بن فليس: تفاقم الصراع داخل السلطة حول «الرئاسة» أضعف الجزائر

تحدث عن تنافس غير معلن بين شخصيات حكومية لخلافة الرئيس بوتفليقة

TT

بن فليس: تفاقم الصراع داخل السلطة حول «الرئاسة» أضعف الجزائر

قال علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري سابقاً، إن «تفاقم الصراع بين دوائر السلطة في منظور انتخابات الرئاسة المقبلة، أدى إلى إضعاف الدولة الجزائرية»، في إشارة إلى تنافس غير معلن بين شخصيات حكومية لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم.
وعبر بن فليس أمس بالعاصمة في اجتماع لكوادر الحزب الذي يقوده «طلائع الحريات»، عن «انشغالنا العميق وتخوفنا مما يحمله تلويث الحياة السياسية من تهديد للاستقرار وللأمن الوطنيين»، مشيراً إلى أن «تصادم هذه الدوائر، عبر وسائل الإعلام، من شأنه تغذية الانسداد السياسي، الذي يشكل مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وتنامي التوترات الاجتماعية، خطراً على توازن الدولة يتحمّل النظام القائم وحده المسؤولية الكاملة عن ذلك، لأنه المتسبب في تحييد كل الوساطات الاجتماعية الممكنة».
ويفهم من كلام بن فليس أنه يقصد ملاسنة عبر وسائل الإعلام بين رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحي، ووزير الطاقة سابقاً شكيب خليل، حيث انتقد الثاني سياسات الأول بشأن طبع مزيد من الأوراق النقدية كحل لشح الموارد المالية، ورد عليه أويحي بأنه «كان سبباً في فضائح خطيرة عندما كان مسؤولاً في الحكومة»، في إشارة إلى متابعة خليل قضائياً عام 2013 في قضايا رشى وعمولات، تسلمها مقابل منح صفقات لشركة إيطالية، في مجال الغاز والنفط. وشكلت هذه القضية أحد فصول صراع ظاهر بين الرئيس بوتفليقة وقائد جهاز المخابرات العسكرية الجنرال محمد مدين، الذي كان وراء اتهام خليل، الذي تم عزله عام 2015 بسبب هذه القضية.
ولاحظ بن فليس أنه «ليس للحكومة استراتيجية حقيقية لمواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وهي تواصل الانتقال من خيار لآخر، والتراجع في مجال الاختيارات والقرارات الاقتصادية، ما يربك المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين والشركاء الأجانب، في وقت يفرض فيه تحسين مناخ الأعمال لاستقطاب الاستثمارات ضماناً للتنوع الاقتصادي».
وأضاف بن فليس موضحاً أن «تغيير التوجه الذي أحدثته الحكومة مؤخراً في عملية تسيير الأزمة، بعد أقل من أربعة أشهر من عرض برنامج عملها على البرلمان، ومن دون العودة إلى غرفتيه للمصادقة على هذا التغيير، يعتبر مساساً بما تبقى من مصداقية للمؤسسة التشريعية، وتأكيداً آخر لكونها مجرد غرف تسجيل، وهي التسمية اللصيقة بغرفتي البرلمان». ويقصد بن فليس بـ«تغيير التوجه» مشروع خصخصة شركات حكومية عاجزة تم الإعلان عنه الشهر الماضي. كما أعلن أن هذه الشركات ستباع إلى مجموعة رجال أعمال مقربين من الرئيس، يقودها علي حداد كبير المقاولين في البلاد.
وبحسب بن فليس، فإن «الاستخفاف الذي يميز انتقال الحكومة من مسار لآخر، من دون أدنى شعور بواجب وبضرورة تقييم نتائج الإجراءات المتخلى عنها، ولا بواجب وبضرورة إجراء دراسات لآثار الإجراءات الجديدة المعتمدة؛ يبين بوضوح سوء الحكامة، يشجعها غياب سلطة سياسية مضادة، وعدم جدوى هيئات الرقابة. وإن عدم الانسجام ومراوغات الحكومة، التي تتراجع باستمرار عن قراراتها، يمس بمصداقيتها في الصميم».
يُشار إلى أن بن فليس كان مديراً لديوان الرئيس بوتفليقة، فأميناً عاماً للرئاسة ثم رئيساً للوزراء. لكن حصل الطلاق بينهما عندما ترشحا كمنافسين لانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2004. وأوضح بن فليس خلال لقاء بمسؤولي حزبه أن الوثيقة التي انبثقت عن لقاء الشهر الماضي بين الحكومة والنقابة المركزية ورجال الأعمال، حول ملف الخصخصة، «ليست لها أي قيمة قانونية، كما أن الموقعين عليها لا يحظون بأي شرعية لاتخاذ مثل هذا القرار. ثم إن الشروط الدنيا المطلوبة لتفعيل هذا الإجراء غير متوفرة، كغياب الشفافية وقواعد الحكامة الراشدة، ودولة القانون ومصداقية المؤسسات والمسيرين السياسيين»، مشدداً على أن «فتح رأس مال الشركات الحكومية بصيغة التراضي (بدل العمل بنظام الصفقات)، قد يتحول إلى وضعية استفادة من الريع، وهي وسيلة للنظام القائم الباحث عن الدعم والولاء، مع اقتراب انتخابات الرئاسة (2019) بتمكين زبائنه من الاستيلاء على أصول، وأجزاء من الأملاك التابعة للمجموعة الوطنية، خصوصاً الأملاك العقارية، التي قد توفّرها المؤسسات الوطنية، وإعطاء غطاء قانوني لاستحواذ القطاع الخاص على الملكية العمومية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.