الحكومة الأميركية تتجه إلى الإغلاق... والحزبان يتبادلان اللوم حول الموازنة

ارتفعت احتمالات فشل قادة الحزبين في مجلس الشيوخ في التوصل إلى اتفاق لإبقاء الحكومة الفيدرالية الأميركية مفتوحة، ولو لفترة قصيرة، حتى منتصف الشهر المقبل. واشتدت الأزمة مع محاولات كل طرف إلقاء اللوم على الطرف الآخر في الإغلاق المحتمل للحكومة، وإصرار الديمقراطيين على أن يتضمن الاتفاق توفير ضمانات لبرنامج المهاجرين الأطفال غير الشرعيين، المعروف باسم «داكا». ومن المقرر أن يبدأ الإغلاق (في حال عدم توصل الطرفين إلى اتفاق) مع منتصف ليل الجمعة - صباح السبت، ويستمر لعدة أيام.
وأشار ميك مولفاني، مدير الميزانية الإدارية بالبيت الأبيض، في مؤتمر صحافي مفاجئ أمس، إلى أن احتمالات الإغلاق قائمة، وقال: «لقد عقدنا اجتماعات مع مجموعة من الوكالات الفيدرالية عبر الهاتف للتحضير للخطوات التالية، في حال انقطاع التمويل وإغلاق الحكومة وانقطاع التمويل».
وهاجم مولفاني الديمقراطيين، مشيراً إلى أنهم لا يعترضون على ما ورد في مشروع قانون تمويل الحكومة الفيدرالية الذي مرره مجلس النواب، لكنهم يريدون إغلاق الحكومة حتى يتم توجيه اللوم إلى الرئيس ترمب، وشدد على أن البيت الأبيض يعمل على تجنب حدوث الإغلاق للحكومة، مضيفاً: «أعتقد أن النتيجة النهائية هي أننا نعمل على التأكد من عدم حدوث إغلاق، لكن إذا لم يتمكن مجلس الشيوخ ومجلس النواب من التوصل إلى اتفاق، سنكون جاهزين لوضع خطط طوارئ للوكالات الاتحادية في حالة الإغلاق»، لافتاً إلى أن الإغلاق الأخير الذي شهدته الحكومة الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، كان مدفوعاً من إدارة أوباما.
وقال مارك شوركت، المدير التشريعي للبيت الأبيض، للصحافيين إن الرئيس ترمب تحدث تليفونياً إلى عدد من المشرعين بالكونغرس ليحثهم على التفاوض للتوصل إلى «اتفاق»، وأضاف: «يبدو أنهم يتجهون للإغلاق الجزئي».
وقبل أقل من 12 ساعة على حلول منتصف ليل الجمعة وصباح الأحد، أعلن البيت الأبيض عن هذا المؤتمر الصحافي، وتأجيل سفر الرئيس إلى منتجع مار لارجو، بولاية فلوريدا، حتى يجد حلاً لمعضلة استمرار عمل الحكومة، وتمرير مشروع قانون قصير الأجل يضمن أن عمل الحكومة الفيدرالية مستمر لعدة أيام. وكان الرئيس ترمب يعتزم مغادرة واشنطن ظهر الجمعة، قبيل الاحتفال بمرور العام الأول من ولايته، المقرر أن يجري مساء اليوم (السبت).
وعلى مدى الأسبوع الماضي، جرت معركة إلقاء اللوم من كل طرف على الطرف الآخر، حيث اتهم الجمهوريون قادة الحزب الديمقراطي، وبصفة خاصة زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر، بالتسبب في المضي نحو إغلاق الحكومة. وأصر الديمقراطيون على توفير ضمانات للمهاجرين غير الشرعيين من الأطفال، ضمن برنامج الهجرة (داكا)، فيما اتجه بعض الجمهوريين إلى رفض دعم خطة تمويل قصيرة الأجل لإبقاء الحكومة مفتوحة، قائلين إنها لا توفر التمويل الكافي للجيش.
وقد احتشد الديمقراطيون في مجلس الشيوخ ضد مشروع قانون «قصير الأجل» يسمح بتمويل الحكومة الفيدرالية حتى منتصف شهر فبراير (شباط) المقبل، بعد موافقة مجلس النواب عليه بتصويت 230 مقابل 197. وواجه مشروع القانون عقبات كبيرة داخل مجلس الشيوخ، حيث اعترض أيضاً ثلاثة من كبار الجمهوريين. ويحتاج الجمهوريون إلى 60 صوتاً لتمرير القانون قصير الأجل الذي يوفر فقط تمويلاً للحكومة الفيدرالية لمدة شهر آخر.
