تل أبيب تواصل هجومها على تصريحات عباس... وتطالب أوروبا بشجبها

عقدت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوطوبيلي، أمس، لقاء مع عمانوئيل جوفرا، سفير الاتحاد الأوروبي في إسرائيل، وطرحت عليه مطلبا رسميا بشجب تصريح الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في المجلس المركزي، الذي قال فيه إن «إسرائيل مشروع استعماري أوروبي».
وقالت المسؤولة الإسرائيلية إن «تصريحات أبو مازن الخطيرة هي دمج ما بين الأكاذيب وبين الطعن بدول الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وتستحق الانتقاد البالغ. فلا يمكن للفلسطينيين تمويل الإرهاب وطلب الدعم والاحتضان من قبل الأوروبيين».
وفي إطار هذا السعي لاستثمار خطاب أبو مازن لصالح سياسة الرفض الإسرائيلية، اجتمع الرئيس الإسرائيلي رؤوبين رفلين، وعدد آخر من المسؤولين مع وفد رفيع من إدارة اللوبي اليهودي الأميركي «إيباك»، وأبلغهم أن تصريحات الرئيس الفلسطيني تتجاوز في خطورتها كل خطابات الرفض الفلسطينية.
وقال رفلين إن عباس «كرر الأفكار التي عبر عنها قبل عشرات السنوات، وكانت رهيبة بشكل لا يقل عنها اليوم. فالقول إن إسرائيل هي نتاج مؤامرة للعالم الغربي على توطين اليهود في مناطق تابعة للعرب، وبأن الشعب اليهودي لا تربطه صلة بأرض إسرائيل، ينسف كل تقدم حصل في الخطاب الفلسطيني عبر التاريخ ويعيدنا إلى المربع الأول الذي يرفضون فيه وجودنا الشرعي... ومن دون هذا الاعتراف الأساسي، لا نستطيع بناء الثقة والتقدم».
وتنوي السلطات الإسرائيلية مواصلة استثمار خطاب عباس من هذه الزاوية، فضلا عن توظيف تحريض الأميركيين للرئيس دونالد ترمب بسبب قول عباس «يخرب بيتك».
كما يجمع قادة معظم الأحزاب الإسرائيلية في اليمين والوسط على رفض أقوال عباس، إذ قال دكتور يوسي بيلين، أحد كبار مهندسي اتفاقيات أوسلو، الذي قاد المفاوضات السرية في أوسلو في مطلع التسعينات، إن «خطاب الرئيس عباس شغل العالم الذي حاول أن يفهم ما إذا كانت عبارة (يخرب بيتك) مقصودة حقا كشتيمة، أو أنها مقولة عابرة في الخطاب الفلسطيني. لكن هذا لا يهم حقا. ما يهم هو أن الرؤساء لا يتكلمون هكذا، حتى لو كانت هذه هي لغة الشعب. والعودة إلى الوصف التاريخي للصهيونية كاستعمار هو تحريف للأمور»، مضيفا أن عباس «أعلن مرارا أن (أوسلو) انتهى، وهو لا يزال يتكلم كما لو أنه لا يملك الأوراق في يديه، لكن الحقيقة هي أن لديه أوراقا قوية لكنه لا يستخدمها. فهو يمكنه أن يعلن إلغاء الالتزام الفلسطيني باتفاق أوسلو وتفكيك السلطة الفلسطينية وعودة المسؤولية عن الأراضي إلى إسرائيل. ويمكن أيضا أن يعلن أن الفلسطينيين مستعدون للتخلي عن فكرة دولتين، وأن كل ما يطالبون به هو أن يكونوا جزءا من إسرائيل، كمواطنين متساوين. لكن بدلا من إحداث صدمة، يفضل عباس التضليل وإشغالنا في تفسير لعناته».
واللافت للنظر أن المنظومة الأمنية لم تعبّر عن أي موقف من تصريحات عباس، لكن المقربين منهم يؤكدون أن رأيهم يختلف في ماهيته عن رأي غالبية التيارات السياسية الإسرائيلية. فهم يرون أن أبو مازن لا يملك أي نيات لتغيير إرثه، وترك وسائل النضال السلمي لصالح العمل العسكري، مبرزين أن «الأمر الوحيد الذي يقف حائلا بين عشرات الآلاف من حملة السلاح من أبناء تنظيم فتح، وبين استخدام سلاحهم ضد الإسرائيليين هو الأوامر الواضحة الصادرة من المقاطعة». ويبقى السؤال الأهم الذي يطرحه قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هو: هل سيقوم أبو مازن على مشارف انتهاء حياته فوق المنصّة، بالتلميح إلى التنظيم، كما فعل سابقه عرفات، والسماح له بالعودة إلى المقاومة المسلحة؟ حتى هذه اللحظة تشير تقديرات الخبراء وبعض المتابعين للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى أن الزعيم الفلسطيني لا يرغب في ذلك.