بيروت يا بيروت

> الغالب أنّ المخرج براد أندرسون لا يزال يتساءل، وهو في طريقه لحضور مهرجان صندانس لعرض فيلمه الجديد «بيروت»، عمّا قد يكون أثار بعض أهل السياسة في لبنان فطالبوا بمنع فيلمه. لا يمكن أن يكون العنوان هو السبب. سبق للسينما أن أطلقت أسماء مدن كعناوين لها: «القاهرة»، «كازابلانكا»، «بغداد» أو دمجتها بعناوين أوسع مثل «خمس توابيت للقاهرة» و«سيف دمشق» و«لص بغداد».
> قد يهتدي، قبيل وصوله إلى تلك المدينة النائمة على بساط الثلج، إلى أن العنوان ليس السبب بل الحساسية التي لا تعني له شيئاً. وحال نزوله من سيارته سيلغي كل شيء ويوجه اهتمامه إلى ما جاء إلى صندانس من أجله: البحث عن موزعين لهذا الفيلم الذي هوجم من قبل حتى معرفة ما إذا كان مبرمجاً للعرض في أي مكان.
> براد أندرسون، علينا أن نعي، ليس أحد الأندرسونز العظماء. ليس وس أندرسن صاحب «ذا غراند بودابست أوتيل» وليس بول توماس أندرسون مخرج «سيكون هناك دم» و«ذا ماستر» الفذ، ولا روي أندرسون، المخرج السويدي الذي قدّم «حمامة جلست على غصن تتأمل في الوجود»، ولا أي من الآخرين وجلهم قدّم سينما جيدة، بل هو مخرج جماهيري النزعة ينجز أفلامه لكي تدر مالاً. و«بيروت»، الذي كتبه توني غيلروي، لا يختلف عنده عن مثل «ذا ميكانيست» و«النداء».
> دائماً ما كانت هناك حساسية لدينا من السينما الغربية، لكن إلمامنا بحجم الضّرر متفاوت، كذلك مصدره. ليس أنّ العدد الأكبر من دولنا تعيش حالات رخاء اقتصادي واجتماعي وسياسي يجعلها بمنأى عن أفلام أكشن تبني خيالها على الواقع، بل على العكس. لذلك فإنّ الإصلاح عليه أن يأتي من الداخل وحينها ستبدو الأفلام المسيئة كاذبة وتضمحل.
> يتناول «بيروت» موضوع عصبة إرهابية باسم «جبهة التحرير الإسلامي» الذي لن تتفاوض إلّا مع أميركي واحد مطالبة بإطلاق سراح أحد كوادرها. وسط المخاطر ينتقل هذا الأميركي الذي سبق له وأن عاش بيروت بحروبها السابقة، ليكتشف أنّ من طولب بالتوسط للإفراج عنه ميت، مما يضعه ويضع البلاد في وضع متفجر.
> في الستينات سرحت بيروت ومرحت عندما أخذت تغزوها أفلام أكشن جاسوسية. أفلام مسلية بلا قيمة أخرى تفرعت من نجاح سلسلة جيمس بوند مثل «24 ساعة للقتل» «العميل 505: فخ موت في بيروت» و«حيث الجواسيس» وجلب ذلك بعض الضجة المناوئة ثم تم نسيانها. وهذا الفيلم سيسير في الدرب ذاته بالتأكيد.
م. ر