتان المنطقة».
وبدأ الجيش الإيراني تدريبات أمس تستمر يومين بمشاركة قوات برية وبحرية وجوية في جنوب وجنوب شرقي البلاد قرب ساحل مكران ومناطق أخرى في خليج عمان.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».