هل حان الوقت للتوقف عن إصدار أحكام سريعة على اللاعبين والمدربين؟

مويز وهودجسون وويلشير وتشامبرلين... نماذج نجحت في التحدي وأكدت خطأ المنتقدين

تشامبرلين استعاد تألقه بعد الانضمام لليفربول (رويترز) - ويلشير أثبت أنه لاعب مهم لآرسنال ومنتخب إنجلترا (رويترز) -  هودجسون يكتب تاريخاً جديداً في مسيرته (رويترز)
تشامبرلين استعاد تألقه بعد الانضمام لليفربول (رويترز) - ويلشير أثبت أنه لاعب مهم لآرسنال ومنتخب إنجلترا (رويترز) - هودجسون يكتب تاريخاً جديداً في مسيرته (رويترز)
TT

هل حان الوقت للتوقف عن إصدار أحكام سريعة على اللاعبين والمدربين؟

تشامبرلين استعاد تألقه بعد الانضمام لليفربول (رويترز) - ويلشير أثبت أنه لاعب مهم لآرسنال ومنتخب إنجلترا (رويترز) -  هودجسون يكتب تاريخاً جديداً في مسيرته (رويترز)
تشامبرلين استعاد تألقه بعد الانضمام لليفربول (رويترز) - ويلشير أثبت أنه لاعب مهم لآرسنال ومنتخب إنجلترا (رويترز) - هودجسون يكتب تاريخاً جديداً في مسيرته (رويترز)

