ولاية راخين في ميانمار مسرحاً لأعمال العنف من جديد

بنغلاديش تقدر أعداد الروهينغا في مخيماتها بأكثر من مليون شخص

أطلقت الشرطة النار على محتجين في الولاية مما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 بعدما شابت أعمال عنف احتفالاً بذكرى مملكة أراكان البوذية القديمة (أ.ب.أ)
أطلقت الشرطة النار على محتجين في الولاية مما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 بعدما شابت أعمال عنف احتفالاً بذكرى مملكة أراكان البوذية القديمة (أ.ب.أ)
TT

ولاية راخين في ميانمار مسرحاً لأعمال العنف من جديد

أطلقت الشرطة النار على محتجين في الولاية مما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 بعدما شابت أعمال عنف احتفالاً بذكرى مملكة أراكان البوذية القديمة (أ.ب.أ)
أطلقت الشرطة النار على محتجين في الولاية مما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 بعدما شابت أعمال عنف احتفالاً بذكرى مملكة أراكان البوذية القديمة (أ.ب.أ)

الاحتجاجات العنيفة الحالية التي تجتاح ولاية راخين في ميانمار، التي كانت مسرحاً لأعمال عنف بحق أقلية الروهينغا المسلمة، تلقي الضوء على التحدي الذي يواجه زعيمة البلاد أونغ سان سو تشي في بلد تطالب فيه عشرات الجماعات العرقية بالحكم الذاتي منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.
وجاءت أعمال الشغب في اليوم نفسه الذي وقعت فيه حكومة سو تشي على اتفاق مع الجارة بنغلاديش يسمح بعودة ما يقارب المليون من لاجئي الروهينغا إلى قراهم في الولاية، وهذا ما انتقدته المنظمات الأممية واعتبرته منقوصاً لأنه لا يضمن سلامة الروهينغا بعد عودتهم من أعمال العنف الطائفية والقومية.
وفي ليل الثلاثاء، أطلقت الشرطة النار على محتجين في الولاية، مما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 بعدما شابت أعمال عنف احتفالاً محلياً بمملكة أراكان البوذية القديمة لدى تجمع نحو 5 آلاف بوذي. وقال تين ماونج سوي، المسؤول في حكومة ولاية راخين، لـ«رويترز» إن المحتجين تجمعوا في وقت متأخر ليلة الثلاثاء في بلدة «مراوك يو»، في الجزء الشمالي من راخين، لإحياء ذكرى نهاية المملكة.
ولم تشمل الحملة الأمنية الدامية التي شنها الجيش ضد أقلية الروهينغا المسلمة، والتي وصفت بأنها نموذج لمفهوم التطهير العرقي، البلدة البوذية «مراوك يو». وقال النائب عن البلدة من حزب أراكان الوطني أو هلا سو: «لا يمكن الصفح عن مسألة استخدامهم (الشرطة) للأسلحة النارية»، مؤكداً عدد القتلى، وواصفاً تصرف الشرطة بـ«الجريمة».
وأفاد شاهد عيان يدعى نيي نيي (29 عاماً) بأنه كان من الممكن تجنب وقوع المواجهات لو أن الشرطة تدخلت في وقت أسرع، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان لدى الشرطة الوقت الكافي للتحضير لمنع الحشد قبل وصوله إلى المبنى (...) كان بإمكانهم إغلاق الشارع لكنهم لم يقوموا بذلك».
وتضم ولاية راخين التي تمزقها النزاعات الأهلية أصلاً جيشاً بوذياً متمرداً، يدعى «جيش أراكان» ويقاتل جيش ميانمار، لكن مراقبين حذروا من أن العنف الذي وقع الثلاثاء قد يفتح فصلاً جديداً من الاضطرابات في الولاية. ومن جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن «أسفها» جراء سقوط قتلى، وحثت على فتح تحقيق في «أي استخدام غير متناسب للقوة».
وبخصوص اتفاق عودة الروهينغا، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء الاتفاق الموقع بين بنغلاديش وميانمار، قائلاً: «نعتقد أنه من المهم جداً أن تكون المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة مشاركة في العملية لضمان التزامها بالمعايير الدولية».
وقال غوتيريش إنه من الضروري أن تكون العودة طوعية، وأن يسمح للروهينغا بالعودة إلى منازلهم الأصلية، وليس إلى مخيمات. كما أعربت مجموعات حقوق الإنسان عن القلق إزاء وتيرة العملية، خصوصاً في ظل استمرار فرار الروهينغا من راخين.
وقال جيمس غوميز، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لجنوب شرق آسيا والمحيط الهادي، إنه «فيما لا تزال ذكريات الاغتصاب والقتل والتعذيب ماثلة في عقول اللاجئين الروهينغا، فإن خطط إعادتهم إلى ميانمار لا تزال سابقة لأوانها بشكل مقلق»، وأضاف: «إن التشويش والنفي الذي تمارسه سلطات ميانمار لا يعطي سبباً للأمل في أن تكون حقوق الروهينغا العائدين محمية، أو أن أسباب فرارهم أساساً لم تعد قائمة»، فاتفاق إعادتهم يشمل فقط الذي وصلوا بعد أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وقال الطرفان، الثلاثاء، إنهما اتفقا على إنجاز العملية في غضون سنتين، في أول جدول زمني ملموس لعودة اللاجئين. وأحصت بنغلادش أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا المقيمين في مخيمات قرب حدودها مع ميانمار، ما يفوق توقعات سابقة، بحسب ما أعلنه المسؤول عن مشروع تسجيل اللاجئين، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. وبدأ الجيش البنغلادشي تسجيل البيانات البيومترية للاجئين العام الماضي، بعد نزوحهم بأعداد كبيرة من ميانمار. وتقول بنغلاديش إنها تريد البدء في إعادتهم الأسبوع المقبل.
وقال الجنرال في الجيش البنغلادشي سيد الرحمن الذي يرأس مشروع التسجيل: «قمنا حتى الآن بتسجيل 1.004.742 من الروهينغا، تم إعطاؤهم بطاقات تسجيل بيومترية»، وأضاف أن آلافاً آخرين لم يتم تسجيلهم بعد. وتفوق الأرقام تقديرات الأمم المتحدة عن وجود 962 ألفاً من الروهينغا في جنوب شرقي بنغلاديش، قرب الحدود مع ميانمار. ويشمل ذلك الرقم 655 ألف لاجئ تقدر الأمم المتحدة أنهم وصلوا إلى بنغلاديش بعد 25 أغسطس (آب) 2017، عندما شن الجيش عملية عسكرية ضدهم. وقد أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن 6.700 من الروهينغا المسلمين قتلوا في الشهر الأول لبدء العملية العسكرية. وذكر لاجئون في بنغلاديش روايات عن عمليات اغتصاب جماعية مفترضة، وإحراق متعمد للمنازل على أيدي جنود والغالبية البوذية في راخين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».