جوائز «جمعية الممثلين» تشي بمن سيفوز بالأوسكار

أيام «الشرق الأوسط» في «مهرجان صندانس» السينمائي (3): أفلام السير الذاتية يتقدمها فيلمان لإيثان هوك وروبرت إيفريت‬

روبرت إيفيرت في «الأمير السعيد»
روبرت إيفيرت في «الأمير السعيد»
TT

جوائز «جمعية الممثلين» تشي بمن سيفوز بالأوسكار

روبرت إيفيرت في «الأمير السعيد»
روبرت إيفيرت في «الأمير السعيد»

هل نقول مبروك لفرنسيس مكدورمند على أوسكارها الثاني عن دورها في «ثلاث لوحات خارج إيبينغ - ميسوري» قبل معرفة الترشيحات الرسمية لجوائز الأوسكار؛ أم إن هناك مفاجآت مقبلة قد تضع الجائزة السنوية لأفضل ممثلة في دور رئيسي في يدي نجمة أخرى؟‬
مساء الأحد الماضي، وبينما كان سينمائيو مهرجان «صندانس» يتابعون أفلامه المتعددة، تابع المجتمع السينمائي في لوس أنجليس حفل توزيع جوائز «جمعية الممثلين الأميركية»، (المعروفة بـSAG)، التي أقيمت في دورتها الرابعة والعشرين وحضرها جمع كبير من الممثلين. إنه حفل الممثلين أنفسهم. وأهميتها أن النسبة الغالبة من أعضاء هذه الجمعية أعضاء في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، موزعة الأوسكار، وعليه، فإن من يفوز هنا... قد يفوز؛ بل من المرجح جداً أن يفوز هناك.‬
وفرنسيس مكدورمند، التي لعبت دور الأم المنكوبة مرتين؛ مرّة بموت ابنتها، ومرة بفشل البوليس في معرفة الجاني، خرجت بجائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي، مما يعد تمهيداً لفوزها المقبل في حفل الأوسكار، وهي التي سبق لها أن فازت به سنة 1997 عن دورها في فيلم «فارغو».‬

جوائز الممثلين‬
نتائج «ساغ» و«الأوسكار» السابقة تؤكد أن من يفوز بالأولى يفوز بالثانية غالباً. ولو عدنا لنتائج السنوات الثلاث الأخيرة فقط، لتبين لنا ذلك بوضوح شديد:
> في عام 2015 فاز إيدي ردماين بجائزة الجمعية عن دوره في «نظرية كل شيء»، وفازت جوليان مور عن دورها في «ما زلت أليس». في «أوسكار» العام ذاته فازا أيضاً بجائزتي أوسكار.‬
> في عام 2016 ذهبت جائزة الجمعية لـ«أفضل ممثل» إلى ليوناردو ديكابريو عن دوره في «المنبعث»، وهو فاز بعد ذلك بالأوسكار عن دوره في الفيلم ذاته. نسائيا شاركته بري لارسون النقلة من «ساغ» إلى الأوسكار عن دورها في «غرفة».‬
> الاختلاف الوحيد خلال هذه الفترة طرأ في العام الماضي: إيما ستون فازت بالجائزتين عن دورها في «لالا لاند»، لكن دنزل واشنطن هو من فاز بجائزة «الجمعية» عن دوره في «حواجز» بينما فاز كايسي أفلك بالأوسكار عن دوره في «مانشستر على البحر».‬
هذا العام فازت مكدورمند بجائزة أفضل ممثلة في «جائزة جمعية الممثلين»، مقابل خسارة جودي دنش وسالي هوكينز ومارغوت روبي وسواريس رونان، كل عن دور لائق في فيلم آخر («فكتوريا وعبدل» و«شكل الماء» و«أنا تونيا» و«لايدي بيرد») على التوالي.‬
على صعيد الممثلين، فاز بجائزة «الجمعية» غاري أولدمان عن دوره في «أحلك الساعات» علاوة على منافسيه دنزل واشنطن (عن «رومان.ج. إزرائيل») ودانيال كالويا («اخرج») وجيمس فرانكو («فنان الكارثة») وتيموثي شالامت («نادني باسمك»).‬
وإلى مكدورمند وأولدمان، فازت أليسون جيني عن دورها في «أنا تونيا» بجائزة الجمعية «أفضل ممثلة مساندة»، والمقابل الرجالي ذهب إلى سام روكوَل عن «ثلاث لوحات خارج إيبينغ - ميسوري». وهناك جائزة لا تدخل في نطاق جوائز الأوسكار بل تتميّز بها جوائز الجمعية، وهي جائزة «أفضل مجموعة ممثلين في فيلم واحد» وهذه ذهبت إلى كل ممثلي فيلم «ثلاث لوحات...» من بيتر دنكلايج إلى وودي هارلسون ومن آبي كورنيش إلى سامارا ويفينغ.‬
كل هذا ونحن نتابع أفلام «صندانس» المتوالية من العاشرة صباحاً إلى العاشرة ليلاً. تتداخل الأفلام في البال، لا يفصل الواحد عن الآخر سوى خط وهمي وبضع ملاحظات على برنامج العروض. بعض الأفلام لديها ما تفصح عنه على صعيد الممثلين ليس لجوائز الموسم الحالي، بل للموسم المقبل. وأحد هؤلاء الممثلين الذين قد نسمع عنهم في الأشهر المقبلة أو نقرأ أسماءهم في لوائح المتنافسين على جوائز العام المقبل، روبرت إيفيريت، الذي وجد، بعد عقود من العمل الخالية من جوائز رئيسية (ترشيحان فقط لـ«غولدن غلوبس»)، العمل الذي يحقق به حضوراً نوعياً قد يثمر عن تعزيز مكانته النوعية.‬

