السودان يتراجع عن اتهامه لمصر وإريتريا بتهديد أمنه

تراجعت الحكومة السودانية عن اتهامها لدولتي إريتريا ومصر بحشد قوات عسكرية على حدودها الشرقية، وأرجعت التعزيزات العسكرية الكبيرة التي حشدها الجيش السوداني في ولاية كسلا المجاورة لإريتريا، إلى تهديدات محتملة من قوات المعارضة السودانية المسلحة حول المنطقة، دون أن يكشف طبيعة تلك التهديدات.
وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرة الإثيوبي ورغيني غيبو، أمس بالخرطوم، إن السودان لا يتحدث عن حشود «تقيمها» دولة محددة، بل عن تهديد أمنه في الشرق، من «بعض قوى المعارضة الموجودة في شرقنا، وبالتالي نحن نتحسب لما يمكن أن يأتي من ذلك المكان».
ووجه مساعد الرئيس السوداني ونائبه في حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم محمود صبيحة الجمعة الماضي، اتهامات لدولتي إريتريا ومصر بحشد قوات قرب الحدود المشتركة مع السودان، وقال: «السلطات تلقت معلومات أمنية عن تهديدات محتملة، قد تأتي من مصر وإريتريا من ناحية منطقة (ساوا الإريترية)، وإن تحريك القوات السودانية يأتي تحسبا لتلك التهديدات».
بيد أن الوزير غندور ذكر، أمس، أن الجيش السوداني حرك جزءا من قواته المسلحة للحفاظ على أمن وسلامة البلاد، بمواجهة خيوط تقود إلى أن البعض يحاول إيذاء السودان، وقال: «نحن حتى الآن لا نتحدث عن تهديدات من دولة بعينها، لكن لدينا خيوط تقود إلى أن هناك البعض يحاول أن يؤذي أمننا، وسوف نوضح تفاصيل ذلك في الوقت المناسب».
ووصل وزير الخارجية الإثيوبي ورغيني غيبو إلى السودان أمس، في زيارة مفاجئة، سلم خلالها الرئيس السوداني عمر البشير رسالة من رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين، وأجرى جولة مباحثات مع نظيره السوداني إبراهيم غندور بوزارة الخارجية السودانية. وقال غندور إنه ونظيرة الإثيوبي بحثا العلاقات الثنائية، والتنسيق بين البلدين في القضايا الإقليمية والدولية، سيما أن الزيارة تسبق عقد قمة الاتحاد الأفريقي الثلاثين، المقرر عقدها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا نهاية الشهر الحالي.
وأضاف: «بحثنا كل ما يجري في إقليمنا الأفريقي من تحديات، وأكدنا على التنسيق الكامل، لحماية أمننا وممارسة حقوقنا كاملة، وبناء علاقات استراتيجية تقوم على حفظ أمن جيراننا وأشقائنا».
وقال غندور إن الخرطوم وأديس أبابا اتفقتا على عقد لقاء «شهري» بين وزيري خارجية الدولتين للتنسيق لحماية أمن مواطني البلدين، وتابع: «كلفنا سفراءنا في كل مكان بالتنسيق بعضهم مع بعض»، لمواجهة ما يحدث في الإقليم من تحولات كبيرة، تستدعي وضع استراتيجية مشتركة.
من جهته، قال وزير الخارجية الإثيوبي ورغيني غيبو، إنه سلم رسالة خاصة للرئيس السوداني من رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين، تتعلق بالعلاقات بين البلدين، وفي الوقت ذاته وصف علاقة بلاده بالسودان، بأنها «الأهم بين علاقات إثيوبيا قاطبة».
وفي المؤتمر الصحافي أوضح المسؤول الإثيوبي، أن مباحثاته مع نظيرة السوداني تناولت «ما يدور في الإقليم»، وأنهما اتفقا على تنسيق مواقفهما لصالح الاستقرار والأمن في المنطقة.
وتعهد غيبو بالعمل على حل مشكلات الإقليم عن طريق الحوار والمباحثات، وأضاف: «نحن على علم بأن البلدين يعملان للأمن والاستقرار في هذه المنطقة»، وذلك رداً على سؤال «الشرق الأوسط» بشأن توتر الأوضاع بين السودان وجارتيه مصر وإريتريا، وما إن كانت بلاده ستتدخل لصالح الخرطوم، حال حدوث مواجهة عسكرية.
وتابع: «نحن نعمل من أجل السلام، وهذا هو المهم، وإن وجدت خلافات، فسنعمل على حلها عبر طاولة المفاوضات سلمياً، وسنواجه أي تصعيد بالحوار والأساليب الدبلوماسية».
وتعليقاً على تقارير صحافية عن طلب مصري بإبعاد السودان من مباحثات سد النهضة الإثيوبي، قال غيبو: «قضية سد النهضة ثلاثية بطبيعتها، ونص إعلان المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث صراحة على ذلك، ونحن نعمل في هذا الإطار».
وتأتي زيارة المسؤول الإثيوبي للسودان، قبل أيام قليلة من زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء هيلا ماريام ديسالين إلى مصر، وعقب توتر في علاقات البلدين أدى لتجميد التفاوض حول ملف سد النهضة الإثيوبي، فضلا عن التوتر بين السودان ومصر، الذي سحبت الخرطوم بسببه سفيرها من القاهرة منذ 5 من الشهر الحالي، ولم يسمح له بالعودة مجدداً بعد.