توقعات بعام قوي من مبيعات التجزئة في أميركا

تعكس بيانات مبيعات تجار التجزئة أن الأميركيين قد أنفقوا أكثر من المتوقع في إجازة نهاية العام الماضي، لتعزز بذلك أكبر حركة نمو في مبيعات التجزئة منذ نهاية الأزمة الاقتصادية العالمية، ويرى خبراء أن تلك المؤشرات تمهد لعام جديد من المبيعات القوية.
فقد كشف «اتحاد تجارة التجزئة» أن المبيعات ارتفعت خلال إجازة الأعياد الأخيرة لتبلغ 691.9 مليار دولار، وذلك خلال الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى ديسمبر (كانون الأول) الماضيين، بزيادة 5.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم أن توقعات خبراء الاقتصاد بشأن الارتفاع انحصرت بين 3.6 في المائة و4 في المائة فقط.
وأشار ماثيو شاي، الرئيس والمدير التنفيذي لـ«اتحاد تجارة التجزئة»، إلى أن «المستهلكين، سواء في المتاجر أو عبر الإنترنت، كانوا في حالة إقبال على الإنفاق والشراء».
وفي تصريح منفصل، كشفت وزارة التجارة الأميركية عن أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 0.4 في المائة في ديسمبر، و0.9 في المائة في نوفمبر، وهو ما يمثل أفضل إنفاق في الإجازات منذ عام 2005.
وأفاد كريس كريستوفر، المدير التنفيذي لمؤسسة «إي إتش إس ماركتينغ» البحثية، بأن «الخط الأساسي للقصة هنا يقول إن مبيعات فترة الإجازة ارتفعت بدرجة كبيرة»، مضيفا أن «النمو قد ارتفع بدرجة تفوق المتوقع في ضوء التحول الهيكلي في الصناعة بعد اتجاه حركة البيع للعمل عبر الإنترنت».
وأفاد خبراء الاقتصاد أن عدة عوامل، منها الاقتصاد المتنامي وانتعاش سوق الأوراق المالية، قد حفزت حركة الإنفاق. ووصلت البطالة لأدنى معدلاتها خلال 17 عاما وارتفعت الأجور، وإن كان بصورة بطيئة، الأمر الذي منح المستهلكين مزيدا من الثقة للإقدام على الشراء، سواء بالشراء المباشر أو عن طريق الإنترنت. ولذلك فقد ارتفع معدل الإنفاق بواقع 11.5 في المائة خلال عطلات نهاية العام ليحقق 138.4 مليار دولار أميركي.
وبحسب «اتحاد تجارة التجزئة»، فقد سجلت المبيعات ارتفاعا ملحوظا خلال فترة الإجازات الأخيرة بجميع القطاعات باستثناء قطاع المستلزمات الرياضية. وارتفعت المبيعات في قطاع مستلزمات ومواد البناء بواقع 8.1 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، فيما ارتفعت مبيعات الأثاث المنزلي بواقع 7.5 في المائة، والإلكترونيات 6.7 في المائة، والملابس والإكسسوارات 2.7 في المائة.
وأوضح جاك كلينهينز، الخبير الاقتصادي في «اتحاد تجارة التجزئة»، أن «حركة السوق سارت على ما يرام... لقد أحسن تجار التجزئة صنعا، ولذلك فقد آتت تلك الفترة ثمارها، وبدا الاقتصاد في أبهى صوره استعدادا لموسم الإجازات؛ حيث برع تجار التجزئة في عمليات الجرد والتسعير والعرض بالطريقة التي مكنتهم من التواصل مع المستهلكين في كل مكان».
وأفاد كثير من تجار التجزئة بأنهم شعروا بطفرة المبيعات خلال تلك الفترة المهمة من موسم الإجازات. فقد أفادت سلسلة متاجر «كولز» بأن مبيعاتها ارتفعت بواقع 6.9 في المائة خلال فترة الإجازات في بعض فروعها التي لم يمر على افتتاحها أكثر من عام واحد، فيما سجلت المبيعات في متاجر مثل «تارغت» و«جي سب بيني»، زيادة بواقع 3.4 في المائة.
وأفادت سلسلة متاجر «ماكي» بأن مبيعاتها ارتفعت بواقع 1.1 في المائة خلال الفترة نفسها بفضل زيادة الطلب على الملابس والأحذية والمعاطف. وأفصح جيف جينيت، المدير التنفيذي لسلسلة متاجر «ماكي» عن أن «المستهلكين أصبحوا أكثر استعدادا للإنفاق. فقد لاحظنا ارتفاع المبيعات في متاجرنا، وأدى ذلك إلى زيادة معدلات النمو بمتاجرنا بنسب تفوق 10 في المائة».
واستطرد الخبير الاقتصادي جاك كلينهينز قائلا: «قال البعض إن نجاح الموسم الماضي ربما يمثل نقطة تحول لهذا المجال ككل... نعتقد أن الرغبة في الإنفاق، والقوة الشرائية المتنامية التي شاهدناها خلال فترة الإجازات، ستمثلان نقلة كبيرة لحركة البيع خلال عام 2018».
وبدأ الموسم بداية قوية، حيث أفاد نحو 70 في المائة من الأميركيين بأنهم قاموا بعملية الشراء سواء بصورة مباشرة أو عبر الإنترنت خلال إجازة عيد الشكر. واستمرت فترة الزخم تلك حتى يوم «الاثنين الإلكتروني»، وهو اليوم الذي عاد فيه الأميركيون إلى أعمالهم بعد نهاية العطلة وارتفعت فيه معدلات التسوق الإلكتروني بمعدلات قياسية لتحقق مبيعات بقيمة 6.59 مليار دولار عبر الإنترنت، لتجعل من ذلك اليوم أعلى أيام التسوق عبر الإنترنت في التاريخ، وفق بيانات صادرة عن مؤسسة «أدوب أنليتكس» البحثية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»