عودة التفجيرات في العراق تحد خطير تواجهه البلاد

 أحد رجال الشرطة العراقية يوجه حركة المرور بأعقاب تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب) 
 قوات الأمن العراقية بموقع تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب)
أحد رجال الشرطة العراقية يوجه حركة المرور بأعقاب تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب) قوات الأمن العراقية بموقع تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب)
TT

عودة التفجيرات في العراق تحد خطير تواجهه البلاد

 أحد رجال الشرطة العراقية يوجه حركة المرور بأعقاب تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب) 
 قوات الأمن العراقية بموقع تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب)
أحد رجال الشرطة العراقية يوجه حركة المرور بأعقاب تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب) قوات الأمن العراقية بموقع تفجير انتحاري في بغداد (آ.ب)

ما إن أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الانتصار النهائي على تنظيم "داعش" الارهابي، حتى توالت العمليات الارهابية والتفجيرات التي استهدفت العاصمة العراقية بغداد وعدة مدن أخرى، راح ضحيتها العشرات من الأشخاص، وليس آخرا ما شهدته العاصمة العراقية اليوم (الاثنين) من تفجير في ساحة عدن ذهب ضحيته حتى الآن 31 شخصا وأكثر من 94 مصابا.
وقد أوضحت عمليات بغداد يوم السبت الماضي ان تفجيرا انتحاريا وقع قرب ساحة عدن المؤدي الى مدينة الكاظمية تم إحباطه حيث تصدى أحد عناصر الأمن لارهابي يرتدي حزاماً ناسفاً قادماً من ساحة صنعاء باتجاه مدينة الكاظمية فيما أدى إطلاق النار عليه الى انفجار حزامه الناسف، نتج عن ذلك جرح عدد من المواطنين المدنيين وأحد عناصر الشرطة اﻻتحادية ومنتسبين اثنين من شرطه المرور مع تضرر ثلاث عجلات مدنية.
والخوف قائم من عودة هذه التفجيرات الملعونة التي نشرت الرعب والذعر في قلوب المدنيين سواء من سكنة العاصمة العراقية أو من مدن عراقية أخرى. فجميعهم يتذكر ما جرى من تفجيرات وقتل على الهوية وقتل بأسلحة كاتمة للصوت واختطاف وفوضى مر بها العراق. والكل لا يريد ان تعود هذه الحقبة المظلمة التي تزامنت مع ظهور تنظيمات إرهابية كان آخرها "داعش" الذي استطاع ان يسيطر على ما يقارب أكثر من ثلث مساحة العراق منذ عام 2014 حتى دحره عسكريا وإعلان النصر النهائي.
هذا الخوف والقلق يتطلب العمل من القيادة العراقية بكل حزم وقوة وبسرعة لتدارك ما يجري ومعرفة الأسباب التي تقف وراءه ووقفها. وهذا ما دعا العبادي رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة ان يجتمع بقيادات العمليات والأجهزة الاستخبارية في قيادة عمليات بغداد على خلفية التفجير الارهابي المزدوج الأخير، وإصدار مجموعة من التوجيهات والقرارات والأوامر المتعلقة بملاحقة الخلايا الارهابية النائمة والقصاص منها والحفاظ على أمن المواطنين.
فمن يا ترى يقف وراء هذه التفجيرات في هذا الوقت الحساس الذي يعيشه العراق حيث الانتخابات البرلمانية على الأبواب وبدء الحملة التي أعلن عنها العبادي ضد الفساد والفاسدين واستئصالهم؟ وربما هذا الأمر هو الذي جعل الاعلام الحربي العراقي يتهم جهات بأنها تريد الإخلال بالوضع الأمني لتحقيق مصالحها، حسبما أعلن في بيان له.
وكان العبادي قد تعهد باستهداف الفاسدين في البلاد، وأكد، في كلمة له حول الأوضاع الأمنية، أن الفساد يسهم في وقوع الخروقات الأمنية التي تتسبب بمقتل الأبرياء.
وجاءت تصريحات العبادي في وقت يتزايد فيه عدد الهجمات الانتحارية، وتحذير المراقبين من تنامي أعمال العنف.
ولعل المتابع للشأن العراقي يستطيع أن يبرز ثلاث نقاط ممكن أن تقف وراء محاولة عودة التفجيرات الارهابية الى العراق أبرزها خسارة تنظيم داعش للأراضي والمدن التي سيطر عليها منذ عام 2014. لذا فهو يعمد الى زج خلاياه النائمة لخلخلة الوضع الامني وخلق بيئة غير آمنة ليستطيع من خلالها العودة الى الساحة، وهذا ما دعا العبادي الى دعوة الاجهزة الامنية لمحاربة الخلايا النائمة للتنظيم. فيما تكمن النقطة الأبرز في الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة والذي من نتائجه هذه التفجيرات التي يشهدها العراق، وربما تكون محاولة العودة الى المربع الأمني الأول الذي شهده العراق محاولة إشغال وإلهاء عن نية الحكومة ورئيس الوزراء حيدر العبادي عن فتح ملفات الفساد ومحاربة الفاسدين. أما النقطة الأخرى التي ربما تكون وراء هذه الأحداث فتكمن بقرب إجراء الانتخابات البرلمانية التي هي عنوان لمواصلة العملية السياسية في العراق وبتعطيلها ستكون هناك نتائج سلبية كبيرة على الوضع العام في العراق لا سيما الوضع الأمني والسياسي. أضف الى ذلك ان العراق يواجه تحديا اقتصاديا كبيرا بعد خروجه من حرب طاحنة دمرت مدنه وشردت الملايين من أبنائه، وربما يكمن اللعب على هذا الوتر من أجل تعطيل الانتخابات ووقف سير العملية السياسية.
ومن الواضح ان على الحكومة العراقية ان تختار العمل على ثلاثة مسارات من أجل تلافي العودة الى التفجيرات الارهابية؛ أولها محاربة التنظيمات المتطرفة فكريا بعد الانتصار عليها عسكريا واستئصال الخلايا النائمة التابعة لها. اما المسار الثاني فيتضمن المضي قدما بمحاربة الفساد وتذليل جميع العقبات لفضح الفاسدين وتجريمهم وتخليص الدولة منهم ومن تبعاتهم. اما المسار الثالث فهو المضي في الانتخابات وعدم تأجيلها من أجل مواصلة العملية السياسية. وهذه المسارات مجتمعة تتطلب قوة وجهدا كبيرين لتنفيذها.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.