هجوم إسرائيلي عابر للتيارات على خطاب عباس

نتنياهو يصدر تعليمات بالتركيز على عبارة «يخرب بيتك» الموجهة لترمب

TT

هجوم إسرائيلي عابر للتيارات على خطاب عباس

قوبل خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام اجتماع «المجلس المركزي»، مساء أول من أمس، بهجوم واسع من مختلف التيارات السياسية في إسرائيل، فعدّته قوى «عودة إلى أخطاء القيادات الفلسطينية في الماضي»، وانتقدته المعارضة اليسارية والليبرالية التي تعد من مناصري عملية السلام، وليس فقط اليمين الحاكم.
وحرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إرسال تعليماته للوزراء والمسؤولين، وهو في زيارة رسمية إلى الهند، فطلب أن يركزوا فقط على جملة واحدة في الخطاب هي عندما توجه عباس إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب قائلاً: «يخرب بيتك». فعندما تحدث الرئيس الفلسطيني عن معاقبة الأميركيين له بتقليص المساعدات بسبب رفضه التجاوب مع عملية السلام، قال: «ولك يخرب بيتك... وينها عملية السلام؟».
وعدّ نتنياهو ورفاقه في اليمين الإسرائيلي هذه الجملة مستفزة للإدارة الأميركية ولترمب شخصياً، لذلك قرروا استغلالها حتى النهاية في التحريض على عباس. وقال نتنياهو إن «هذا هو خطاب لرئيس ليس لديه ما يخسره. فقد أظهر عدم السيطرة التام. هذا خطاب ضياع».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن هذا الخطاب «يمثل تدميراً لسياسة أبو مازن ويشير إلى فقدان السيطرة، وفقدان دعم العالم العربي المعتدل، والتخلي عن المفاوضات. لاحظوا ما يحدث بين أبو مازن والعالم العربي... العالم العربي يوضح لرئيس السلطة أنه يفضل الولايات المتحدة عليه. يتمتع أبو مازن بالدعم المالي الذي يقدمه رئيس الولايات المتحدة، لهذا فإن إدارته غريبة من وجهة نظري. فهو لا يفهم أن لا بديل للولايات المتحدة، ليس له ولا لإسرائيل فحسب، بل لكل العالم المعتدل». ورأى أن «عباس بدأ يسعى إلى خوض مواجهة سياسية مع إسرائيل. ويعتقد أنه يحظى بأكثرية تلقائية في كل المؤسسات العالميّة، لهذا يتوجه إليها خلافاً لكل الاتفاقات بيننا. إضافة إلى ذلك، ينشد شن مواجهة، ونحن نشاهد أن هناك مظاهرات يشارك فيها أشخاص مقابل أجر. يجري الحديث عن مظاهرات يرأسها ويشجع على المشاركة فيها بتعليماته مباشرة».
وزعم وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان من حزب «ليكود» أن عباس «يدمر كل احتمالات السلام، مختاراً التحريض على إسرائيل والتراث اليهودي، بدلاً من الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل. سيتابع أبو مازن عملية التدمير، وفي المقابل سنعزز سيطرتنا».
من جهتها، قالت عضو الكنيست تسيبي ليفني من حزب المعارضة «المعسكر الصهيوني» التي شغلت أيضاً منصب رئيسة طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين في 2007، إن عباس «يتنازل عن دولة فلسطينية، لكننا لن نتخلى عن دولة ذات أغلبية يهودية قوية ولديها حدود مع الفلسطينيين. علينا أن نسعى إلى تحقيق هذا الهدف، مع الفلسطينيين أو من دونهم».
وعدّ عضو الكنيست نحمان شاي من حزب ليفني أن «الشيطان المعادي للسامية ظهر لأبو مازن. من الأفضل أن يتخلص منه. وأن يعرف أن إسرائيل ستظل خالدة إلى الأبد. يفهم أبو مازن أيضاً أن الوقت لا يعمل لصالحه ولصالح الاتفاق، ويستحسن أن يعرف أنه من الأفضل إجراء مفاوضات سياسية بدل العنف وسفك الدماء المستمر».
أما عضو الكنيست عن حزب «العمل» إيتسيك شمولي فقال: «بدلاً من محاولة إعادة كتابة التاريخ مع خربشة معادية للسامية، كان من الأفضل لأبو مازن محاولة التأثير على مجراه. إن عدم وضوح الحقيقة وزرع الأكاذيب لا يمكن أبدا أن يؤدي إلى التطبيع والسلام، بل إلى التشويه والتصعيد... إن ضعف الفلسطينيين في الواقع واضح، ولكن من الأفضل الاستفادة منه الآن بالعودة إلى المفاوضات، إلى جانب طلب عام من الرئيس ترمب بنشر الإنذار الأميركي بحل الدولتين، وهو السبيل الوحيد للخروج».
وتناولت جميع الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية الخطاب، وكانت خلاصتها أن عباس «يائس، لكنه لم يكسر كل القواعد، وترك ثغرة صغيرة لمن يريد أن يعود ويستأنف مفاوضات السلام». وكتب بن درور يميني في «يديعوت أحرونوت» أن «أبو مازن قدم أفضل هدية لليمين الإسرائيلي الرفضي».



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.