تفجيرات بغداد... هل عاد «داعش»؟

رغم مرور شهرين على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، القضاء على تنظيم "داعش" في العراق عسكريا، إلا أنه لا يزال التنظيم يشكل خطراً على حياة المدنيين، فالتفجيرات التي حدثت يوم السبت الماضي وأدت الى مقتل وجرح العديد من المواطنين دليل على أن التنظيم الإرهابي ما زال موجودا على شكل خلايا نائمة ومسلحين هاربين وسط التجمعات السكانية، بانتظار القيام بعمليات انتحارية أو هجمات متفرقة.
فقد أعلنت وزارة الداخلية العراقية اليوم (الخميس)، امتلاكها معلومات "دقيقة" بشأن مخططي التفجيرات الانتحارية التى استهدفت المواطنين فى ساحتى الطيران وعدن فى العاصمة بغداد، مشيرة إلى أن حصيلة تلك التفجيرات بلغت 27 قتيلا وأكثر من 100 جريح.
وقال المتحدث باسم الداخلية اللواء سعد معن في تصريحات تلفزيونية "إن وكالات الاستخبارات لديها معلومات دقيقة عن العناصر التى نفذت الهجمات الأخيرة فى بغداد"، مشيرا إلى أن منفذى تلك الهجمات ينتمون إلى تنظيم داعش الإرهابى.
وأوضح معن أن بعض وسائل الإعلام روجت للشائعات بخصوص وجود تفجيرات أخرى فى مناطق متفرقة، مؤكدا أن حادثا واحدا فى الرصافة نفذ فى ذلك اليوم، بدراجة وهو حادث جنائى، وتم فتح تحقيق بخصوص هذا الموضوع.
وشدد المتحدث باسم الداخلية على أن الحرب مع "داعش" والتطرف والإرهاب لم تنته، مؤكدا أن وزير الداخلية قاسم الأعرجي مستمر بالمتابعة بخصوص الهجمات الأخيرة.
وقد أوضحت عمليات بغداد يوم السبت الماضي أن تفجير ساحة الطيران في بغداد، أكبر عمل إرهابي يستهدف العاصمة وسكانها منذ مدة غير قصيرة.. لوقوعه في هذه المنطقة بالذات وبعد يوم واحد من تفجير ساحة عدن، مغزى كبير بكون "الإرهاب عائد كما كان".
من جهته، يؤكد علي البياتي، وهو آمر أحد ألوية قوات الحشد الشعبي في ناحية نمرود الأثرية جنوب الموصل، أن "أمن المدينة هش، ويمكن أن ينهار في أية لحظة". وفي الصيف الماضي، احتفلت السلطات العراقية بـ"تحرير" الموصل المجاورة، في شمال البلاد.
لكن الآن، فإن "عناصر وجيوب وجماعات مسلحة هربت من الموصل" التي كانت يوما المعقل العراقي لداعش الإرهابي بعد استعادتها من قبل القوات الأمنية، وفق البياتي.
ويؤكد القيادي في الحشد الشعبي لوكالة الصحافة الفرنسية أن هؤلاء "يختبئون في مناطق صحراوية غرب الموصل" التي تمتد على آلاف الكيلومترات المربعة الحدودية مع سوريا، و"ينفذون هجمات تستهدف القوات الأمنية والأهالي على حد سواء". ويتابع أن هؤلاء المسلحين "يستغلون المناطق الصحراوية والوديان والهضاب والحفر والمخابئ التي سبق أن حفروها (قبل استعادة الموصل)، وقد هيأوا كافة احتياجاتهم من الأسلحة والأعتدة والماء والوقود والغذاء بما يوفر لهم إمكانية الاختباء لفترات طويلة".
وتقع نمرود جنوب الموصل، في محافظة نينوى، حيث "تم اعتقال أكثر من 4000 عنصر من تنظيم داعش" منذ استعادة ثاني أكبر مدن البلاد في العاشر من يوليو (تموز) 2017، وفق ما يشير قائد شرطة نينوى اللواء واثق الحمداني.
وقبل أيام، دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى "ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة" للإرهابيين، بعد هجوم انتحاري طال العاصمة العراقية وأسفر عن مقتل 31 شخصا، وهي الحصيلة الأعلى منذ تحرير الموصل.
لكن الباحث في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي يقول للوكالة "يمكننا القول الآن إن مصطلح "خلايا نائمة" هو مصطلح خاطئ، بل هذه الخلايا ناشطة وقادرة على شن هجمات وأيضا استعادة السيطرة على بعض النواحي والقرى". لافتا إلى أن "هناك ضبابية واضحة وعدم رؤية كاملة للأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية العراقية عن هذه الخلايا".
تعرض عدد من أهالي مدينة الموصل نفسها للاستهداف، بحسب ما يقول عايد اللويزي عضو مجلس محافظة نينوى للوكالة.
ويقول اللويزي "بحسب المعلومات التي وصلتنا تعرضت مناطق إلى هجوم في جنوب الموصل، كما تعرض مواطنون داخل مدينة الموصل إلى عمليات سطو واغتيالات، وقسم من المعتدين يرتدون زيا عسكريا". ويؤكد أن "غالبية الهجمات يشنها بقايا عناصر تنظيم داعش يوجدون في مناطق الجزيرة شمال الحضر وباتجاه قضاء تلعفر وناحية تل عبطة وحدود محافظة الأنبار". ولذا، يعتبر الهاشمي أن "هذا دليل على أن إعلان العراق للنصر العسكري على داعش يعني أنه لم يعد لهم مبان سكنية أو حكومية أو مأهولة ترفع عليها راياتهم فقط".
ونتيجة لما حدث أقدم التحالف منذ أشهر على تدريب "القوات العراقية لتنتقل من مرحلة القتال إلى مرحلة عمل الشرطة ومواجهة المخاطر المحدقة".
ومنذ بداية العام، قتل ثلاثة مدنيين على الأقل ومقاتل واحد على الأقل من الحشد الشعبي، وفق مصادر أمنية عدة. في المقابل أشارت المصادر نفسها إلى أن نحو 60 داعشياً قتلوا في تلك الاشتباكات".
ومنذ إنجاز تحرير الموصل لفت كثيرون أيضاً إلى أن هزيمة تنظيم داعش الإرهاني لا يعني أبداً هزيمة الإرهاب... الإرهاب لا يكلّ ولا يملّ، لديه أجندة يستقتل من أجل تنفيذها، وهو كثيراً ما يستغلّ غفلة الأجهزة الأمنية وتواكلها وفساد بعض عناصرها أيضاً لتحقيق مآربه.