قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الهدف من مؤتمر الحوار السوري في سوتشي ضمان أقصى درجات الفعالية لعملية المفاوضات في جنيف، وذلك في مستهل محادثات مع وفد «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة برئاسة نصر الحريري الذي وصل أمس.
ويتوقع أن يجتمع الحريري مع ممثلين لوزارة الدفاع والاستخبارات العسكرية الروسية وقيادات مسيحية وإسلامية، ضمن زيارة ترمي إلى تحديد موقف المعارضة من حضور مؤتمر سوتشي.
وفي مستهل المحادثة، أكد لافروف لوفد المعارضة «التزام روسيا التام بكل مبادئ وقرارات الأمم المتحدة» حول الأزمة السورية والقرار 2254. وعبر عن دعم روسيا لجهود المملكة العربية السعودية في مجال تشكيل وفد موحد باسم المعارضة السورية. وفي حديثه عن مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، أعرب عن أمله بأن تساعد الأطراف التي لها تأثير على القوى السورية في ضمان مشاركة سورية شاملة في المؤتمر، وعاد وطمأن وفد المعارضة بأن «الهدف الرئيسي لمؤتمر سوتشي هو ضمان أقصى درجات الفعالية لعملية مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة»، لافتا إلى أنه تم وضع قائمة المشاركين بحيث تضم ممثلين عن جميع فئات المجتمع السوري من الحكومة والمعارضة. وقال إن روسيا تشعر بالقلق إزاء الوضع في الغوطة الشرقية وإدلب، ولفت في هذا السياق إلى «قصف مستمر من منطقة خفض التصعيد في الغوطة على مدينة دمشق بما في ذلك السفارة الروسية».
من جانبه، قال الحريري إن «المعارضة السورية لم تكن الطرف الذي عرقل سير الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف»، وأكد أن الوفد سيشارك في الجولة القادمة المرتقبة يومي 25 - 26 يناير (كانون الثاني) الجاري، وعبر عن أمله بأن تجري الجولة القادمة ضمن أجواء تسمح ببدء عملية تفاوضية حقيقية، وأن «تلعب روسيا دورا رئيسيا، نظراً لكونها عضوة في مجلس الأمن الدولي، ولأنها واحدة من الدول الرئيسية في المجموعة الدولية لدعم سوريا، وكذلك نظراً لتأثيرها الكبير على الطرف الثاني، أي النظام السوري»، حسب قوله.
وكان الوفد أجرى أمس محادثات مع السيناتور كونسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد، الذي زعم خلال محادثاته مع الحريري والوفد المرافق أن روسيا لا تقف إلى جانب أي من أطراف النزاع الداخلي السوري، وأنها تركز على مسألة القضاء على البؤر الإرهابية وتحترم سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وجاءت زيارة الوفد التفاوضي إلى موسكو في سياق جولة دولية وإقليمية يجريها قبل الجولة القادمة من المفاوضات في جنيف.
وفي وقت سابق، حمل لافروف الولايات المتحدة مسؤولية الوضع في عفرين. وفي إشارة منه إلى ما تقول موسكو إنها ممارسات أميركية أثارت غضب تركيا ودفعتها لتنفيذ عملية عسكرية في تلك المدينة، اتهم لافروف الولايات المتحدة بأنها تسعى لتأسيس أجهزة سلطة بديلة على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية، وأدان هذا العمل وعده «إما عدم فهم للوضع أو استفزاز متعمد». وقال إنه رغم نفي الأميركيين الأمر لاحقا، إلا أنهم ما زالوا يواصلون العمل لفرض السيطرة على الحدود السورية مع تركيا والعراق، واعتبر أن هذه الممارسات تمثل تدخلا في الشأن الداخلي السوري. واتهم الأميركيين كذلك بتعزيز الميول الانفصالية لدى الأكراد، وحثهم على عدم الحوار مع دمشق، ورأى أن واشنطن بهذا الشكل «تتجاهل حساسية المسألة الكردية وأبعادها الإقليمية». وأكد في سياق متصل على ضرورة مشاركة الأكراد في عملية التسوية السياسية، وقال إنه تم إدراج ممثلين عنهم على قائمة المدعوين للمشاركة في مؤتمر الحوار السوري في سوتشي.
