أوروبا تخفق في تقريب أوكرانيا لحظيرتها وتحمل روسيا المسؤولية

أخفق الاتحاد الأوروبي أمس في إقناع أوكرانيا بتوقيع اتفاق تاريخي يكرس تقاربها مع الغرب، وانتقد ضغوطا قال إن روسيا مارستها، رافضا «فيتو» محتملا من جانبها. وفي ختام القمة الثالثة للشراكة الشرقية بين الاتحاد الأوروبي وست جمهوريات سوفياتية سابقة قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو: «لا يمكننا أن نقبل بفيتو من جانب بلد آخر» في إطار اتفاق شراكة. وأضاف أن زمن «السيادة المحدودة ولى في أوروبا» في إشارة إلى الاتحاد السوفياتي.
وبعد أن جدد التأكيد على أن اتفاق الشراكة مع أوكرانيا «ما زال على الطاولة»، دعا رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي كييف إلى «رفض الاعتبارات القصيرة المدى والضغوط القادمة من الخارج». وأضاف فان رومبوي: «علينا ألا نستسلم في مواجهة الضغوط الخارجية، حتى لو كان مصدرها روسيا». وكانت موسكو أفلحت في إعادة أرمينيا إلى حظيرتها عبر إعلانها في سبتمبر (أيلول) انضمامها إلى اتحادها الجمركي.
كذلك، أعرب قادة أوروبيون عن القلق من تصاعد الضغط على جورجيا ومولدافيا اللتين وقعتا على اتفاق شراكة أولي مع الاتحاد الأوروبي تمهيدا لتوقيع نهائي مرتقب السنة المقبلة.
كان الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش بدا كأنه موافق على اليد الممدودة من الأوروبيين. وقال في فيلنيوس التي زارها لمقابلة نظرائه الأوروبيين: «أؤكد نية أوكرانيا التوقيع على اتفاق الشراكة في مستقبل قريب. المهلة الاضطرارية في عملية التوقيع على الاتفاق لا تعني وقف الإصلاحات الضرورية لكي تواصل أوكرانيا اندماجها الأوروبي».
لكن يانوكوفيتش استذكر شروطه وطالب بحوار ثلاثي مع روسيا ومساعدة مالية لبلاده التي تتخبط في أزمة بسبب العقوبات التي فرضتها عليها موسكو خلال الأشهر الأخيرة. غير أن الاتحاد الأوروبي ذكر أنه يرفض قطعا أي تدخل في العلاقات الثنائية. أما بشأن المساعدة المالية فلم يغلق الباب وتحدث عن «دعم» لتدخل محتمل من صندوق النقد الدولي لكن من دون إبداء إجراءات ملموسة. وبدا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أكثر حسما عندما قال: «لا يمكن، كما يريد الرئيس الأوكراني، أن ندفع كي تدخل أوكرانيا في هذه الشراكة، لا لن ندفع».
وفي ختام القمة الثالثة للشراكة الشرقية بين الاتحاد الأوروبي وست جمهوريات سوفياتية سابقة، هي أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا وبيلاروسيا وأرمينيا وأذربيجان، تبين أن الحصيلة ضئيلة. فباستثناء اتفاقي شراكة مع جورجيا ومولدافيا، جرى التوقيع على اتفاق تسهيل الحصول على تأشيرات مع أذربيجان وبعض الوثائق التقنية. ونوه فان رومبوي «بتصميم وشجاعة» القادة الجورجيين والمولداف و«إرادتهم السياسية»، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يحترم دائما «الخيارات السيادية» لتلك الدول.
من جانبها اتهمت رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي التي تتولى بلادها رئاسة الاتحاد الأوروبي لستة أشهر، وهي من بلدان المقدمة في تيار التقارب مع الجمهوريات السوفياتية سابقا، القادة الأوكرانيين بأنهم «اختاروا طريقا لا يؤدي إلى أي مكان»، مؤكدة «أنه فشل لأوكرانيا».
وعلق رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في كراكوفيا بالقول: «يجب انتظار فرصة أفضل أو تغييرات في أوكرانيا. ليس مستحيلا أن تتكرر هذه العملية، ولكن لا يمكن الاستسلام بأي حال من الأحوال».
ورغم مؤشرات حسن النية من الطرفين، يرى الكثير من المسؤولين أن عدم التوقيع مع أوكرانيا، وهي أهم بلد في الشراكة، قد يقوض العملية لأشهر عدة وربما سنوات، وليس فقط لأوكرانيا بل لمجمل هذه الاستراتيجية تجاه الشرق التي بدأت في 2009.
وفضلا عن الضغوط الروسية يعاني الاتحاد الأوروبي أيضا انقسامات حول الآفاق الممنوحة للكتلة السوفياتية سابقا؛ إذ إنه لم يقترح انضماما بكل معنى الكلمة كما فعل مع دول شرق أوروبا الأخرى بعد سقوط جدار برلين. وقال رئيس وزراء مولدافيا يوري ليانكا إن التوقيع على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي «يشكل اختراقا واضحا في علاقاتنا سيؤدي بشكل أكيد ببلادي يوما إلى الاتحاد الأوروبي».