من الممكن أن تصبح كرة القدم صناعة غير متسامحة على الإطلاق أمام أي شخص يعاني الفشل. وكثيراً ما تتعرض عناصر من داخل صناعة كرة القدم للحكم المبكر عليها بالإخفاق، أو أن أيام مجدها ولّت إلى غير رجعة، لكننا نشهد هذا الموسم على وجه التحديد ظاهرة إبداء عدد من المدربين واللاعبين مقاومة شرسة لمثل هذه الأحكام، ومحاولاتهم بدأب إخراس منتقديهم.
وإذا كنا نشعر بالسعادة عندما نسارع إلى التنديد بمن يتعثرون في طريقهم، فإنه يتعين علينا أن نغدق عليهم الإشادة والثناء عندما ينجحون. والآن، دعونا نبدأ بالمدربين، وسنطرح بضعة أمثلة لأسماء جديرة بالثناء عليها، لتحديها التوقعات على امتداد الشهور القليلة الماضية.
1- ديفيد مويز: منذ رحيله عن «إيفرتون»، جابه مويز صعوبات جمة في مسيرته في مجال التدريب. وقد تولى خلافة أنجح مدرب في تاريخ كرة القدم الإنجليزية (سير أليكس فيرغسون) وسيكون بخساً لحقه الزعم أنه أخفق في مهمته داخل «مانشستر يونايتد». وأعقب ذلك انتقاله إلى إسبانيا، حيث واجه صعوبة في التكيف مع اللغة، الأمر الذي تمخض أحياناً عن مواقف مأساوية بنكهة كوميدية، وأخفق نتيجةً لذلك في توصيل رسالته إلى لاعبي ريال سوسيداد.
بعد ذلك، جاء دور سندرلاند، ولا يتعين على المرء هنا سوى النظر إلى قاع جدول ترتيب أندية دوري الدرجة الأولى لإدراك أن مشكلات هذا الفريق أعمق كثيراً مما يمكن لرجل واحد مثل مويز إصلاحها.
وعندما قرر مجلس إدارة «وستهام يونايتد» خوض مخاطرة الاستعانة بمويز، قوبل قرارهم بسخرية واسعة. إلا أن أصوات السخرية والاستهجان خفتت تدريجياً على امتداد الشهور القليلة الماضية. وجدير بالذكر أن الفريق كان في منطقة الهبوط عندما انضم مويز إلى النادي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، مع حصولهم على 9 نقاط فقط من أول 11 مباراة لهم خلال الموسم. اليوم، يحتل الفريق المركز الـ11 على مستوى أندية الدوري الممتاز، على بُعد نقطة واحدة فحسب عن النصف الأعلى من الجدول، وذلك بعدما نجح في تحسين أدائه على نحو لافت على صعيد الهجوم والدفاع.
وقد سجل الفريق 18 هدفاً على امتداد 12 مباراة خاضها تحت قيادة مويز -معدل لم تتفوق عليه سوى الأندية الستة الأولى على مستوى الدوري الممتاز- في الوقت الذي يبدو الفريق صلباً للغاية في خط الدفاع. واللافت أن «وستهام يونايتد» نجح في الفوز على «تشيلسي» والتعادل أمام «آرسنال» و«توتنهام هوتسيبر»، ولم يتعرض لهزيمة واحدة على امتداد المباريات الخمس التي خاضها منذ أعياد الميلاد. الحقيقة أن مويز يستحق إشادة كبيرة لنجاحه في دفع اللاعبين الذين كان مستواهم متراجعاً تحت قيادة سلافين بيليتش، لتقديم أفضل ما لديهم.
2- روي هودجسون: ربما سيظل عالقاً في ذاكرة الجميع باعتباره مدرب المنتخب الإنجليزي الذي خرج من «البطولة الأوروبية» على يد آيسلندا المبتدئة. ومع هذا، لا تزال ثمة فرصة أمام روي هودجسون ليعيد كتابة السطور الخاصة به في كتاب تاريخ نادي صباه باعتباره المنقذ والمخلص. المعروف أن «كريستال بالاس» كان في حالة مزرية عندما تولى هودجسون مسؤولية تدريبه في سبتمبر (أيلول)، وظل الحال كذلك خلال المباريات الأولى للفريق تحت قيادته، عندما بدا أنه ليس هناك أمل أمام «كريستال بالاس». وبعد خوض 7 مباريات من الموسم الجديد، كان الفريق دون هدف واحد أو نقطة واحدة، وبدا هبوطه أمراً حتمياً.
إلا أنه منذ أكتوبر (تشرين الأول) -عندما تمكن المدرب السابق للمنتخب الإنجليزي من استغلال العطلة الدولية على النحو الأمثل والعمل مع لاعبيه- نجح «كريستال بالاس» في تحقيق قفزة لافتة في أدائه ونتائجه. وتمثَّل العامل المحوري هنا في عودة ويلفريد زاها للتألق، لكن يبقى المدرب مستحقاً للإشادة لنجاحه في إنقاذ ما بدت أنها قضية خاسرة. جدير بالذكر أن زاها خسر مباراة واحدة من إجمالي المباريات الـ12 الأخيرة التي خاضها -إنجاز لا يتفوق عليه خلال الفترة الزمنية نفسها سوى «ليفربول». وجاءت تلك الهزيمة الوحيدة أمام «آرسنال» الذي واجهه «كريستال بالاس» السبت. باختصار، يبدو النجاح اليوم حليفاً مؤكداً للاعبي «كريستال بالاس» في مستواهم الراهن بقيادة هودجسون.
3- جاك ويلشير: من الأشخاص الذين تمكنوا في وقف صعود «كريستال بالاس» في جدول أندية الدوري الممتاز خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي، لقد أسهم ويلشير في فوز «آرسنال» الكبير في مرمى الفريق الذي صمد كثيراً في الفترة الأخيرة. المعروف أن ويلشير عانى من الإصابات خلال ديسمبر (كانون الأول)، ومع هذا شارك في التشكيل الأساسي لفريقه للمباراة السابعة على التوالي في الدوري الممتاز، وشارك في جميع مباريات «آرسنال» خلال الشهر الماضي.
جدير بالذكر أن ويلشير لا يزال في الـ26 من عمره، وقد عاد من آخر فترة غياب له بلياقة بدنية أعلى ومستوى أداء أفضل، الأمر الذي أوعز إليه باتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين. وعلى امتداد 18 مشاركة له في الدوري والدوري الأوروبي هذا الموسم، نجح ويلشير في تسجيل هدفين وساعد في تسجيل 3 أخرى، وأبرز مهارته في التحكم في الكرة 53 مرة، ما يعد معدلاً مبهراً. والمؤكد أن غاريث ساوثغيت، مدرب إنجلترا، يأمل في أن يحافظ اللاعب على هذا المستوى من اللياقة والأداء خلال الفترة السابقة لانطلاق بطولة كأس العالم في يونيو (حزيران) المقبل.
4- أليكس أوكسليد تشامبرلين: لاعب آخر يأمل في شق طريقه نحو المنتخب الإنجليزي، وربما يضطر إلى الدخول في منافسة مع زميله السابق في «آرسنال» ويلشير، لضمان مكان له في كأس العالم. ومثلما الحال مع لاعبين إنجليز آخرين شباب ضمتهم أندية كبرى مقابل مبالغ لا تُذكر، يبدو أن تشامبرلين عانى من ثقافة عجيبة أبدى في إطارها البعض رغبته في رؤية اللاعبين الواعدين يفشلون.
الملاحَظ أن تشامبرلين استغرق بعض الوقت للتكيف مع ناديه الجديد ليفربول. وخلال أول 7 مشاركات له مع ليفربول، نجح الفريق في تحقيق فوز واحد فحسب، وتعرض اللاعب نتيجة ذلك لقدرٍ من اللوم يفوق نصيبه من المسؤولية بكثير، خصوصاً أن معظم مشاركاته جاءت كبديل.
ومع ذلك، من الواضح أن اللاعب استعاد ثقته بنفسه منذ تسجيله هدفاً في فريق ماريبور بدوري الأبطال.
وقد سجل هدفاً وساعد في هدف آخر في الانتصار الذي حققه ليفربول في مباراته أمام مانشستر سيتي 4- 3 الأسبوع الماضي. وقد اختارته الـ«غارديان» كأفضل لاعب في المباراة بحصوله على 8.95 درجة عن أدائه. كما نال الجائزة ذاتها عن مشاركته في «ديربي ميرسيسايد» أمام «إيفرتون» قبل ذلك بأسبوع. يذكر أن تشامبرلين لا يزال في الـ24 من عمره، ويبدو أنه نجح بالفعل في اجتذاب إعجاب جماهير «ليفربول» وبإمكانه تحقيق الأمر نفسه مع ساوثغيت، مدرب المنتخب الإنجليزي.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».