فرنسا تدعو مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ حول سوريا

تسعى لموقف «وسطي» يتجنب «إغاظة» أنقرة

متطوع في «القبعات البيضاء» يطل بحزن حيث دفن زميل له قتل في قصف لقوات النظام أمس على دوما بريف دمشق (إ.ب.أ)
متطوع في «القبعات البيضاء» يطل بحزن حيث دفن زميل له قتل في قصف لقوات النظام أمس على دوما بريف دمشق (إ.ب.أ)
TT

فرنسا تدعو مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ حول سوريا

متطوع في «القبعات البيضاء» يطل بحزن حيث دفن زميل له قتل في قصف لقوات النظام أمس على دوما بريف دمشق (إ.ب.أ)
متطوع في «القبعات البيضاء» يطل بحزن حيث دفن زميل له قتل في قصف لقوات النظام أمس على دوما بريف دمشق (إ.ب.أ)

بادرت فرنسا، أمس، إلى دعوة مجلس الأمن الدولي إلى عقد «جلسة طارئة» للنظر في التطورات الحاصلة في سوريا بعد أقل من يومين على انطلاق العملية العسكرية التركية «غصن الزيتون» الرامية، وفق أنقرة، إلى طرد وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة عفرين المحاذية للحدود التركية. وحرصت وزارة الخارجية الفرنسية، في البيان الذي أصدرته بعد ظهر أمس، إلى «تعميم» الغرض من الاجتماع الذي تطلبه للنظر في مجمل الوضع السوري وليس «تخصيصه» بالعملية التركية.
وجاءت الدعوة الفرنسية جزءاً من التحرك الدبلوماسي الذي سارعت باريس إلى إطلاقه وعياً منها للخطورة المتمثلة في العملية التركية ولما يمكن أن يستتبعها من تطورات ونتائج. ولذا؛ فإن وزير الخارجية جان إيف لودريان، سارع أمس إلى الاتصال بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو للتشاور معه وللتعرف منه على حقيقة الأهداف التركية. وبحسب البيان الذي أصدرته الخارجية الفرنسية عقب الاتصال الهاتفي، فإن باريس «الحريصة على أمن تركيا وأراضيها وحدودها» تدعو، رغم ذلك، السلطات في أنقرة، إلى التحلي بـ«ضبط النفس» في تحركاتها، والنظر للأوضاع الصعبة التي تعيشها سوريا، خصوصاً الأوضاع الإنسانية المتدهورة. في هذا السياق، فإن باريس «تشدد على الحاجة إلى أن يحترم كافة الفرقاء، القانون الإنساني» الخاص بتجنب استهداف المدنيين. كذلك، تشدد باريس على «الأهمية الرئيسية» المتمثلة باستكمال مهمة التحالف الدولي الذي تنتمي إليه تركيا للقضاء على تنظيم داعش وعلى الحاجة ميدانياً، لتوفير «الشروط الضرورية» من أجل استقرار الوضع في سوريا والوصول إلى حل سياسي دائم كفيل «وحده» بضمان أمن السوريين «وأمن جيران سوريا». وتدعو باريس القوى الضامنة لاتفاقيات آستانة الخاصة بمناطق «خفض التصعيد» الأربع إلى فرض احترامها.
بيد أن النظر في التصريحات الفرنسية، يبرز بعض التباين بين ما تقوله وزارة الخارجية وما جاء على لسان وزيرة الدفاع، في تصريحاتها أمس للقناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي. فمقابل «ضبط النفس» الذي تدعو إليه الخارجية، دعت وزيرة الدفاع إلى «وضع حد» للعمليات العسكرية «في إدلب أو في أي مكان آخر». وبحسب فلورنس بارلي، فإن الأولية «يجب أن تكون لمحاربة (داعش)»؛ ولأن العمليات العسكرية في عفرين «من شأنها أن تحرف القوات الكردية عن محاربة (داعش)»، خصوصاً أن هذه القوات التي تعتبرها أنقرة «إرهابية» «منخرطة في إطار التحالف الدولي الذي تنتمي إليه فرنسا في هذه المعركة الرئيسية».
رغم «الاعتدال» الفرنسي في الحكم على ما تقوم به تركيا، فإن وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو رد على باريس، خلال زيارة قام بها أمس إلى العراق، بقوله إنه «يتوقع» من فرنسا أن تساند العملية التركية. وبحسب الوزير التركي، كما نقلت عنه «رويترز»، فإن كل من يعارض العملية العسكرية التركية في عفرين يقف إلى جانب الإرهابيين، ويجب أن يعامل على هذا الأساس.
لم يعرف حتى أمس ما إذا كان الوزير التركي سيحضر إلى باريس للمشاركة في المؤتمر الذي دعت إليه فرنسا على المستوى الوزاري بعد غد (الثلاثاء)، والذي سيخصص لاستخدامات السلاح الكيماوي وكيفية وضع حد للتهرب من المساءلة الدولية. لكن الواضح أن فرنسا التي امتنعت عن «إدانة» العملية التركية أو على الأقل «الإعراب عن الأسف» لحصولها، تسعى لموقف «وسطي» رغبة منها في تجنب «إغاظة» أنقرة التي تحتاج إليها في ملف محاربة الإرهاب والتعامل مع النشطاء الفرنسيين الراديكاليين الذين حاربوا إلى جانب «داعش» والنصرة والساعين للعودة إلى الأراضي الفرنسية. فضلاً عن ذلك، فإن باريس تعول على أنقرة في توفير الدعم للمعارضة السورية، باعتبار أنها الطرف الوحيد الذي يمكن التعويل عليه لتوفير هذا الدعم في محفلي آستانة وسوتشي اللذين غيبت باريس، كما الأطراف الأخرى، عنهما. وجدير بالتذكير، أن فرنسا، على لسان رئيسها، إيمانويل ماكرون، أعربت عن تشاؤمها لما يمكن أن يصدر عن الاجتماع المقرر نهاية الشهر الحالي في المنتجع الروسي، مشددة على التمسك بالمسار الأممي، أي باجتماعات جنيف التي ستلتئم في فيينا في نسختها التاسعة يومي 25 و26 الحالي. وسبق لماكرون أن تشاور مطولاً مع نظيره التركي الطيب رجب إردوغان عندما جاء الأخير إلى باريس في الخامس من الشهر الحالي. وبهذه المناسبة، اتفق الطرفان على التحضير لدعوة «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية لاجتماع في تركيا الشهر المقبل. لكن يبدو بوضوح، أن الخلاف التركي ــ الأميركي والتطورات الحاصلة ميدانياً أكان في إدلب أو عفرين، من شأنها أن «تتجاوز» الخطط الفرنسية ــ التركية، خصوصاً أن عشرات الاجتماعات في السنوات السابقة لهذه المجموعة بقيت من غير تأثير فعلي على مسار الحرب في سوريا.
وفي أي حال، فإن باريس ساعية للعودة إلى الملف السوري من خلال اجتماع الثلاثاء الذي وجهت الدعوة لحضوره لنحو ثلاثين بلداً ومنظمة. لكن البرنامج الذي وزعته الخارجية الفرنسية يبين أن الأهداف منه «متواضعة» وتنحصر بجمع الدلائل على استخدام السلاح الكيماوي من أجل استخدامها لاحقاً في محاكمة المسؤولين عنه «عندما يكون التوقيت السياسي ملائماً».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».