مدريد لمواصلة حكم كاتالونيا إذا عاد بوتشيمون

برلمان الإقليم ينتخب غداً رئيساً جديداً

رئيس الحكومة الإسبانية
رئيس الحكومة الإسبانية
TT

مدريد لمواصلة حكم كاتالونيا إذا عاد بوتشيمون

رئيس الحكومة الإسبانية
رئيس الحكومة الإسبانية

قال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إن الحزب الشعبي الذي يقوده ويقود البلاد قد وقع في أخطاء سياسية في طريقة تعامله مع الأزمة في إقليم كاتالونيا الانفصالي، جاء ذلك على هامش لقائه بقيادات الحزب الشعبي والمعروف اختصارا (بي بي) وأشار راخوي إلى أن الحكومة الإسبانية اضطرت إلى حل حكومة كاتالونيا المنتخبة ديمقراطيا، وذلك لأن رئيس الإقليم الأسبق كارليس بوتشيمون انتهك القانون الإسباني عبر تنظيم استفتاء على استقلال الإقليم. وأكد راخوي في سياق حديثه أن المادة 155 ستستمر في التفعيل في حال قيام نواب البرلمان الكاتالوني غدا بإعادة انتخاب الزعيم بوتشيمون في منفاه البلجيكي، وهي المادة التي تقضي بفرض سلطات الحكومة المركزية في إدارة الإقليم. وأشار راخوي رئيس الحكومة الإسبانية إلى أنه سيكون غير مقبول أن يقود الإقليم زعيم هارب في بلجيكا كما أنه لن يقوم بإدارة الإقليم من منفاه البلجيكي.
وفي هذا السياق اتفق الحزبان الرئيسيان المؤيدان لانفصال إقليم كاتالونيا الإسباني على دعم ترشيح زعيمه السابق كارليس بوتشيمون لرئاسة الإقليم مجددا، مما يثير احتمال سعي كاتالونيا مجددا للانفصال عن إسبانيا هذا العام. وقال جوردي شوكلا ممثل حزب «معا من أجل كاتالونيا» إن حزبه وحزب اليسار الجمهوري لكاتالونيا سيدعمان عودة بوتشيمون لمنصبه الذي تزعم فيه مسعى الاستقلال. وأضاف شوكلا أن نتيجة الانتخابات الإقليمية في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي منحت تفويضاً للانفصاليين بتمثيل الأغلبية. وكان رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي دعا لإجراء الانتخابات الإقليمية في ديسمبر الماضي لإنهاء أسوأ أزمة سياسية تشهدها بلاده منذ عقود بسبب إعلان زعماء كاتالونيا الاستقلال في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد إجراء استفتاء محظور على الانفصال. وحققت الأحزاب المؤيدة للاستقلال أغلبية ضئيلة بالبرلمان رغم أنها لم تتمكن من تخطي نسبة 50 في المائة في التصويت الشعبي. وهذه النتيجة غير الحاسمة لم تحل الأزمة كما أظهرت انقسام الشعب الكاتالوني بين تأييد الاستقلال واستمرار الوحدة مع إسبانيا.
وتأتي تصريحات رئيس الوزراء الإسباني ونواب الانفصال في إقليم كاتالونيا قبيل انعقاد أولى جلسات البرلمان الكاتالوني الجديد غدا 17 يناير (كانون الثاني) في أول خطوة نحو إعادة تنصيب الحكومة الإقليمية بعدما أقالت مدريد الحكومة السابقة بقيادة بوتشيمون لإعلانها الاستقلال بشكل يخالف القانون.
الحكومة الإسبانية وعلى لسان رئيس وزرائها كانت حاسمة في قضية الانفصال وقال رئيس الوزراء راخوي إن مدريد ستواصل إدارة إقليم كاتالونيا إذا انتخب برلمان الإقليم زعيمه المعزول كارليس بوتشيمون رئيسا للإقليم مرة أخرى.
ويعيش بوتشيمون في منفى اختياري في بروكسل كما تم اعتقال الكثير من قادة الإقليم بتهم بث الفتنة والتمرد بعد الإعلان عن الاستقلال. ولا يزال ثلاثة منهم خلف القضبان بانتظار المحاكمة بينما هرب بوتشيمون وأربعة من أعضاء حكومته إلى بروكسل ويعيش بوتشيمون في منفى اختياري في بروكسل وقد يتعرض للاعتقال إذا عاد إلى إسبانيا.
الجدير بالذكر أن إسبانيا تواجه واحدة من أسوأ الأزمات السياسية في تاريخها الحديث وسط تدنٍ غير عادي لشعبية الحزب الحاكم، خصوصا وأنه قبيل أزمة كاتالونيا عانى الحزب الشعبي من عدم قدرته على تشكيل حكومة، وذلك لعدم حصوله على أغلبية كافية مما دفع ملك إسبانيا إلى التدخل بعد مرور أشهر عدة على البلاد دون حكومة، في سابقة لم تتعرض لها مدريد في العقود الأربع الأخيرة وهو ما انعكس على آخر استطلاعات الرأي في البلاد والتي أشارت إلى تقدم أحزاب حديثة الولادة مثل «سيودادانوس» على الأحزاب التقليدية من حيث القبول عند الشعب الإسباني، وهو ما دفع رئيس الحكومة الإسبانية إلى توجيه رسالة إلى الحزب أكد فيها أن أمانته ستقوم خلال الشهور المقبلة بتنظيم فعاليات جديدة لضم أعضاء جدد للحزب كما سيحاول راخوي الترويج للحزب الشعبي في الأقاليم الجنوبية، وخصوصا إقليم الأندلس، وذلك في محاولة للحصول على تأييد الناخب الإسباني وكسب ثقته من جديد بعد الأزمة الأخيرة مع كاتالونيا.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».