وانتقد لافروف الدعوة الفرنسية لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث العملية العسكرية التركية في عفرين، والوضع الإنساني في الغوطة الشرقية ومحافظة إدلب، واتهم فرنسا بالانحياز، واتهم الشركاء الغربيين بأنهم «يحاولون تضخيم جو فاضح حول الوضع في الغوطة الشرقية وإدلب»، محاولاً تبرير ما يجري بوجود مجموعات مقربة من «جبهة النصرة»، في تلك المناطق، وكرر اتهامه للولايات المتحدة بأنها تتعامل مع «جبهة النصرة» برفق، وتحافظ عليها لتغيير النظام بموجب «الخطة ب»، مشددا على أن «هذا أمر نرفضه تماماً وسنتصدى بحزم لتلك المحاولات».
إلى ذلك، أكد دميتري بسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين أمس أن «التحضيرات، وبحث المسائل المتصلة بالاستعدادات لمؤتمر سوتشي تجري مع جميع الأطراف المعنية».
وفي إجابته على سؤال حول احتمال تأثير الوضع في عفرين على المؤتمر قال: «لا يوجد لدي أي شيء أقوله في هذا الشأن». وبحث ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي المؤتمر مع سفير النظام في موسكو رياض حداد. وأعلنت مصر والعراق عن تسلمهما دعوات إلى المؤتمر. بينما تبقى مسألة المشاركة الكردية في المؤتمر، لا سيما بعد تدهور الوضع في عفرين، عقبة رئيسية تهدد انعقاده. وأكد رودي عثمان ممثل الأكراد السوريين في روسيا، عدم تسلمهم دعوة حتى الآن. وفي تعليقه أمس على تصريحات لافروف بشأن إدراج الأكراد على قائمة المشاركين في سوتشي، قال رودي: «أولا نحن لا نعرف مثل هؤلاء الأكراد، ولا نعلم من الذي تسلم الدعوة»، وأضاف: «كنا دوما نقدر بإيجابية الجهود الروسية، لكننا في هذه اللحظة لا نرى معنى بالمشاركة في مؤتمر سوتشي. تدور حرب الآن والأهم بالنسبة لنا هو أن ندافع»، وأشار إلى أن «الأكراد رحبوا في البداية بالمؤتمر عندما كان اسمه «مؤتمر شعوب سوريا»، لكن بعد تغيير اسمه على خلفية اعتراضات تركية وإيرانية، أدركنا أنه لا توجد في هذا المؤتمر أسس للتسوية السياسية». وأخيرا قال إن الأكراد «لا ينظرون إلى تركيا حاليا بصفتها طرفا ضامنا لوقف إطلاق النار، ولا نريد الجلوس معها خلف طاولة واحدة».
إلى ذلك، دعا برلمانيون روس إلى إطلاق محادثات رباعية تضم النظام السوري إلى جانب الدول الضامنة، لبحث الوضع في عفرين. وتعرضت روسيا لحملة انتقادات منذ إطلاق الأتراك عملية «غصن الزيتون» شمال سوريا، واتهمها الأكراد بأنها تخلت عنهم ونسقت مع الأتراك، وأنها اقترحت عليهم بلهجة إنذار نقل المناطق التي يسيطرون عليها لتصبح تحت سيطرة النظام.
وفي محاولة لتدارك هذا الموقف، واحتواء الوضع شمال سوريا، اقترح دميتري نوفيكوف، نائب رئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون العلاقات الدولية إطلاق محادثات ضمن صيغة رباعية روسية - تركية - إيرانية - والنظام السوري، لبحث الوضع في عفرين، وقال إن مؤتمر سوتشي قد يشكل ساحة مناسبة لعقد لقاء كهذا. وعبر ليونيد سلوتسكي رئيس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان عن دعمه لهذا الاقتراح.
من جانبه، قال فلاديمير شامانوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للدفاع والأمن، إن المحادثات الرباعية حول الوضع في عفرين من شأنها أن تجنب روسيا الاتهامات بأنها «تدفع للتصادم» بين مختلف الأطراف المشاركة في الأزمة السورية. وكذلك رحب بالفكرة أليكسي تشيبا، عضو لجنة الدوما للشؤون الدولية، وقال إن «هذا القرار صحيح، ومن الضروري حل هذه المسألة بسرعة»، وأضاف أن «هذه المشكلة نتيجة محاولات الولايات المتحدة تقسيم سوريا إلى عدة أجزاء».
وشدد على أهمية المحادثات الرباعية، لافتا إلى أن روسيا يمكنها أخذ زمام المبادرة لتنظيم هذا اللقاء.
لافروف للمعارضة السورية: «سوتشي» لضمان فعالية «جنيف»
أكراد سوريون يرفضون مؤتمر الحوار بسبب عفرين
لافروف للمعارضة السورية: «سوتشي» لضمان فعالية «جنيف»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة