الملك عبد الله الثاني يشدد على ضرورة بناء الثقة للمضي في حل الدولتين

التقى نائب الرئيس الأميركي وواشنطن تسعى للقاء بينه وبين نتنياهو

الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا خلال استقبالهما مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في عمان أمس (أف.ب)
الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا خلال استقبالهما مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في عمان أمس (أف.ب)
TT

الملك عبد الله الثاني يشدد على ضرورة بناء الثقة للمضي في حل الدولتين

الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا خلال استقبالهما مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في عمان أمس (أف.ب)
الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا خلال استقبالهما مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في عمان أمس (أف.ب)

ركّز العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في لقائه مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أمس، على التطورات المرتبطة بالقضية الفلسطينية والقدس، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية.
ورحّب الملك عبد الله الثاني بزيارة بنس، معرباً عن الشكر والتقدير للولايات المتحدة على صداقتها ودعمها التاريخيين للأردن. وأكد، بعد اللقاء، على أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بالنسبة للأردن والمنطقة، يُعد مصدراً رئيسياً يهدد الاستقرار. وقال: «لهذا السبب كنا متفائلين بما كان قد أبداه الرئيس الأميركي من التزام مبكر لإيجاد حل لهذا الصراع المستمر منذ عقود».
وأضاف العاهل الأردني: «لقد عبَّرت باستمرار خلال اجتماعاتي في واشنطن، العام الماضي، عن قلقي العميق من أي قرار أميركي بشأن القدس، يأتي خارج إطار تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي».
وأكد الملك أن «القدس غالية علينا كمسلمين ومسيحيين كما هي بالنسبة لليهود، وهي مفتاح السلام في المنطقة»، وأمامنا اليوم تحدٍّ كبير يتمثل بالتغلب على الإحباط المتزايد.
وأشار الملك عبد الله الثاني إلى ضرورة إعادة بناء الثقة، خصوصاً في كيفية المضي قدماً في حل الدولتين، وفقاً للقانون الدولي ومبادرة السلام العربية، وبما يقود إلى قيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وقال: «ندرك التحديات، ونأمل أن الولايات المتحدة ستبادر وتجد الطريق الصحيح للمضي قدماً في هذه الظروف الصعبة. ونعتقد أن ذلك ممكن إن وجدت النيات الحسنة والدعم الكافي من المجتمع الدولي، وسوف نعمل عن قرب مع أصدقائنا في هذا المسعى».
وأضاف مخاطباً نائب الرئيس الأميركي: «أودّ التأكيد مجدداً على أن شراكتنا التاريخية قد استندت على الدوام على علاقات الصداقة بين بلدينا ومصالحنا المشتركة في تعزيز السلام والاستقرار والازدهار في منطقتنا».
من جانبه، أعرب مايك بنس عن سعادته بلقاء الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله، وزيارة الأردن. وقال إن الرئيس دونالد ترمب طلب منه زيارة الأردن لبحث عدد واسع من القضايا المرتبطة بالأمن وتحقيق الازدهار وقضايا إقليمية أخرى. وهو ممتن لهذه الفرصة.
وقال: «كما ذكرتم جلالتكم فإن الولايات المتحدة والأردن وقفا إلى جانب بعضهما البعض لعقود طويلة، ضمن شراكة تميزت بأفقها الاستراتيجي، وهي مهمة للمنطقة وللعالم».
وأضاف مخاطباً الملك: «لقد حققنا سوية، ومع القوات الأميركية والعراقية وشركائنا في التحالف الدولي، تقدماً كبيراً في الحرب ضد (داعش)، حيث تم طردهم من العراق ومن عاصمة ما تُسمى بـ(الخلافة)، مدينة الرقة. وأود أن أؤكد لكم أننا سنعمل بشكل وثيق معكم، بينما نقوم سوية بإنهاء وجود (داعش)».
وقال بنس إنه «وكما أوضحت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، فإننا ما زلنا ملتزمين تجاه سوريا وبوجودنا في سوريا، ليس لهزيمة (داعش) فحسب، بل أيضاً لكبح جماح نفوذ إيران السلبي وأي مساعٍ إقليمية أخرى تهدف إلى المزيد من زعزعة الاستقرار».
وتابع قائلاً: «إنه وبتوجيهات من الرئيس ترمب، قد أعلنا في الأسبوع الماضي أكثر من 110 ملايين دولار ستوفرها الولايات المتحدة لإعادة إعمار المجتمعات المسيحية والأقليات في العراق وسوريا، التي تدمرت بفعل الحرب. ونحن ممتنون لالتزامكم الشخصي تجاه تعددية وحرية الأديان، ونتطلع للعمل معكم للتأكد من تمكين أتباع جميع الديانات المختلفة من المضي إلى الأمام والتعافي بعد سنين من الصراع».
وقال بنس إن الرئيس الأميركي اتخذ قراراً تاريخياً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولكنه أيضاً أوضح في القرار نفسه، التزام بلاده الاستمرار باحترام دور الأردن ووصايته على الأماكن المقدسة في القدس، وإن واشنطن لم تتخذ موقفاً حول الحدود والوضع النهائي، «فهذه أمور خاضعة للمفاوضات».
وأضاف: «كما أوضحت لكم، وكما أوضح الرئيس للعالم، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية ملتزمةً بحل الدولتين، وحسبما يتفق عليه الطرفان، ونحن ملتزمون بإعادة إطلاق عملية السلام، ولطالما لعب الأردن دوراً مركزياً في توفير الظروف الداعمة للسلام في المنطقة».
وتطرق العاهل الأردني للدور الذي تقوم به وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فأكد أهمية دور الوكالة في تقديم خدماتها في مجالات التعليم والصحة والإغاثة للاجئين، ما يستدعي ضمان توفير الدعم اللازم لها لتمكينها من الاستمرار في القيام بمسؤولياتها الإنسانية.
وفي إسرائيل، قال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن الإدارة الأميركية كانت شريكة في الجهود لتحقيق المصالحة مع الأردن وتسوية أزمة السفارة، التي نشبت إثر قيام ضابط أمن إسرائيلي بقتل مواطنين أردنيين.
وأكدت مصادر مقربة من نتنياهو أن الوسطاء الأميركيين يحاولون الآن ترتيب لقاء بين الملك عبد الله ورئيس الحكومة الإسرائيلية، أو على الأقل ترتيب إجراء محادثة هاتفية.
وجاء هذا في بيان عممه نتنياهو، وشكر فيه كلا من جاريد كوشنير، المستشار الأول للرئيس الأميركي، وجيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط، على جهودهما في تسوية الأزمة والتوصل إلى تفاهم بين الطرفين.
من جهة ثانية، قالت مصادر دبلوماسية إن إسرائيل كانت تبغي إعادة فتح أبواب السفارة في عمان، أمس (الأحد)، ولكن الأردنيين طلبوا التروي حتى يتم إنجاز إجراءات قانونية ودستورية معينة في الموضوع في هيئات مجلس النواب الأردني. وأكدوا أن الأمر يستغرق بضعة أيام إضافية، وأن ممثلي الجانبين يلتقون اليوم (الاثنين)، لتحديد الجدول الزمني لعودة السفارة للعمل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.