إدانة غربية لاشتباكات طرابلس... والجيش يكتفي بالمراقبة

الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة يتفقان على توحيد آراء الليبيين من أجل تشكيل حكومة شاملة

عامل بمطار معيتيقة يقترب من طائرة أفريقية تعرضت لطلقات الرصاص خلال المواجهات المسلحة التي عرفها المطار أول من أمس (أ.ف.ب)
عامل بمطار معيتيقة يقترب من طائرة أفريقية تعرضت لطلقات الرصاص خلال المواجهات المسلحة التي عرفها المطار أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إدانة غربية لاشتباكات طرابلس... والجيش يكتفي بالمراقبة

عامل بمطار معيتيقة يقترب من طائرة أفريقية تعرضت لطلقات الرصاص خلال المواجهات المسلحة التي عرفها المطار أول من أمس (أ.ف.ب)
عامل بمطار معيتيقة يقترب من طائرة أفريقية تعرضت لطلقات الرصاص خلال المواجهات المسلحة التي عرفها المطار أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس، أن حصيلة الاشتباكات التي شهدتها المدينة أول من أمس، ارتفعت إلى 20 قتيلاً و69 جريحاً. وفي أول رد غربي على الأحداث، قال جوزيبى بيروني، سفير إيطاليا لدى ليبيا، في تغريدة له عبر موقع «تويتر» إنه «متألم بسبب العنف»، وبعدما اعتبر أن مطار معيتيقة يعكس آمال وروح الانفتاح لدى الليبيين، الذين يتطلعون إلى حياة خالية من الخوف والتهديد، قال إن «الذين يعبثون بهذا التطلع، يعبثون بالشعب الليبي».
ونقلت وكالة «أنسا» عن وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، أن بلادها ستعزز بعثتها إلى ليبيا بشكل طفيف، وقدمت بينوتي مقترحاً إلى البرلمان لإرسال بعثة عسكرية قوامها 400 عنصر خلال العام الحالي.
وقالت بينوتي، أول من أمس، في إحاطة أمام لجنتي الدفاع والشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ حول السياسة الخارجية لإيطاليا، إن «تعاوننا مع ليبيا يسير بشكل إيجابي».
في المقابل، اكتفت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا ببيان مقتضب قالت فيه إنها «تذكّر كل الأطراف في منطقة طرابلس الكبرى بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية بحماية المدنيين والمنشآت المدنية»، مشيرة إلى أن «القانون الإنساني الدولي يحرّم الاعتداء المباشر أو غير المباشر على المدنيين».
من جهتها، نعت «قوة الردع الخاصة» 8 من عناصرها، قالت إنهم قُتلوا في الاشتباكات التي جرت في محيط مطار معيتيقة الدولي والسجن المجاور له، الذي حاولت ميليشيات مسلحة يقودها «بشير البقرة» الهجوم عليه لإطلاق سراح متطرفين معتقلين بداخله، واصفةً الميليشيات التي هاجمت المطار بأنها «بعض الخارجين عن القانون والمستهترين بالأمن وحياة المواطن».
كما نعت القوة، التي أكدت أن الوضع في المطار والسجن بات تحت السيطرة، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، 4 عناصر من كتيبتي «ثوار طرابلس»، و«النواصي»، قبل أن تشيد بـ«الأجهزة الأمنية التي تنادت ووقفت برجالها وعتادها مع قوة الردع لدحر المجرمين وحماية العاصمة من شر المخربين».
ونقلت وكالة الأنباء الموالية لحكومة الوفاق الوطني عن الناطق باسم القوة أن محيط المطار تم تأمينه بالكامل، والوضع في المنطقة تحت السيطرة بعد طرد المجموعة المسلحة الخارجة على القانو ن التي حاولت استهداف المطار ومرافقه.
ولحقت أضرار بطائرة ركاب من الطراز «إيرباص إيه 319»، تابعة لشركة الخطوط الجوية الأفريقية الليبية بعد إصابتها بنيران مدفعية، كما أصيبت 4 طائرات أخرى على الأقل بأضرار بدا أنها أقل جراء إطلاق النار، منها طائرتان تديرهما شركة «الأجنحة الليبية للطيران»، والأخريان تابعتان لـ«طيران البراق»، وهما من طراز «بوينغ 737»، قالت الشركة إنهما كانتا تستعدان لرحلة خارج البلاد للصيانة. ويعتبر هجوم أول من أمس، الأعنف من نوعه، حيث شهد مهاجمة المسلحين للمطار والسجن الذي يقع داخله، والذي يأوي المئات من عناصر الجماعات الإرهابية المعتقلين خلال السنوات الماضية، علماً بأن محيط المطار يشهد اشتباكات وهجمات مسلحة متكررة.
ولم يصدر أي رد فعل عن المشير خليفة حفتر، القائد العلم للجيش الوطني، الذي سبق أن هدد باعتزامه تحرير طرابلس من هيمنة الميليشيات المسلحة، لكنّ مسؤولاً مقرباً منه أبلغ «الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش تتابع عن كثب التطورات الميدانية على الأرض في العاصمة.
وسعى المهدي البرغثي، وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، إلى استغلال أحداث طرابلس لتحسين العلاقات المتوترة مع رئيسها فائز السراج، الذي كان قد أوقفه عن العمل على خلفية تورطه في مجزرة تعرضت لها قوات الجيش الوطني الليبي في هجوم على قاعدة براك الشاطئ الجوية، منتصف العام الماضي.
وأكد البرغثي في بيان أمس، ما جاء في قرار السراج، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، القاضي بحل الكتيبة 33 مشاة، المشاركة في الهجوم، وقال: «لن نتردد باتخاذ قرارات حازمة وصارمة ضد هذه التشكيلات الخارجة عن القانون، وإحالة المشاركين في هذا الهجوم البربري إلى التحقيق، وفق الإجراءات والقوانين المعمول بها».
إلى ذلك، اتفق الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا «على أن تعمل المنظمتان معاً لتيسير بناء توافق في الآراء بين الليبيين من أجل توحيد المؤسسات الليبية، وتشكيل حكومة وطنية شاملة، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في البلد».
وقال موسى فكي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، عقب لقائه أول من أمس، مع غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، في مقر الاتحاد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إنهما بحثا الوسائل التي يمكن بها تعزيز الشراكة من أجل التصدي للأزمة السائدة في البلد.
من جهة ثانية، أعلن خفر السواحل الليبي عن إنقاذ 360 مهاجراً غير شرعي، عبر عمليتين منفصلتين شرق وغرب العاصمة.
ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن الرائد ناصر القمودي، آمر الزورق (صبراتة) التابع لجهاز خفر السواحل، أن «عناصر دورية، تلقوا نداء استغاثة قبالة ساحل مدينة القرة بوللي على بعد 60 كيلومتراً شرق طرابلس، وعند الوصول وجدنا قارباً على متنه العشرات من المهاجرين، وتم إنقاذهم جميعاً».
وأشار إلى أن العدد الإجمالي للمهاجرين الذين تم إنقاذهم بلغ 360 فرداً، وهم من جنسيات عربية وأفريقية، وتم نقلهم إلى قاعدة طرابلس البحرية، وتسليمهم إلى مراكز الإيواء بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.