الخرطوم: إطلاق سراح صحافيين اعتقلوا على خلفية احتجاجات الغلاء

السودان يأسف على انتقادات أميركية لأوضاع الحريات في البلاد

TT

الخرطوم: إطلاق سراح صحافيين اعتقلوا على خلفية احتجاجات الغلاء

أطلقت سلطات الأمن السوداني سراح أربعة صحافيين، بينهم ثلاثة صحافيات، بعد اعتقال دام ستة أيام على خلفية تغطيتهم لمظاهرات شعبية احتجاجاً على غلاء الأسعار، ومضاعفة سعر الخبز، في حين لا يزال عدد آخر من الصحافيين رهن الاعتقال.
وفي الأثناء، أسفت وزارة الخارجية السودانية، لتصريحات الخارجية الأميركية التي انتقدت خلالها حقوق الإنسان والحريات في السودان، على خلفية الاعتقالات التي طالت قادة حزبيين وناشطين خلال الاحتجاجات الأخيرة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدثة باسم الخارجية، هيذر ناويرت، الجمعة، انتقادات أميركية لاعتقال صحافيين، بينهم مراسلها في الخرطوم عبد المنعم أبو إدريس أثناء تغطيته الأحداث، وصفت فيها أوضاع حقوق الإنسان في السودان بأنها «سيئة».
وقالت الخارجية السودانية في بيان، أمس: إن نظيرتها الأميركية تجاهلت الإشارة لما أسمته «التطورات الكبيرة في الساحة السودانية، على صعيد جهود ترقية أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة وحقوق المواطنة».
وذكر البيان الموقع باسم المتحدث الرسمي للخارجية، قريب الله الخضر: «السودان يتمتع بحرية إعلامية واسعة، تشهد بها أكثر من عشرين صحيفة سياسية يومية، تعبر عن مختلف الآراء الحزبية والحرة المستقلة، التي تعمل تحت مظلة الدستور والقانون».
لكن السلطات السودانية لا تزال تعتقل نشطاء وسياسيين وصحافيين على خلفية احتجاجات الخبز الأخيرة، ولم تفرج عن أعداد كبيرة منهم بعد، على الرغم من أن الدستور والقوانين السودانية تكفل حق التعبير والاحتجاج والتظاهر السلمي.
وقالت الصحافية المفرج عنها أمس رشان أوشي لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً، إن الأمن أطلق سراحها بعد توقيع «تعهد» بعدم المشاركة أو تغطية في أي احتجاجات مثيلة.
وأوضحت أنها نقلت إلى «سجن النساء بأم درمان» بعد تحقيق استمر يوماً وليلة وعلى دفعتين، وإنها قضت اليوم الأول في معتقلات الأمن السياسي، حول انتمائها السياسي، ودوافع مشاركتها في المظاهرة، وهوية الشخص الذي دعا للمشاركة.
وألقت السلطات القبض على ثمانية صحافيين أثناء تغطيتهم مظاهرات شعبية، بدأت الثلاثاء الماضي، وأطلقت أمس سراح ثلاثة منهم «رشان أوشي - صحيفة (المجهر السياسي)، مجدي العجب - صحيفة (الوطن)، امتنان الرضي – صحيفة (اليوم التالي)».
ولم تفرج السلطات عن كل من «مراسل وكالة (رويترز) خالد عبد العزيز، ووكالة الصحافة الفرنسية عبد المنعم أبو إدريس، فضائية (سودانية 24) شوقي عبد العظيم وزوجته آمل هباني – صحيفة (التغيير) الإلكترونية، وكمال كرار ـ صحيفة (الميدان) الناطقة باسم الحزب الشيوعي».
وقبل أيام أفرجت السلطات بعد اعتقال قصير عن عدد آخر من الصحافيين، ألقت القبض عليهم أثناء تغطية مظاهرة الثلاثاء الماضي، ومن بينهم مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) محمد محمد عثمان، والمصور مهند بلال.
وذكرت الصحافية أوشي لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة الأمن أبلغتها أن بقية الصحافيين المحتجزين سيفرج عنهم تباعاً وعلى دفعات، وأشارت إلى أن التحقيق معها لم تتخلله عمليات ضرب أو تعذيب.
واندلعت في السودان منذ الثلاثاء الماضي، احتجاجات شعبية دعت لها قوى المعارضة ضد الغلاء، وارتفاع أسعار الخبز، واجهتها الشرطة وأجهزة الأمن بالغاز المسيل للدموع والهراوات، واعتقلت خلالها عدد من القادة السياسيين والنشطاء، وأبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، ونائب رئيس حزب الأمة القومي محمد عبد الله الدومة، ولم تفرج عنهم السلطات بعد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.