إسلام آباد: التعاون بين واشنطن ونيودلهي يهدف إلى عزلنا

TT

إسلام آباد: التعاون بين واشنطن ونيودلهي يهدف إلى عزلنا

تعتبر باكستان التعاون الوثيق القائم بين إدارة الرئيس دونالد ترمب الأميركية وحكومة مودي الهندية محاولة لعزل وتحييد باكستان. وتعتقد الدوائر السياسية والعسكرية في باكستان أن الإدارة الأميركية خاضعة للتأثير والنفوذ الهندي ولجماعات الضغط السياسي الهندية في واشنطن بشكل خاص. ومنذ قدومه إلى السلطة والرئيس دونالد ترمب يكيل الاتهامات المتكررة ضد باكستان بإيواء الإرهابيين وممارسة الألاعيب المزدوجة مع واشنطن.
وتدخل نيودلهي على الخط نفسه إذ توجه حكومة مودي الاتهامات المتكررة إلى إسلام آباد بأنها قد تحولت إلى محور للإرهاب. ولقد بدأت تلك التوترات في أيلول (سبتمبر (أيلول) لعام 2016 عندما تعرضت نقطة عسكرية هندية واقعة على خط السيطرة في قطاع أوري لهجوم من قبل بعض المسلحين قتل فيها أكثر من 20 جنديا هنديا. ثم تعهدت الحكومة الهندية في وقت لاحق بالعمل على عزل باكستان على الصعيد الدولي والإقليمي. ورفض رئيس الوزراء الهندي حضور اجتماع قمة رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (سارك) والمقرر عقده في إسلام آباد. وفي الأثناء ذاتها، تعرضت العلاقات الأميركية الباكستانية لحالة من التوتر الشديد بسبب اتهامات الرئيس الأميركي ضد باكستان.
وبدأ التدهور الواضح في العلاقات في الظهور على سطح الأحداث بعد خطاب الرئيس الأميركي في أيلول عام 2017 والذي اتهم فيه باكستان بإيواء الإرهابيين والمسلحين الذين كانوا يستهدفون القوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان. كما حذر باكستان من العواقب الوخيمة جراء هذه السياسات.
وكان المزاج العام قابلا للملاحظة والإدراك في الدوائر الرسمية في إسلام آباد وبات من المعتقد على وجه عام أن استمرار العلاقات الوثيقة مع واشنطن ليس من الأمور المحتملة في المرحلة المقبلة. وفي مقابلة تلفزيونية مع أحد أبرز وزراء الحكومة الباكستانية في أعقاب خطاب لرئيس الأميركي المشار إليه، كانت شكاوى الوزير كثيرة للغاية ضد واشنطن ولكنه، وفي الوقت نفسه، قرر ألا يسيء إلى الإدارة الأميركية على نحو مباشر. وقال لـ«الشرق الأوسط»» إن «الأميركيين لا يستمعون إلينا، ولكن الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى الوحيدة في العالم وليس بوسعنا تحمل عواقب الخصومة الأميركية».
وفي أعقاب خطاب الرئيس الأميركي، شعرت الحكومة الباكستانية بالإساءة البالغة من مضمون الخطاب حتى إنها قررت إلغاء زيارة وزير الخارجية الباكستاني التي كانت مقررة إلى واشنطن وإرساله عوضا عنها لزيارة بكين، وموسكو، وطهران. كما رفضت إسلام آباد كذلك استقبال المسؤولين المبعوثين من وزارة الخارجية الأميركية. وجاء في بيان رسمي صادر عن خواجة آصف وزير الخارجية الباكستاني للصحافيين خلال جولته الخارجية: «علينا أولا التشاور مع أصدقائنا وموازنة خياراتنا قبل صياغة ردنا الرسمي إزاء السياسة الأميركية - الأفغانية الجديدة». وفي الأثناء ذاتها، تعاظمت، بمرور الوقت، الضغوط الأميركية الممارسة على باكستان للقيام بعمليات صارمة ضد الجماعات الإرهابية المسلحة التي تشن هجماتها على القوات الأميركية والأفغانية داخل أراضي أفغانستان. ونقل عن بعض كبار المسؤولين العسكريين الباكستانيين قولهم في وسائل الإعلام الباكستانية إنهم على استعداد للتعاون مع القوات الأميركية والأفغانية في محاربة المسلحين، ولكنهم لن يسمحوا للحرب الأفغانية بأن تُدار على الأراضي الباكستانية.
ويعتقد خبراء السياسة الخارجية في إسلام آباد أن باكستان قد تلقت دعما معتبرا وكبيرا من حلفاء آخرين مثل الصين، التي يبدو أنها تتفهم الموقف الباكستاني بأنه: «لا بد للحرب الأفغانية أن تجري على الأراضي الأفغانية، وأن باكستان ليست على استعداد لإدارة الحرب الأفغانية على ترابها الوطني». وعقب جولته الثلاثية، قام وزير الخارجية الباكستاني بزيارة واشنطن وأجرى محادثات مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون. ومع ذلك، لا يزال المزاج العام في إسلام آباد يتسم بالعداء لفكرة إجراء أي عملية باكستانية - أميركية على الأراضي الباكستانية، وكان ذلك حين عرض الوزير الباكستاني ترتيب العمليات المشتركة على نظيره الأميركي، وواجهت هذه الفكرة الانتقادات الشديدة في إسلام آباد. وفي حين أن الحكومة المدنية الباكستانية تلتزم جانب الليونة حيال واشنطن، فإن الوزير آصف لم يكن بمنأى تماما عن هذا الموقف العدائي، والسائد للغاية في إسلام آباد، إزاء أي عمليات عسكرية على التراب الوطني الباكستاني.
والآن، أعرب القادة العسكريون والساسة الباكستانيون عن اعتقادهم الصريح أن استمرار العلاقات الوثيقة مع واشنطن بات من الاحتمالات البعيدة في أعقاب تغريدة الرئيس الأميركي الأخيرة التي اتهم فيها باكستان بالكذب والخداع. ولقد علقت الإدارة الأميركية جميع أوجه المساعدات الأمنية للجيش الباكستاني في أعقاب تغريدة الرئيس دونالد ترمب الأخيرة.
ولقد نقلت باكستان، بشكل رسمي، إلى الولايات المتحدة، أنها لم تعد يلزمها الاهتمام بإعادة إحياء المساعدات الأمنية ولكن يتعين على واشنطن الإقرار بالتضحيات الباكستانية الكبيرة في الحرب على الإرهاب.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».