طهران تنفي وعود ظريف بحوار «باليستي» مع الأوروبيين

تقرير للخارجية الإيرانية يتهم إدارة ترمب بمنع انتفاع إيران من الاتفاق النووي

المصحح: علي أبو زيد
المصحح: علي أبو زيد
TT

طهران تنفي وعود ظريف بحوار «باليستي» مع الأوروبيين

المصحح: علي أبو زيد
المصحح: علي أبو زيد

نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن تكون طهران قد أبدت استعداداً للتفاوض حول برنامج الصواريخ الباليستية، مشدداً على أنه «شأن داخلي، وضمن السياسات الدفاعية».
وقال قاسمي إن السياسة والمواقف الإيرانية حول برنامج الصواريخ الباليستية «واضحة وصريحة، وإن الدول الأخرى تعرف جيداً مواقف إيران»، وفق ما نقلته عنه وكالة «إيرنا»، وذلك بعد ساعات من نشر صحيفة «فايننشال تايمز» تقريراً أمس حول استعداد إيراني لتفاوض «جاد ومكثف» حول برنامجها الصاروخي، أعلنه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأسبوع الماضي لدى لقائه بنظرائه الأوروبيين الثلاثة (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) في بروكسل، بحضور منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني.
ويأتي الإعلان بعد أقل من أسبوع من تأييد مشروط للاتفاق النووي من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإمهال الدول الأوروبية 120 يوماً لسد ثغرات الاتفاق النووي، وعلى رأسها التفاوض حول برنامج إيران لتطوير الصواريخ الباليستية.
وصرح قاسمي بأن مواقف بلاده «لم تتغير تحت تأثير تهديدات ومواقف الولايات المتحدة والدول الأخرى»، مجدداً مزاعم بلاده حول «الأبعاد الدفاعية والرادعة، وعدم تهديدها للدول الأخرى».
ورداً على دعوات دول غربية لطهران للجلوس على طاولة الحوار حول برنامجها الصاروخي، قال قاسمي إن «إيران لن تسمح لأي بلد بالتدخل في شؤونها الداخلية والسياسات الدفاعية، خصوصاً برنامج الصواريخ».
كما أعلن قاسمي عن رفض إيراني لإعادة النظر في سياساتها الإقليمية، وزعم أن سياسة بلاده في المنطقة «بناءة، وفي إطار تعزيز السلم والأمن الإقليمي والعالمي»، مضيفاً أن غيابها الإقليمي «يفاقم الفوضى وزعزعة الاستقرار واتساع الإرهاب».
وفي سياق آخر، قدمت الخارجية الإيرانية تقريرها الثامن حول تنفيذ الاتفاق النووي إلى لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية في البرلمان الإيراني.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن الخارجية الإيرانية في تقريرها الجديد تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية «منع انتقاع إيران من الاتفاق النووي».
ويلزم قانون في البرلمان الإيراني وزارة الخارجية بتقديم تقرير كل 3 أشهر حول مسار الاتفاق النووي إلى لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان.
ويتكون التقرير الجديد من 4 أجزاء حول تحديات وموانع الاتفاق النووي ومتابعة الخارجية الإيرانية وآخر التطورات على صعيد رفع العقوبات وآخر التحولات في مجال النشاط النووي.
وفي سياق متصل، قال نائب وزير النقل أصغر فخرية كاشان إن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرافض للاتفاق النووي يهدد صفقات بمليارات الدولارات أبرمتها طهران لشراء طائرات من طراز «إيرباص».
وصرح فخرية كاشان، في تصريح لوكالة أنباء «إيلنا» الإصلاحية، بأنه «نظراً لموقف السيد ترمب بشأن (إمكان) الانسحاب من الاتفاق النووي، علينا التأكد من أن التراخيص ستبقى صالحة (...) بغض النظر عن أي قرار تتخذه الولايات المتحدة»، وأضاف: «ما دام لم يتم حل المسائل الضبابية، فلن نسدد أي دفعات مقدماً (...) بسبب هذه المفاوضات، قد يحصل تأخير في الدفعات».
ويفتح بند محدد في الاتفاق النووي لعام 2015، الذي رفع بعض العقوبات الدولية مقابل قيود على برنامج إيران النووي، الطريق أمام الأخيرة لشراء طائرات من مزودين دوليين.
وبعد عام من توقيع الاتفاق، منح مكتب مراقبة الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأميركية تراخيص لشركة «إيرباص» لبيع مائة طائرة إلى الخطوط الجوية الإيرانية الرسمية التي طلبت كذلك 80 طائرة من «بوينغ».
وتحتاج شركة «إيرباص» الأوروبية إلى تراخيص تصدير من الولايات المتحدة، حيث يتم تصنيع بعض قطع طائراتها.
والجمعة، هدد ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي، في حال لم تحرز المفاوضات المتعلقة ببرنامج إيران الصاروخي تقدماً، ومن غير الواضح إن كان ذلك سيؤدي إلى سحب التراخيص الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الخارجية.
وقال فخرية كاشان إن التراخيص «صالحة حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، لكنها صدرت بموجب الاتفاق النووي»، مضيفاً: «في أسوأ الأحوال، إذا أرادت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي، يتوقع أن يلتزم الجهاز التنفيذي كذلك بهذا القرار».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».