بنس يبدأ زيارة شرق أوسطية يقاطعها الفلسطينيون

يناقش في مصر والأردن وإسرائيل «قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب وجهود التصدي للنشاطات الإيرانية»

سيّاح في جبل الزيتون يلتقطون صورة وخلفهم مدينة القدس القديمة ومسجد قبة الصخرة أمس الجمعة (أ.ف.ب)
سيّاح في جبل الزيتون يلتقطون صورة وخلفهم مدينة القدس القديمة ومسجد قبة الصخرة أمس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بنس يبدأ زيارة شرق أوسطية يقاطعها الفلسطينيون

سيّاح في جبل الزيتون يلتقطون صورة وخلفهم مدينة القدس القديمة ومسجد قبة الصخرة أمس الجمعة (أ.ف.ب)
سيّاح في جبل الزيتون يلتقطون صورة وخلفهم مدينة القدس القديمة ومسجد قبة الصخرة أمس الجمعة (أ.ف.ب)

يستعد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس للقيام بزيارته الخامسة لإسرائيل، في إطار جولة شرق أوسطية، حاملاً في حقيبته قرارين سياسيين مهمين لطالما مثّلا أولوية له، وهما تصنيف القدس بوصفها عاصمة لإسرائيل، وتقييد المساعدات للفلسطينيين. وقال مسؤولون أميركيون إن بنس يُفترض أن يغادر الولايات المتحدة ليلة الجمعة - السبت، مستهلاً جولة تشمل مصر والأردن وإسرائيل، فيما أوضح البيت الأبيض أنه سيناقش في الدول الثلاث «قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب وجهود التصدي للنشاطات الإيرانية». وأعلن الفلسطينيون مقاطعتهم جولته احتجاجاً على قرارات أخيرة مثيرة للجدل اتخذتها الإدارة الأميركية في خصوص النزاع مع إسرائيل.
وكتبت وكالة «أسوشيتد برس» أن بنس، منذ أيامه في الكونغرس قبل عقد من الزمن، لعب دوراً في الدفع بالسياسة الأميركية فيما يخص الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووضع قيود على تمويل احتياجات للفلسطينيين، وهو أمر غالباً ما انتقدته تل أبيب. واعتبرت الوكالة أن بنس يأتي هذه المرة إلى منطقة الشرق الأوسط بوصفه مؤيداً صريحاً لإسرائيل، مشيرة إلى أنه سبق له أن انتقد وصف الولايات المتحدة بأنها تقوم بدور «وسيط نزيه» في عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال بنس في مقابلة مع «الشبكة المسيحية للبث» عام 2010: «تريد الولايات المتحدة أن تكون نزيهة بالتأكيد، لكننا لا نريد أن نكون وسيطاً». وأوضح: «الوسيط لا يقف إلى جانب طرف. الوسيط يفاوض بين أطراف على قدم المساواة».
وسيقوم نائب الرئيس الأميركي بلقاءات تدوم أربعة أيام في مصر والأردن وإسرائيل، وستكون الزيارة الأرفع لمسؤول أميركي للمنطقة منذ قرار الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها من مقرها الحالي في تل أبيب. وأغضبت خطوة ترمب الفلسطينيين الذين أعلنوا مقاطعتهم زيارة نائب الرئيس الأميركي للمنطقة، التي كان يُفترض أن تشمل الأراضي الفلسطينية أيضاً. وأشارت «أسوشيتد برس» في هذا الإطار إلى أن بنس لعب دوراً مهماً في الدفع بإدارة الرئيس ترمب نحو انتهاج السياسة التي انتهجتها بخصوص القدس، بعدما ترددت الإدارات الأميركية السابقة في ذلك، لافتة إلى أن نائب الرئيس الأميركي ناقش قضية المدينة المقدسة مع قادة يهود وإنجيليين في الشهور التي سبقت قرار ترمب نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وجاء ذلك فيما نقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لن تصرف مساعدات غذائية قيمتها 45 مليون دولار كانت قد تعهدت الشهر الماضي بتقديمها للفلسطينيين في إطار برنامج «النداء الطارئ للأراضي الفلسطينية المحتلة» الذي تقوده وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت يوم الثلاثاء أن واشنطن ستعلق مبلغاً آخر قيمته 65 مليون دولار كانت تعتزم تقديمه للوكالة التي تساعد الفلسطينيين، قائلة إن على «أونروا» إجراء إصلاحات لم تحددها.
ونقلت «رويترز» عن المتحدثة باسم الخارجية هيذر ناورت نفيها أن يكون تعليق مبلغ الـ65 مليون دولار هدفه معاقبة الفلسطينيين الذين انتقدوا بشدة إعلان ترمب الشهر الماضي اعتزامه نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وكان المراقب المالي لوزارة الخارجية الأميركية إريك هيمبري قد تعهد في رسالة بتاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى المفوض العام لـ«الأونروا» بيير كرينبول بتقديم 45 مليون دولار في إطار برنامج «النداء الطارئ للأراضي الفلسطينية المحتلة».
وجاء في الرسالة التي اطلعت «رويترز» على نسخة منها الخميس: «تعتزم الولايات المتحدة إتاحة هذا التمويل لـ(الأونروا) في أوائل 2018. سيُرسل خطاب إضافي وحزمة إسهامات لتأكيد هذه المساهمة بحلول أوائل يناير (كانون الثاني) 2018 أو قبل ذلك».
وقالت ناورت للصحافيين، الخميس، في إفادة اعتيادية بوزارة الخارجية، إن الولايات المتحدة أوضحت لـ«الأونروا» أن المساعدات التي تبلغ قيمتها 45 مليون دولار كانت مجرد تعهد يهدف لمساعدة الوكالة في «التوقع والاستشراف» وليست ضمانة مكفولة، بحسب ما أوردت «رويترز». وأضافت الناطقة الأميركية: «في الوقت الحالي، لن نقدم هذا. لكن ذلك لا يعني، وأود أن أؤكد، لا يعني أننا لن نقدمه في المستقبل». وكررت وجهة نظر الولايات المتحدة، وهي أن «الأونروا» تحتاج إلى إصلاحات، قائلة إن عدد اللاجئين الذين يشملهم برنامجها زاد كثيراً عما كان عليه سابقاً، وإنه يجب أن «يزيد المال الذي تقدمه الدول الأخرى أيضاً حتى يتسنى استمرار صرف الأموال اللازمة لكل هؤلاء اللاجئين». وأضافت: «نطلب من الدول أن تفعل المزيد... ونحن لا نعتقد أساساً أن لزاماً علينا أن نكون المانح الرئيسي لكل منظمة في العالم».
وعلى الرغم من القرار المتعلق بتعهد المساعدات الغذائية، قالت ناورت: «نحن الدولة الأكثر سخاء على الكوكب، وسنظل».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.