بان كي مون يتأرجح بين الغرب والمغرب لاختيار مبعوث لسوريا

معارك دير الزور تحتدم.. وتقترب من الحدود العراقية

بان كي مون يتأرجح بين الغرب والمغرب لاختيار مبعوث لسوريا
TT

بان كي مون يتأرجح بين الغرب والمغرب لاختيار مبعوث لسوريا

بان كي مون يتأرجح بين الغرب والمغرب لاختيار مبعوث لسوريا

رغم مرور عشرة أيام على الاستقالة الرسمية للأخضر الإبراهيمي من منصبه كمبعوث للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، فإن البحث مازال جاريا في أروقة الأمم المتحدة عمن يخلفه في هذه المهمة. ويعلم الجميع أن المهمة المطلوبة من المرشح الجديد «صعبة»، وأن فرص إحداث اختراق سريع في الأزمة السورية تكاد تكون ضئيلة جدا، في ظل الوضع المتدهور هناك، وإخفاق كل من الإبراهيمي وسلفه كوفي أنان، في وضع حلول سلمية وسياسية لإنهاء الصراع الدامي في البلاد.

وبينما تتغير كل يوم بورصة الأسماء المرشحة والجدل الدائر حولها، ومدى تقبل الدول العربية للأسماء المرشحة، وتوافق الدول الغربية بشأنها، كشفت مصادر دبلوماسية عربية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن رغبة لدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون باختيار مرشح من المغرب، البلد الذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف المعنية بالأزمة السورية مما يضمن الحصول على توافق عربي ودولي على اسم المرشح.

وبينما ذكرت مصادر مطلعة في الرباط لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر طرح»، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل، قال مصدر آخر وثيق الاطلاع إن «الأمر غير وارد، وإن هناك اتجاها لاختيار شخصية غربية للابتعاد عن الحساسيات العربية - العربية». ورجح أن يكون المرشح الأكثر حظوظا هو يان إليانسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية.

في غضون ذلك، يرى مراقبون أن طرح اسم مرشح مغربي من المرجح أن يحظى بتوافق عربي وغربي، إذ لدى المغرب علاقات ممتازة مع جميع الدول المعنية بالأزمة السورية سواء المملكة العربية السعودية أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي إضافة إلى علاقات جيدة مع روسيا والصين.

ويعود موضوع طرح مرشح من المغرب إلى الصدارة مجددا بعد أن جرى تداوله عام 2012، حيث اختير محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي الأسبق، من قبل كي مون والدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، لتولي مهمة الممثل الخاص لهما في سوريا.

وكان العربي، حسب معلومات «الشرق الأوسط» هو الذي اتصل ببن عيسى يوم 20 فبراير (شباط) 2012 ليبلغه رغبته ورغبة كي مون في تولي مهمة مبعوثهما الخاص إلى سوريا، بيد أن بن عيسى عاد بعد يوم واحد للاتصال بالأمين العام للجامعة العربية، معتذرا له عن قبول العرض «لظروف عائلية خاصة».

يذكر أنه بعد يومين من اعتذار بن عيسى عن قبول العرض العربي والدولي، اختير كوفي أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، لتولي المهمة.

وكانت أروقة الأمم المتحدة شهدت نقاشات حول الرجل المناسب لهذا المنصب حتى قبل إعلان استقالة الإبراهيمي بأسابيع عدة. وجرى تداول أسماء عربية وغربية بينها كمال مرجان، وزير الخارجية التونسي في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

وقال مرجان، في تصريحات مقتضبة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا طرحت عليه منذ نحو شهر، وإنه «على استعداد لتولي هذه المهمة الشاقة». لكنه أضاف قائلا «حتى الآن لم يصلني عرض رسمي من الأمم المتحدة».

وبينما عد مرجان المهمة بأنها «تكاد تكون مستحيلة جراء تعقيدات الملف السوري»، قال إن «إمكانيات النجاح ليست بعيدة المنال في هذه المهمة التي تشرف الدبلوماسية التونسية والعربية». وأشار إلى أنه تولى في السابق مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة في الكونغو (1999)، مؤكدا أن «هذه المهام الأممية الشاقة والعسيرة ليست جديدة عليه».

في سياق ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر دبلوماسي في نيويورك أن مرجان زار أخيرا نيويورك لبحث العرض الأممي، وأنه التقى إلياسون، لكن دون تحقيق أي نتيجة تذكر.

في غضون ذلك، رجح سفير الائتلاف السوري في واشنطن نجيب الغضبان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس أن يحتاج لتعيين بديل للإبراهيمي إلى وقت ليس بقصير. وقال إن المسألة «لا تتوقف عند تسمية المرشح، بل بإجراء مشاورات واتصالات حول آليات إعادة تحديد مهمة المبعوث الأممي والعربي المقبل، وما إذا كان سيكون مبعوثا مشتركا بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية أم يمثل الأمم المتحدة فقط؟».

وأوضح الغضبان أن «الروس طالبوا بالإسراع في تعيين بديل للإبراهيمي لكن الرد الأميركي، بحسب معطياتي، كان الحاجة إلى وقت طويل»، مجددا الإشارة إلى أن الأولوية اليوم هي «لإعادة تحديد مهمات المبعوث الدولي والعربي». ورأى أن «الإبراهيمي حاول وضع خطوط عريضة وتمكن من عقد جولتي محادثات جنيف الأولى والثانية، من دون أن يتمكن من إحراز أي تقدم في ظل رفض النظام السوري للحل السياسي».

وبينما أكد الغضبان أن «مهمة من سيخلف الإبراهيمي صعبة جدا»، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة ليست في هوية بديل الإبراهيمي بل في الجو السياسي العام الذي لم يبلغ نقطة استئناف عملية المسار السياسي».

وأوضح رمضان أن «الأجواء الإقليمية والدولية ليست مواتية بعد لأن النظام السوري يرفض، وحلفاءه يشجعونه على رفض الانخراط في حل سياسي وفق بنود اتفاق جنيف 1 و2».

وكان من بين الأسماء التي جرى تداولها لشغل المهمة الدولية والعربية، رئيس الوزراء الأسترالي كيفين مايكل رود، بيد أنه أبدى عدم رغبته في شغل المنصب نظرا لجهله باللغة العربية.

ومن بين الأسماء المتداولة أيضا خافيير سولانا، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبق، ومايكل وليامز من قدامي المحاربين البريطانيين، وميغيل أنخل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الأسبق (2004 - 2010). غير أن مصدرا مقربا من الأخير قال لـ«الشرق الأوسط» إن موراتينوس لم يتلق أي عرض بشأن خلافة الإبراهيمي.

وتردد أخيرا اسم عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية المرشح لمناصب برلمانية وقيادية عليا في مصر مما قد تكون أكثر جذبا ونجاحا له عن «المهمة المستحيلة» في سوريا.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.