رئيس محكمة النقض بالمغرب: لا تواطؤ مع الفساد والمفسدين

قال إنه لن يتم التساهل مع من يسيء للعدالة

TT

رئيس محكمة النقض بالمغرب: لا تواطؤ مع الفساد والمفسدين

أقر مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، بوجود أعطاب كثيرة في قطاعي القضاء والمحاماة تؤثر على مستوى الثقة في جهاز العدالة ككل، واصفا الوضع بأنه «غير مشرف».
وأوضح فارس، الذي كان يتحدث أمس في لقاء تواصلي عقده رفقة محمد عبد النبوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، مع نقباء هيئات المحامين والرؤساء الأوائل والوكلاء العامين بمحاكم الاستئناف، أن «هناك عناصر إيجابية متعددة ونماذج مشرفة في القضاء والمحاماة، لكن لن أضيف جديدا إذا أقررنا أن هناك أعطابا واضحة تعتري الأداء على المستوى الانتقاء والاختيار والتكوين والتخليق، مما يؤثر على مستوى المرافعات والمذكرات والأحكام والقرارات، وينعكس على مستوى النجاعة ومنسوب الثقة في جهاز العدالة بأكمله». وتابع فارس أنه «في كل يوم تطالعنا شكاوى ونزاعات وأشياء سلبية في مختلف المحاكم تعبر عن هذا الوضع، الذي لا يشرف، ويجب أن نتصدى له جميعا بروح الفريق وقيم الأسرة الواحدة، بعيدا عن منطق انصر أخاك».
وقال المسؤول القضائي المغربي إنه «لم يعد مقبولا اليوم التستر على من يسيء للعدالة أو يهينها، والتساهل مع من يخرق الأخلاقيات ويخالف الضوابط كيفما كان موقعه، أو صفته ومسؤوليته، ولا تواطؤ مع الفساد والمفسدين، ولا تطبيع مع التهاون والاستهتار»، على حد تعبيره، لافتا إلى أن «الأمور لن تأخذ مجراها الصحيح إلا بإيجاد أجواء صحية داخل المحاكم بين مكونات أسرة العدالة، خصوصا بين القضاة والمحامين، أساسها الحوار والاحترام والتنسيق والتقدير لمهام وصلاحيات وسلطة كل جهة».
وأشار فارس إلى أن العدالة التي ينشدها المواطنون تتجسد في أبهى صورها عندما تتطابق الحقيقة القانونية مع الحقيقة الواقعية، وهو هدف لن يستقيم، برأيه، إلا بوجود محام كفؤ ونزيه، وقاض مستقل ذي تكوين قانوني وحقوقي متين وتجربة رصينة.
وأوضح فارس أن الرصيد التاريخي لأسرة العدالة في المغرب، وما تتوفر عليه من كفاءات مهنية متميزة ومنفتحة على التجارب العالمية «ستجعلنا نصل معا إلى هذا الهدف المنشود»، مشددا على أن البلاد أمام محطة حاسمة في بناء السلطة القضائية بكل مكوناتها، وأن المسؤولية تتطلب إجراءات دقيقة لتكريس دولة القانون وسيادة قيم العدل والحرية والمساواة. وزاد قائلا إن المستقبل «لن نبنيه بالأماني، بل إن الجميع مطالب بالعمل الحقيقي، والمواطن يجب أن يلمس اليوم آثار استقلال السلطة القضائية في حل نزاعاته وتدبير مشكلاته وتنظيم علاقاته القانونية والواقعية مع باقي الأفراد والجماعات والمؤسسات».
وأشار إلى أن الجميع ينتظر من القضاة والمحامين وباقي المهنيين روحا جديدة للتعاون قوامها المسؤولية والمحاسبة واحترام القانون وصون الحقوق.
ورأى فارس أن مرور ثمانية أشهر على تأسيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية يبقى غير كاف لإعطاء حصيلة شاملة على ما تم إنجازه، بيد أنه استعرض بعض المؤشرات، التي توضح ما سماها «الدينامية الجديدة»، والتي عملت هذه المؤسسة الدستورية على إرسائها وتجسيدها على الواقع، وذلك بتكريس مبادئ الشفافية والحكامة، وتكافؤ الفرص، والتخليق من خلال تبني العديد من الآليات، سواء المتعلقة بتدبير المسارات المهنية للقضاة، من انتقالات وترقيات، أو فيما يتعلق بالتأديب والمسؤوليات. وقال في هذا الصدد إن المجلس «يحرص بكل حزم على ضمان جميع الحقوق للقضاة وصون استقلالهم وكرامتهم، بقدر حرصه على التطبيق الصارم للمعايير الأخلاقية، والضوابط القانونية، من أجل ممارسة سليمة ناجعة لرسالة القضاء، وخلق أجواء ثقة جديدة لدى القاضي والمحامي والمتقاضي».
ومن بين التدابير، التي اتخذها المجلس، يضيف فارس، ضبط عملية تلقي الشكاوى من خلال موقعه الإلكتروني وتتبعها، واتخاذ إجراءات بشأنها بنسبة إنجاز مائة في المائة، كما يجري نشر كل القرارات في كل المناصب والمسؤوليات المتعلقة بالقضاة عبر الموقع ذاته.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.