معركة عفرين تمتد إلى الحسكة

تمددت عملية «غصن الزيتون» التي تنفذها القوات التركية، لتشمل مناطق في الحسكة، حيث نقاط تماس بين الطرفين المتصارعين. وعلى وقع المواجهات، طالبت «قوات سوريا الديمقراطية» التحالف الدولي بقيادة واشنطن بـ«الاضطلاع بمسؤولياته» إزاء ما يحصل في عفرين، وأعلنت أنها تدرس إمكانية إرسال تعزيزات إلى المدينة.
وتحدث مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، عن «مواجهات عنيفة مستمرة في المدينة بين (قوات سوريا الديمقراطية) من جانب، ومقاتلي فصائل المعارضة والقوات التركية من جانب آخر»، لافتا إلى أنها تتخذ شكل «عمليات كر وفر وتجري على طول الشريط الحدودي بين تركيا وعفرين». ووصف «المرصد» الاشتباكات بـ«الأعنف» منذ بدء تركيا عملية «غصن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، مشيرا إلى تمكن القوات التركية من «تحقيق تقدم في المنطقة والسيطرة على تلة شيخ خورز في الريف الشمالي لعفرين على الحدود الشمالية مع تركيا بعد سيطرتها على هضبة برصايا». وكان «المرصد» أفاد بـ«هجمات معاكسة وعنيفة بدأتها (قوات سوريا الديمقراطية» بهدف استعادة السيطرة على المواقع التي تقدمت إليها قوات عملية «غصن الزيتون»، ما مكنها من «تحقيق تقدم واستعادة السيطرة على قريتي شنكال وآدملي في شمال وغرب عفرين». وفي حصيلة أولى لمعارك عفرين، أعلن «المرصد» عن مقتل 54 عنصرا من الفصائل المعارضة القريبة من أنقرة والمقاتلين الأكراد خلال 3 أيام، لافتا إلى أن من بينهم 19 من فصائل المعارضة مقابل 29 من «الوحدات» الكردية. كما أفاد «المرصد» بوجود جثث لتسعة مقاتلين آخرين «مجهولي الهوية».
وتمددت الاشتباكات بين الطرفين أمس من عفرين إلى مناطق في محافظة الحسكة الواقعة شمال شرقي سوريا. وقالت مصادر قيادية كردية لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات تركية قصفت أمس منطقة رأس العين - درباسة، فيما تحدث المستشار في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي سيهانوك ديبو لوكالة الأنباء الألمانية عن «اشتباكات متقطعة بين (وحدات الحماية) الكردية والجيش التركي حصلت في منطقتي رأس العين والمالكية، حيث تعرضت مواقع (وحدات الحماية) في قرية خراب رشك في منطقة المثلث الحدودي السوري - التركي – العراقي، لقصف من المدفعية التركية». واستبعدت مصادر كردية تماما أن تتمدد المواجهات من عفرين إلى مناطق أخرى، مرجحة أن يكون ما حصل في الحسكة «محصورا في مكانه وزمانه، وحتى وإن تكرر، فهو لن يتخذ الشكل الذي يتخذه الصراع في عفرين».
وتزامنت التطورات الميدانية في عفرين والحسكة مع إعلان روسيا أمس أنها وجهت دعوة إلى ممثلين أكراد للمشاركة في مؤتمر في «سوتشي» المزمع عقده نهاية الشهر. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «ممثلين أكرادا على لائحة السوريين المدعوين للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي ينعقد في سوتشي الأسبوع المقبل».
وسارعت الخارجية التركية للرد على الإعلان الروسي بتأكيدها رفض مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في المؤتمر. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن مصادر في الخارجية التركية قولها: «أكدنا مجدداً رفضنا القاطع لمشاركة تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي - حزب العمال الكردستاني، ومن يمت إليه بصلة، في مؤتمر الحوار الوطني السوري بمدينة سوتشي الروسية».
ورغم عدم تحديد الجانب الروسي الجهة الكردية التي ستوجه إليها الدعوة، رجحت مصادر كردية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تتم دعوة «المجلس الوطني الكردي» الذي يشكل جزءا من الائتلاف السوري المعارض، مستبعدة أن تشمل الدعوة حزب الاتحاد الديمقراطي، خصوصا في ظل ما يحصل في عفرين. وقالت الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد إن «(سوتشي) مجرد لعبة لذر الرماد في العيون»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «كان للروس منذ البداية تصريحات حول حثهم على مشاركة الأكراد في محادثات جنيف وأخيرا سوتشي، لكن يبقى ذلك ضمن إطار التصريحات فقط ولا يوجد دعوة موجهة لنا». وأضافت: «أصلا الأكراد لا يرون حلا في (سوتشي) ولا يعلقون آمالا عليه».
من جهتها، رفضت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي عائشة حسو إعطاء أي موقف بخصوص «سوتشي» وقالت: «هناك طائرات تركية تقصف عفرين وكتائب الإرهاب التي تقتل وتدمر المدينة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أي قضية أخرى غير القتل والقصف الإرهابي المستمر على عفرين». وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «فلتتوقف الحرب لنناقش بعدها الأمور».
وكانت قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» حثّت التحالف الدولي بقيادة واشنطن على «الاضطلاع بمسؤولياته» بعد الهجوم التركي على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا. وقال المتحدث الرسمي كينو غابرييل في بيان تلاه خلال مؤتمر صحافي عقدته قيادة هذه القوات في مدينة عين عيسى (شرق)، إن «(قوات سوريا الديمقراطية) تدرس إمكانية إرسال تعزيزات إلى عفرين في شمال غربي سوريا»، وهو ما عدّه رامي عبد الرحمن في تعليق لـ«الشرق الأوسط»: «صعبا جدا؛ لا بل مستحيلا إذا لم يتم بالتنسيق والتعاون مع قوات النظام السوري»، باعتبار أنه سيتطلب المرور عبر مناطق قرب حلب تسيطر عليها القوات التابعة للحكومة السورية.
بالمقابل، أعرب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» عن دعمه ومساندته الحملة التي يساهم فيها ما سماه «الجيش الوطني السوري»، الذي يضم «فصائل الثورة السورية بإشراف الحكومة السورية المؤقتة، لتحرير عدد من مدن وبلدات الشمال السوري من سيطرة القوى الإرهابية، بالتعاون والتنسيق مع الدولة التركية، وبإسناد جوي منها».