أمين «الاستقلال» المغربي يدعو الأحزاب لصيانة المشروع المجتمعي

هاجم سياسات الحكومة في مجال التشغيل وتقليص الفوارق الاجتماعية

نزار بركة أمين عام حزب الاستقلال المغربي المعارض خلال إلقاء كلمته («الشرق الأوسط»)
نزار بركة أمين عام حزب الاستقلال المغربي المعارض خلال إلقاء كلمته («الشرق الأوسط»)
TT

أمين «الاستقلال» المغربي يدعو الأحزاب لصيانة المشروع المجتمعي

نزار بركة أمين عام حزب الاستقلال المغربي المعارض خلال إلقاء كلمته («الشرق الأوسط»)
نزار بركة أمين عام حزب الاستقلال المغربي المعارض خلال إلقاء كلمته («الشرق الأوسط»)

وجه نزار بركة، أمين عام حزب الاستقلال المغربي المعارض، نداء مباشرا للأحزاب السياسية والقوى والفعاليات المدنية بمختلف مكوناتها من أجل القيام بوقفة استراتيجية وطنية لترصيد ما تحقق من إنجازات ورصد وتحديد مواطن الضعف والإشكاليات المستعصية لمواجهتها، وأكد على ضرورة الإسراع في ذلك لتفادي المخاطر، التي تهدد مستقبل وتماسك المشروع المجتمعي بالمملكة.
وجاءت دعوة أمين عام «الاستقلال» المغربي، الذي يعد أعرق حزب بالبلاد، بمناسبة تخليد حزبه للذكرى الـ74 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي توافق 11 يناير (كانون الثاني) من كل عام، وهي وثيقة وقعها عدد من قيادات الحزب ورجال الحركة الوطنية، في مقدمتهم زعيمه الراحل علال الفاسي، والقيادي اليساري المهدي بنبركة، سنة 1944. بتنسيق ودعم من العاهل المغربي الراحل الملك محمد الخامس.
وقال بركة، مساء أول من أمس بالرباط، في مهرجان خطابي أمام المئات من أعضاء حزب الاستقلال، وفاء لروح الإصلاحات المتجددة التي تحملها وثيقة المطالبة بالاستقلال «نحن مدعوون اليوم كفاعلين سياسيين وقوى حية من مختلف الأطياف إلى القيام بوقفة استراتيجية وطنية ذكية من أجل ترسيخ ما تحقق من مكتسبات وإنجازات، ورصد وتحديد مواطن الضعف والإشكاليات المستعصية».
وطالب أمين عام حزب الاستقلال، الذي بدا غير راض عن أداء الحكومة المغربية في مختلف القطاعات، بضرورة تحديد «التحديات المستجدة، وتقييم تداعياتها السلبية ومخاطرها الحالية والمستقبلية على تماسك مشروعنا المجتمعي ونجاح نموذجنا التنموي وصلابة تجربتنا الديمقراطية»، وذلك في أشبه ما يكون بدق ناقوس خطر حول مستقبل البلاد، واعتبر أن الوقفة الاستراتيجية التي دعا إليها ستخلص الرؤية التي تحكم مسيرة المغرب نحو المستقبل من «ضغط الآني وديكتاتورية الظرفي، والعمل على تحيين هذه الرؤية وإعادة ترتيب أولوياتها».
وشدد بركة على أن المغرب ليس أمامه إلا «الإسراع بإجراء هذه الوقفة الوطنية»، داعيا إلى القطع مع ما سماه «المنحى السلبي، وتبني نموذج ناجع وقادر على مواجهة التحديات ومواكبة التطلعات المتزايدة»، وأكد على أهمية التفاف كل الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإنجاح «الأوراش الاستراتيجية الجديدة التي أكد عليها الملك محمد السادس، وذلك بإرساء نموذج تنموي جديد يمكن من تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ويضمن تكافؤ الفرص بين المواطنين والتوزيع العادل للثروة الوطنية».
وأكد بركة في الكلمة ذاتها، على أن تحول المغرب نحو النموذج التنموي الجديد لا يمكن أن يتم إلا بعد الإسراع في فتح واستكمال عدة أوراش، من أبرزها «ربح معركة التشغيل»، وقال بهذا الخصوص «ندعو الحكومة لجعل سنة 2018 سنة إنعاش وتقوية التشغيل، وأن تراهن على إحداث ما لا يقل عن 150 ألف منصب شغل سنويا لفائدة الشباب، وذلك عبر وضع وتنفيذ برنامج استعجالي في المشاريع الصغرى على مستوى الجهات يراعي حاجياتها وخصوصياتها»، بالإضافة إلى وضع سياسة لتقليص «الفوارق الاجتماعية والمجالية وتنزيل برنامج استعجالي لتدارك الخصاص الحاصل في العالم القروي والمناطق النائية وكذا المناطق الحدودية، وتعبئة الطلب العمومي في تأهيل البنيات التحتية والتجهيزات والخدمات الأساسية بكيفية مندمجة وإعادة توزيع الثروة»، معتبرا أنه «لا توجد تنمية ولا سلم اجتماعي من دون تشغيل»، وهو ما يمثل انتقادا واضحا لسياسات الحكومية في مجال التشغيل وتقليص الفوارق الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة بين المغاربة.
