تركيا تعد وثيقة حوار مع أوروبا لإعفاء مواطنيها من تأشيرة «شنغن»

سياسة جديدة تعتمد الضغط بورقتي مكافحة الإرهاب واللاجئين

TT

تركيا تعد وثيقة حوار مع أوروبا لإعفاء مواطنيها من تأشيرة «شنغن»

انتهت أنقرة من إعداد وثيقة تعتزم تقديمها إلى الاتحاد الأوروبي من أجل بدء حوار بشأن إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة دخول دول فضاء (شنغن)، وأكدت أنها لن تقدم أي تنازلات فيما يتعلق بمطالبة الاتحاد بتعديل قانون مكافحة الإرهاب من أجل تحرير التأشيرة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن مشروع الوثيقة يقترح إجراء حوار حول قانون مكافحة الإرهاب في تركيا من خلال «صيغة مجموعة عمل بين أنقرة والمجلس الأوروبي. وتثير تعديلات يطالب بها الاتحاد على قانون مكافحة الإرهاب في أنقرة خلافاً بين الجانبين بسبب تمسك تركيا بعدم إدخال أي تعديل على القانون الذي يقول الاتحاد إنه يستخدم كوسيلة للتضييق على المعارضة وحرية الرأي والتعبير».
ونقلت صحيفة «حريت» التركية عن جاويش أوغلو أن العمل الذي قام به الوزراء الأتراك على مشروع الوثيقة لا يتضمن إجراء تغيير في قانون مكافحة الإرهاب، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ضعف في نضال البلاد ضد الإرهاب، مضيفاً: «حتى لو لم يجلب الضعف في الممارسة العملية لمكافحة الإرهاب، فإن تغيير طبيعة التشريع ذي الصلة قد يخلق صورة من صور الضعف».
ووضع الاتحاد الأوروبي 7 شروط ومعايير على تركيا استيفاؤها من أجل النظر في إعفاء مواطنيها من تأشيرة «شنغن» بينها تعديل قانون مكافحة الإرهاب، وذلك خلال المفاوضات التي قادت إلى توقيع اتفاق اللاجئين وإعادة قبول المهاجرين الذي وقع في 18 مارس (آذار) 2016 وتضمن منح تركيا بعض المزايا من بينها مساعدات تصل إلى 6 مليارات يورو والنظر في إعفاء مواطنيها من تأشيرة «شنغن» من أجل منع تدفق اللاجئين على الاتحاد الأوروبي وقبول المهاجرين غير الشرعيين الذين تعيدهم اليونان بعد وصولهم إليها عن طريق البحر.
وقدم مشروع الوثيقة، الذي عملت عليه لجنة من الوزراء، إلى رئيس الوزراء بن علي يلدريم تمهيداً لرفعها إلى الرئيس رجب طيب إردوغان للمصادقة عليها قبل تمريرها إلى المفوضية الأوروبية. ويتضمن مشروع الوثيقة قبول الحكومة التركية لبعض مقترحات الاتحاد الأوروبي، فيما تم رفض بعضها الآخر. وقال جاويش أوغلو: «أنقرة اقترحت صيغها الخاصة لمعايير أخرى. لا يمكننا إجراء أي تغيير في قانون مكافحة الإرهاب في الوقت الحالي. حتى الاتحاد الأوروبي اتخذ المزيد من الإجراءات المتعلقة بالإرهاب».
ولفت إلى أن هناك مجموعةَ عملٍ بين المجلس الأوروبي ووزارة العدل التركية، تدرس توصيات المجلس المقدمة إلى أنقرة، جنباً إلى جنب مع قضايا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتتعامل مع القضايا المتعلقة بممارسات تركيا في مكافحة الإرهاب، بدلاً عن تغيير التشريعات ذات الصلة إلى فكرة إحالة القضايا المتعلقة بتنفيذ مكافحة الإرهاب تحت مسؤولية هذا الفريق العامل.
في سياق متصل، أكد جاويش أوغلو وجود توجّه إيجابي جديد في العلاقات بين بلاده وألمانيا، ولفت إلى حالة الصحافي الألماني من أصل تركي دنيز يوجال، مراسل صحيفة «ديفلت» الألمانية المعتقل في تركيا منذ ما يقرب من العام بتهم تتعلق بالإرهاب، التي تثير غضب برلين، قائلاً إن الحكومة التركية لا يمكن أن تتدخل في العملية القضائية، ومع ذلك فإن الحكومة طلبت من الادعاء العام «تسريع العملية» لتوجيه الاتهام لـ«يوجال» الذي لم يوجَّه إليه اتهام بعد.
وتثير مسألة تجميد مفاوضات عضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي قدراً كبيراً من الجدل بين الجانبين، وهدَّدَت أنقرة بوقف التعاون مع أوروبا في ملفَّي مكافحة الإرهاب والهجرة ما لم تقبل بعضويتها الكاملة بالاتحاد، بعد أن طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مباحثاته مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان في فرنسا أخيراً صيغة بديلة عن عضوية تركيا بالاتحاد، هي «الشراكة المميزة»، وبعد أن جدد مسؤولون بالاتحاد الأوروبي في مقدمتهم المفوض الأوروبي جان كلود يونكر تأكيدهم على أن تركيا لا تزال تبتعد بشدة عن معايير الاتحاد الأوروبي بسبب ملف الحقوق والحريات وفي مقدمتها حرية الصحافة.
وأكد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين مع الاتحاد بالحكومة التركية عمر تشيليك أن بلاده سترفض أي عرض بأي شراكة مع الاتحاد تقل عن العضوية الكاملة، محذراً من أن الوضع الراهن لا يعطي تركيا أي سبب للاستمرار في تطبيق اتفاق اللاجئين والهجرة الموقع بين الجانين في 18 مارس 2016. وأضاف: «تركيا لا تأخذ الشراكة المميزة أو نهجاً مشابهاً على محمل الجد، لا يمكن عرض مثل هذه الأشياء على تركيا.. وأنه مهما كان اسمها، شراكة مميزة أو تعاون لمكافحة الإرهاب، فلن تعتدّ تركيا بمثل هذه العروض».
