إردوغان يهدد بـ«سحق» المقاتلين الأكراد في شمال سوريا

بالتزامن مع أعنف قصف تشنه المدفعية التركية على مناطق تابعة لمسلحي حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» في الشمال السوري، لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى انطلاق عملية عسكرية موسعة لتطهير عفرين ومنبج من «وحدات حماية الشعب» الكردية (الذراع العسكرية للحزب) إذا لم يستسلم عناصرها للقوات التركية خلال أسبوع واحد.
وقال إردوغان، في كلمة خلال مؤتمر فرع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية إلازيغ (شرق تركيا)، أمس (السبت)، ملمحاً إلى عملية عسكرية محتملة يجري الإعداد لها منذ أشهر وتستهدف عفرين ومنبج: «إذا لم ينسحب الإرهابيون (في إشارة إلى عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية) خلال أسبوع واحد فسنسحقهم كما فعلنا مع عناصر تنظيم داعش الإرهابي في عملية درع الفرات». وكانت تركيا أطلقت عام 2016 هجوماً تحت مسمى «درع الفرات» في شمال سوريا لطرد تنظيم داعش من شريط حدودي وإقامة منطقة عازلة بين الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد (بين منبج وعفرين بريفي حلب الشرقي والغربي).
وأضاف إردوغان: إن «الوحدات» الكردية تسعى إلى «إقامة ممر إرهابي على حدودنا الجنوبية». وتابع: «من خلال عملية درع الفرات قطعنا الممر الإرهابي في الوسط، وذهبنا ذات ليلة فجأة، ومن خلال عملية إدلب سندمر الجناح الغربي... وعلى الجميع أن يعلموا أنه إذا لم يستسلم الإرهابيون في عفرين فسندمرهم». وزاد: «سبق وقضينا على 3 آلاف مسلح من تنظيم داعش الإرهابي ما بين مدينتي جرابلس والباب (منطقة درع الفرات)، وإذا لزم الأمر سنقضي على 3 آلاف إرهابي آخر في تلك المناطق. نحن مصممون على وأد الفتنة بطريقة أو بأخرى».
وهاجم الرئيس التركي واشنطن، وقال: «تظن أميركا أنها أسست جيشاً ممن يمارسون السلب والنهب في سوريا، وسترى كيف سنبدد هؤلاء اللصوص في أقل من أسبوع»، معبّراً عن خيبة أمله تجاه الموقف الأميركي. وتابع موجهاً حديثه إلى واشنطن: «عندما تُلبسون إرهابياً زياً عسكرياً، وترفعون علم بلادكم على مبنى يتحصن فيه في شمال سوريا، فهذا لا يغطي الحقيقة. الأسلحة الأميركية التي أرسلت إلى المنطقة بواسطة آلاف الشاحنات والطائرات، يباع جزء منها في السوق السوداء، والجزء الآخر يستخدم ضدنا».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة أرسلت 4900 شاحنة من الأسلحة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا، قائلاً: «نحن نعرف ذلك، نعرف أنهم أرسلوا 2000 طائرة مليئة بالأسلحة، لكن ليس هذا ما يفعله الحلفاء».
وكانت واشنطن تعهدت لأنقرة بإخراج عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج إلى شرق الفرات، وأثار عدم وفائها بتعهدها غضب تركيا التي أبدت أيضاً رفضها التعاون بين واشنطن والميليشيات الكردية في شمال سوريا وإمدادها بالأسلحة في إطار الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.
في السياق ذاته، توعد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، بالرد على الهجمات والاعتداءات الموجّهة ضد بلاده ومواطنيها عبر حدودها الجنوبية.
وقال، في كلمة خلال المؤتمر العام السادس لفرع حزب «العدالة والتنمية» بولاية نيغدة (وسط تركيا) أمس، إنه «ينبغي أن يعلم الجميع أن الهجمات والاعتداءات الموجّهة ضد تركيا ومواطنيها عبر الحدود الجنوبية (اي سوريا) لن تبقى من دون رد». وتابع: «سيتم الرد بالمثل على الذين يحاولون إلحاق الضرر ببلادنا من الداخل والخارج عبر الإرهاب».
وبالتزامن مع تصريحات إردوغان عن العملية المحتملة في عفرين ومنبج، قصف الجيش التركي من نقاط تمركزه في قرية كفرلوسين بريف إدلب، ودارة عزة بريف حلب الغربي، مواقع «وحدات الحماية» الكردية في قرى ملا خليلا، ودير بلوط، وايسكا، وشاديرة، وباصوفان، وبرج سليمان، وجلمة التابعة لمدينة عفرين بنحو 25 قذيفة مدفعية. وأفادت وسائل إعلام تركية بأن المدفعية المرابطة في المناطق المتاخمة لمدينة عفرين، بدأت بعد ظهر أمس توجيه قذائفها نحو أهداف محددة داخل عفرين.
وأضافت: إن أصوات القصف سُمعت من معبر جليفا جوزو الحدودي، المقابل لمعبر باب الهوى في الجانب السوري.
في هذا الإطار، نقلت وكالة «رويترز» عن «وحدات حماية الشعب» قولها: إن القوات التركية المتمركزة في سوريا قصفت قرى كردية عدة في منطقة عفرين دون أن يسقط
قتلى أو جرحى. وأبلغ روجهات روج، المتحدث باسم «الوحدات» في عفرين: «رويترز» بأن القصف نفذته القوات التركية في‭‭ ‬‬دارة عزة وقلعة سمعان، وهما منطقتان قال: إن القوات التركية انتشرت فيهما في إطار الاتفاق مع روسيا وإيران. وقال: «لا يوجد قصف من جانبنا في الوقت الحالي».
وتمددت «وحدات حماية الشعب»، التابعة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، في محافظات حلب ودير الزور والحسكة والرقة خلال العامين الماضيين، وباتت تسيطر حالياً على مساحة تتجاوز 65 في المائة من الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا والبالغ طوله 911 كيلومتراً.
وكان الرئيس التركي أعلن الأربعاء الماضي، أن جيش بلاده سيوسع عملية «درع الفرات» لتشمل منطقتي عفرين شمال حلب ومنبج شرقها. وتحدثت تقارير إعلامية تركية مؤخراً عن عملية تستهدف عفرين والمناطق المحيطة بها وقد تمتد إلى منبج ومناطق أخرى ستنطلق بمشاركة نحو 20 ألف جندي تركي وآلاف المقاتلين من فصائل «الجيش السوري الحر» الموالية لتركية بدءاً من 15 يناير (كانون الثاني) الحالي - أي يوم غد الاثنين.
في سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: إن الأوضاع لن تتحسن تماماً في سوريا، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي وتحقيق الاستقرار فيها.
وأضاف، في اجتماع عقده بمبنى القنصلية التركية مع مجموعة من الأتراك في لوس أنجليس، أمس: «كنا نتحدث باستمرار عن المجازر في سوريا خلال الأعوام الأخيرة. لكن في 2017 مع عملية أستانة على الأخص، والخطوات التي أقدمنا عليها، أصبحت الأوضاع أفضل اليوم في سوريا». ومضى قائلاً: «هل الأوضاع جيدة تماماً؟ لا ليست كذلك. الأوضاع لن تتحسن تماماً ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي يحقق الاستقرار في سوريا. لكننا نسير نحو الأفضل. نركز على العملية السياسية، وتركيا تلعب هنا دوراً رئيسياً».
وأشار إلى مشاركة إيران وروسيا في العملية السياسية، وإلى أن الولايات المتحدة موجودة أيضاً، موضحاً أن الدور الأوروبي ليس مهمشاً في العملية كذلك.