وزاد بركة موجها انتقاداته للحكومة وسياساتها، بقوله «هل من الحتمي أن تظل بلادنا في وضعية تتلاشى فيها المشروعية الديمقراطية للانتخابات، خاصة على مستوى المدن، وتنامي العزوف عن المشاركة في المسلسل الانتخابي والشأن السياسي؟»، مسجلا أن هذا الوضع يؤدي لـ«اتساع الهوة بين المواطن والمؤسسات المنتخبة والمجتمع المدني المنظم، وتصبح آليات التمثيلية والوساطة مع الساكنة والمجتمع في لحظات الأزمة والاحتقان رهينة بإيقاع الشارع والانفعال والانفلات وهذا هو أصل الخطر على بلادنا»، في إشارة منه إلى الاحتجاجات التي تشهدها عدة مناطق مغربية.
ولوح أمين عام حزب الاستقلال بمطلب مراجعة النظام والقانون الانتخابي بالبلاد، بقوله «ينبغي أن نبدأ منذ هذه السنة بمراجعة وتقييم مدونة الانتخابات، وطبيعة نمط الاقتراع الأنسب والأكثر ملاءمة لتقوية الثقة التمثيلية بين المواطن والمنتخب»، كما أكد على أهمية «تأهيل الحقل السياسي بما يعيد الاعتبار لصورة الفاعل السياسي ببلادنا لأنه هو الذي سيحمل هذا النموذج، وسيسهر على تفعيله سواء على المستوى الوطني أو الترابي»، واعتبر أن انخراط المواطنين في هذه الدينامية «شرط أساسي من شروط إنجاح النموذج التنموي الجديد».
وأظهر المهرجان الذي حضرته «الشرق الأوسط» أن الخلافات ما زالت قائمة بين الإخوة الأعداء في حزب الاستقلال، حيث بدا تيار حمدي ولد الرشيد، الذي قاد نزار بركة لدفة قيادة الحزب مسيطرا ومهيمنا على الأجواء، فيما التيار المؤيد للأمين العام السابق حميد شباط، مهمش ومبعد.
ومع انطلاقة المهرجان ظهرت حدة الخلاف المستمر بين التيارين المتصارعين بعدما تجاهل مسير التظاهرة في تقديمه للنشاط اسم حميد شباط من قائمة الأسماء، التي ذكرها في بداية المهرجان، قبل أن يقاطع عدد من أنصار هذا الأخير مرددين «حميد شباط أميننا العام السابق»، وهو ما أربك اللقاء ودفع المسير إلى ذكر اسم شباط، خاصة أنه وجه التحية لعباس الفاسي الأمين العام الأسبق للحزب.
ولم يفوت نزار بركة الفرصة دون بعث رسائل مشفرة إلى سلفه حميد شباط، الذي مثل حضوره مفاجأة للبعض، عندما قال «إرث حزب الاستقلال لا يتسع لغير البناء والتأسيس وبعد النظر، ولا تحركه الأهواء اللحظية ولا العواطف الانفعالية والأطماع الذاتية»، مؤكدا أنه «لا مكان فيه للهدم والسجال والأنانيات».
وقال بركة إن احتفاء حزبه بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال يعكس «تشبثنا بالثوابت التي تعزز وحدة الأمة، والتزامنا بالممارسات التي تعزز روابط الثقة داخل المجتمع وتجاه المؤسسات الدستورية، التي يقوم عليها النموذج المغربي المتميز»، كما اعتبر الحدث «ربطا للماضي بالحاضر وتقديرا لرواد ومهندسي هذا الحدث الخالد».
وأشار بركة إلى أن الفلسفة والمبادئ التي تنتصر لها وثيقة المطالبة بالاستقلال «ما زالت حاضرة بقوة من خلال مضمونها الحداثي وروح التضحية التي تشبع بها الموقعون عليها، وعبر أبعادها الوطنية والسياسية والاجتماعية التي نجد امتدادها في المشروع المجتمعي المتضامن والمتوازن، الذي نطمح إلى تحقيقه في ظل الملكية الدستورية والخيار الديمقراطي»، مبينا أن حزب الاستقلال يستحضر هذه المناسبة الخالدة في ذاكرة الشعب المغربي بما «تقتضيه اللحظة من تبصر وتشبث بالمبادئ والقيم وحب الوطن، والوعي بالنضال المتسامي، وغيرها من المقومات الأساسية التي أفرزتها، وذلك من أجل مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية والثبات على هويتنا كمغاربة واستقلاليين واستقلاليات مهما كانت الإغراءات ومهما تطلب ذلك من تضحيات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.