ووجه الرئيس ترمب انتقادات لاذعة للديمقراطيين صباح أمس (الجمعة)، ملقياً عليهم باللوم في إغلاق الحكومة، وقال عبر «تويتر»: «إنهم يفضلون الهجرة غير القانونية والحدود الضعيفة أكثر من توفير التمويل للحكومة»، وأضاف: «هل سنشهد إيقاف للحكومة؟ نحن بحاجة إلى المزيد من الانتصارات الجمهورية في 2018».
وكان السيناتور جيف فليك، الجمهوري عن ولاية أريزونا، قد أشار للصحافيين مساء الخميس إلى أنه لا يميل للتصويت من أجل تمرير مشروع قانون تمويل قصير الأجل للحكومة لأن القادة لم يفوا بوعدهم حول توفير حماية قانونية للشباب المهاجرين غير الشرعيين.
وشهد مساء الخميس نقاشات ساخنة داخل أروقة الكونغرس، حيث طالب أعضاء مجلس الشيوخ كلا الجانبين بفتح باب النقاش حول مشروع قانون مجلس النواب لتمويل الحكومة الفيدرالية، إلا أن زعيم الأقلية الديمقراطية، السيناتور تشاك شومر، قال إن الديمقراطيين ما زالوا يعارضون المقترح بتمديد تمويل الحكومة لعدة أيام فقط، مطالباً بمحادثات أوسع نطاقاً، مضيفاً: «علينا أن نجلس معاً، ونحل هذا الأمر مع الرئيس أو من دونه».
ووصف شومر الرئيس ترمب وإدارته بأنهم «وكلاء الفوضى»، قائلاً: «لقد أحبطوا محاولات التوصل إلى اتفاق بين الحزبين حول الهجرة، والشيء الوحيد الذي يقف في طريقنا هو تدفق الفوضى بلا هوادة من الطرف الآخر من شارع بنسلفانيا (البيت الأبيض)»، واتهم الجمهوريين بالمراوغة.
وقالت كليان كونوواي، مستشار الرئيس ترمب، للصحافيين أمس: «إنه أمر مؤسف أن نرى الديمقراطيين يمضون بهذا الإغلاق؛ إنهم بذلك يقولون: لا لتمويل الجيش الذي يحمينا»، مضيفة: «الديمقراطيون يعارضون أن يكونوا على الجانب الصحيح من التاريخ».
- البنتاغون: لا وقف للعمليات العسكرية في حال «إغلاق الحكومة»
> كدت وزارة الدفاع الأميركية أن العمليات العسكرية لن تتوقف خلال فترة الإغلاق المحتملة للحكومة الأميركية، بسبب الموازنة المالية التي لم يوافق عليها الكونغرس بعد، مشيرة إلى أن بعض الأعمال والأنشطة الأخرى غير الضرورية ستتوقف إلى حين حل الأزمة، وأعلنت في بيان صحافي أمس أن الجنود الأميركيين والعسكريين والمدنيين لن يتقاضوا مرتباتهم خلال فترة الإغلاق، وسيتم إصدار خطة تنظيمية يتم على ضوئها تسيير أعمال الوزارة خلال الفترة المقبلة.
وشددت على أن الإدارة ستواصل ملاحقة الحرب في أفغانستان، والعمليات ضد تنظيم القاعدة وداعش، في العراق وسوريا، وستواصل تقديم الاستعدادات للانتشار في تلك الصراعات.
وأضاف البيان: «يجب على الإدارة أيضاً أن تواصل كثيراً من العمليات الأخرى اللازمة لسلامة حياة الإنسان، أو حماية الممتلكات، وستستثنى بعض الأنشطة الأخرى بطريقة منظمة ومتعمدة، مع استثناءات قليلة كوقف السفر في مهام مؤقتة، كما أن العسكريين لن يتقاضوا رواتبهم حتى يحين الوقت الذي يخصص فيه الكونغرس أموالاً كافية لتعويضهم عن فترة الخدمة، فيما الموظفون المدنيون بعقود الأجور لن يعملوا خلال هذه الفترة».