قلق وسط سكان صنعاء بعد تهاوي الريال اليمني

TT

قلق وسط سكان صنعاء بعد تهاوي الريال اليمني

ساد سكان العاصمة اليمنية أمس قلق بعد تهاوي سعر الريال اليمني إلى القاع أمام العملات الأجنبية المختلفة في أحدث انهيار له خلال أسبوعين منذراً بكارثة إنسانية لملايين اليمنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بسبب الأزمات المتلاحقة التي عصفت بالبلاد، وفي المقدم منها انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة الشرعية، وما تلا ذلك من تجريف عشوائي ونهب منظم لاحتياطيات العملة الصعبة.
وتخطى سعر الدولار الأميركي الواحد أمس حاجز الـ500 ريال، وهو رقم قياسي غير مسبوق بدأت إرهاصات تحققه منذ سيطرة الميليشيات الحوثية على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014 حينما كان الدولار الواحد يساوي 214 ريالاً.
وجاء انخفاض سعر العملة اليمنية أمس ليشكل نحو 20 في المائة من قيمتها خلال أسبوع واحد فقط عقب إجراءات قمعية لجأت إليها ميليشيات الحوثي شملت اقتحام شركات الصرافة والبنوك ومصادرة مليارات الريالات وملايين العملة الصعبة في صنعاء وإب وذمار ومناطق أخرى تسيطر عليها إلى جانب اعتقال عدد من العاملين في مجال الصرافة.
وتزعم الجماعة في وسائل إعلامها أن إجراءاتها الأمنية تهدف إلى استقرار سعر الريال عند مستوى مقبول من خلال إجبار ملاك القطاع المصرفي في مناطقها بالتسعيرة التي تحددها الجماعة.
وأغلقت معظم محلات الصرافة في صنعاء أمس أبوابها أمام الانهيار الجنوني للعملة المحلية ورفض كبار تجار الجملة والسلع المختلفة بيع مخزونهم من المواد بالسعر المعتاد، فيما فضل بعضهم إغلاق مستودعاته حتى تتضح الرؤية إزاء تطورات سعر صرف الريال، إما باستقراره عند المستوى الذي وصل إليه أو اللجوء إلى فرض أسعار للسلع تواكب انخفاضه اليومي.
وزادت الأسعار في محلات التجزئة بنسبة 20 في المائة في مختلف السلع الأساسية من بينها القمح والأرز والسكر، فيما زادت بعض المواد الكمالية بنسب تتراوح بين 20 في المائة و30 في المائة وسط مخاوف من أن تؤدي موجة الأسعار الجديدة إلى تدهور الوضع المعيشي لغالبية السكان إلى مستويات مخيفة بخاصة مع عدم صرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين ذات الكثافة السكانية الأعلى في اليمن.
وبحسب مصرفيين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإن الانخفاض الجنوني لسعر الريال اليمني سببه نقص المعروض من العملات الصعبة في السوق وزيادة الإقبال على شرائها من قبل التجار والمستوردين، بخاصة تجار السلع الأساسية والوقود.
ويتهم المصرفيون ميليشيات الحوثيين بأن إجراءاتها التعسفية الأخيرة زادت من تدهور الوضع، ويحملونها المسؤولية عن استنزاف أكثر من خمسة مليارات دولار من البنك المركزي قبل أن تقوم الحكومة الشرعية بنقله إلى مدينة عدن في سبتمبر 2016.
وكان البنك المركزي في عدن اتخذ قبل أشهر قرارا بتعويم الريال اليمني وثبت سعر الدولار مقابل الريال عند 380 ريالا لجهة عدم قدرة البنك على توفير العملة الصعبة للتجار لاستيراد السلع بالسعر الرسمي السابق الذي كان مقررا عند 250 ريالا للدولار الواحد.
وفي ظل هذه التداعيات، ذكرت وكالة «سبأ» الحكومية أن الرئيس عبد ربه منصور هادي عقد أول من أمس في الرياض اجتماعا مع محافظ البنك ونائبه ووزير المالية، وأمر المحافظ منصر القعيطي ونائبه بالعودة إلى عدن للإشراف على عمل البنك المركزي ووضع الحلول الكفيلة باستقرار سعر العملة المحلية.
وبسبب تردي الأوضاع المعيشية لدى غالبية سكان اليمن البالغ عددهم حسب تقديرات غير رسمية 26 مليون نسمة يرجح اقتصاديون محليون أن انهيار سعر الريال سيؤدي إلى سحق مئات آلاف الأسر وسيفاقم من حالات نقص الغذاء في أوساط ملايين الأطفال. وكانت الممثلة المقيمة لمنظمة «يونيسيف» في اليمن، ميرتشل ريلانو أعلنت أمس في تغريدة على حسابها الرسمي في «تويتر» أن المنظمة «عالجت 226 ألف طفل يمني، من سوء التغذية الحاد الوخيم» خلال السنة الماضية معظمهم في محافظة الحديدة (غرب) وقالت: «من المؤسف جداً الإبلاغ عن هذه الحقيقة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.