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يحترم جميع بنود اتفاق اللاجئين الذي يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين من تركيا إلى أوروبا في مقابل دعم لأنقرة يشمل مساعدات مالية قيمتها 6 مليارات يورو، وتعهّد بإلغاء تأشيرة الدخول وبدء مفاوضات بشأن تحديث اتفاق الاتحاد الجمركي بين تركيا وأوروبا.
وأوضح في تصريحات، أمس، أن المساعدة المالية لا تمضي على نحو جيد ولم يتم فتح أي فصل جديد في جهود انضمام تركيا للاتحاد، ولم يحدث أي تطور بشأن توسيع اتفاق جمركي بين الجانبين، مؤكداً أنه لا يوجد سبب فني لأن تحافظ تركيا على هذا الاتفاق.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال، منذ نحو أسبوعين، إن التطورات في تركيا تحول دون إحراز تقدّم في مسعاها المستمر منذ عقود للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى احتمال إبرام شراكة لا ترقى لعضوية كاملة.
وأبدى الاتحاد الأوروبي، مراراً، قلقه بشأن حملة تطهير واسعة تستهدف مَن يشتبه في دعمهم لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، حيث تحتجز السلطات أكثر من 60 ألف شخص تمهيداً لمحاكمتهم، كما تمت إقالة أو وقف أكثر من 160 ألفاً، بينهم ضباط بالجيش ورجال أمن ومعلمون وصحافيون وقضاة.
وتسبب حجم عمليات التطهير، التي تجري في ظل حالة الطوارئ، في انتقادات كثيرة من جانب الشركاء الأوروبيين، لا سيما ألمانيا. وأعرب النواب الأوروبيون أخيراً عن قلقهم إزاء تدهور سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرية الإعلام ومكافحة الفساد في تركيا، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.
وزاد اعتقال الآلاف من معارضي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أو من الساسة والنشطاء الأكراد من الفجوة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، الذي وصف المشهد الحقوقي والديمقراطي في أنقرة بـ«المقلق جدّاً». وترغب أوروبا في تعزيز التعاون مع تركيا حول ملفات التصدي للإرهاب وأزمة الهجرة دون منحها عضوية الاتحاد، خصوصاً بعدما أشارت تقارير أمنية غربية إلى وجود المئات من مسلحي تنظيم داعش الفارين من سوريا والعراق على الأراضي التركية المجاورة لأوروبا، وأنهم سيسعون لدخول أوروبا.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد أعلنت، مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، تأييدها وقف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، المتعثرة أصلاً، فيما دعا ماكرون إلى تجنب القطيعة بين الاتحاد وتركيا، معرباً في الوقت نفسه عن قلقه مما سماه «الانحرافات المقلقة» للحكومة التركية.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ميزانيته لعام 2018، التي أشارت إلى خفض ملحوظ في التمويل المخصص لتركيا على خلفية الشكوك حيال التزام أنقرة بمسائل تخص مفاهيم الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان.
كما وافق أعضاء البرلمان الأوروبي ودول الاتحاد على خفض تمويل ما قبل الانضمام إلى الاتحاد بواقع 105 ملايين يورو فيما تم تجميد 70 مليون يورو إضافية من حجم الإنفاق الذي أعلن عنه سابقاً. وقادت ميركل المطالبة بخفض التمويل، الذي يمنحه الاتحاد الأوروبي للدول التي تجري مفاوضات للانضمام إلى التكتل، عقب حملة الاعتقالات الواسعة في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشل. وجدد المستشار النمساوي سبستيان كورتس التأكيد على رفض بلاده انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنه لا يمكن لأنقرة أن تحظى بعضوية الاتحاد ما دامت تسير على النهج السياسي الذي تتبعه في الوقت الراهن.
وتسعى أنقرة إلى إزالة التوتر مع الاتحاد الأوروبي، وأجرت كثيراً من الاتصالات واللقاءات على مستوى رفيع مع دول الاتحاد شملت زيارة الرئيس التركي لكل من اليونان وفرنسا، وزيارة وزير الخارجية التركي لألمانيا، وزيارة كثير من المسؤولين الأوروبيين لتركيا، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التقارب بعد فترة التوتر الشديد التي شابت العلاقات منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، إلى جانب توتر العلاقات التركية الأميركية ما يدفع بأنقرة إلى الاستدارة مجدداً نحو الاتحاد الأوروبي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.