عن وايلد وسواه‬
الممثل الذي لمع سنة 1984 في ما بين منتصف الثمانينات وحتى أواخر التسعينات، ثم انزوت أعماله من دون كثير بريق رغم كثرتها بعد ذلك، كتب ومثل وأخرج فيلما بيوغرافياً عن آخر أيام الكاتب أوسكار وايلد عنوانه: «الأمير السعيد».‬
الشخصية التي يجسدها الممثل تكاد تكون لازمة له في السنوات الأخيرة. في سنة 2002 ظهر في فيلم مأخوذ عن مسرحية للكاتب البريطاني أوسكار وايلد عنوانها: «أهمية أن تكون جدياً»، (The Importance of Being Earnest)، وبعد عشر سنوات قام ببطولة «قبلة جوداس» للكاتب المسرحي ديفيد هَر، تلك التي تناولت حقبة الكاتب البريطاني التي شملت ما عُدّت، في القرن التاسع عشر، بمثابة فضيحة مثلية.‬
في «الأمير السعيد» هناك أداء ممتاز وإخراج لا بأس به وكتابة أقل من شافية. إنه عن الأيام الأخيرة من حياة وايلد من زاويتي المحاكمة الشهيرة حول علاقته المثلية ومن زاوية علاقته بزوجته (إميلي واتسون التي تحتل هنا دوراً مسانداً تؤديه بقدرتها الفائقة على أداء أي دور لها بفاعلية رائعة).‬
ليس معروفاً أين الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال فيما يعرضه هذا الفيلم، وهذا المزج بات شأناً متكرراً منذ أن أقلعت أفلام السير الشخصية عن محاولة «فلترة» الأحداث والمفارقات وإتقان تجسيدها على النحو الذي وقعت عليه. أسوأ ما شاهدناه في هذا التجاوز الفاضح ورد في فيلم «هيتشكوك» لمخرجه ساشا جرفاسي قبل خمس سنوات وهلل له من هلل، معتبراً أنه فتح رائع من نوعه «يعرّي» أسطورة المخرج الفذ خلال عمله على فيلم «سايكو»، بينما الفيلم في واقعه مجموعة من الافتراضات غير المستندة إلى حقائق بمعالجة هدفها الإساءة وليس سرد حياة. «الأمير السعيد» لا يصل مطلقاً إلى هذا الدرك، لكنه موهبة روبرت إيفريت تتجلى في الأداء وفي حيثيات التنفيذ وتنجلي عن سيناريو لا أبعاد فعلية لأحداثه.‬
في «صندانس» أكثر من فيلم بيوغرافي؛ واحد منها عن المحامية غلوريا أولرد التي وقفت إلى جانب القضايا النسائية بحزم. هذا يرد في فيلم تسجيلي بعنوان: «رؤية أولرد» لصوفي سارتاين وروبرتا غروسمان والقاضية روث بادر غينزبيرغ في الفيلم التسجيلي الآخر «RBG» وثالث عن الممثلة جين فوندا («جين فوندا في خمسة فصول») من بين أخرى. لكن ما يستوقف المرء فيلم آخر من هذه الفصيلة عنوانه: «Blaze» ويدور حول حياة المغني بلايز فولي الذي عاصر عدداً من مغني الـ«كانتري أن وسترن» (أشهرهم ويلي نلسون) وكتب لهم أيضاً.‬
السيرة التي كتبها وأنتجها وقام بإخراجها (ولم يمثلها) إيثان هوك حانية، والتناول شفاف، ومعالجة الممثل، عادة هوك وافية في تعاملها مع أهم محطات كاتب لم تسعفه الشهرة؛ بل بقي بعيداً عنها بضع خطوات غارقاً في الشرب وإثارة المشكلات التي مات بسببها عندما أطلق النار عليه في عام 1989.
هوك يساند بطله ويمده بما يلزم لفهم شخصيته. السرد واضح، ولو أن المخرج يعتمد على أكثر من زاوية لسرد تلك الحياة. هناك زاوية عاطفية مبكرة في حياة بلايز ربطته مع فتاة اسمها «تاونز» تقوم بها عالية شوكت (والدها عراقي الأصل)، وأخرى مهنية يتابع فيها الفيلم صعودا وهبوطا، ثم حالة التأرجح لشخصيته الرئيسية. أما الدور الأول، فيذهب إلى بنجامين ديكي، ووجوده (بجسم مليء وأبوية حانية) يساعد رغبة هوك في تقديم عمل يختلف عما نراه عادة في أفلام روائية وتسجيلية تتصدى للسلبي فقط في حياة الفنانين. هو هنا ليقدم دراما تمنح الفنان ما يستحقه من دون إغفال دوره في إخفاقاته.‬



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».