الاتفاق النووي «رهينة» قرارات ترمب

أثار الاتفاق النووي المبرم مع إيران جدلاً واسعاً بين الحلفاء الغربيين، مع تمسك الأوروبيين بالحفاظ عليه، وإصرار رئيس الولايات المتحدة على تعديله لتصحيح «عيوبه».
واعتبر مراقبون استمرار الاتفاق النووي مرهوناً بقرارات دونالد ترمب الذي هدد أمس، للمرة الثانية، بالانسحاب منه نظراً لعيوبه الكثيرة. وينصّ الاتفاق، الذي أبرم في 14 يوليو (تموز) 2015 بفيينا بين إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، على رفع تدريجي للعقوبات مقابل ضمان عدم سعي طهران إلى امتلاك السلاح الذري.
وتعهّدت إيران بخفض قدراتها النووية، التي تشمل أجهزة طرد مركزي ومخزون اليورانيوم المخصب، على مدى عدة سنوات. ويهدف الاتفاق بشكل أساسي إلى وقف إمكانية صنع إيران قنبلة ذرية، مع ضمان أن طهران التي نفت أي بعد عسكري لبرنامجها تملك الحق بتطوير طاقة نووية مدنية تحت إشراف وكالة الطاقة الذرية.
وبموجب ما ورد في الاتفاق، خفضت إيران إلى 5060 عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، مقابل 10.200 عند توقيع الاتفاق، وتعهدت بعدم تجاوز هذا العدد طوال 10 سنوات. ووافقت طهران أيضاً على تعديل مفاعل «أراك» الذي يعمل بالماء الثقيل تحت إشراف المجموعة الدولية حتى لا يتمكن من إنتاج بلوتونيوم للاستخدام العسكري. وبحسب بنود الاتفاق، فإن هذه الإجراءات المختلفة تؤدي إلى تأخير المدة الزمنية التي تتمكن فيها طهران من صنع قنبلة ذرية لمدة سنة. وعند توقيع الاتفاق، كانت هذه المدة تقدر بـ 3 أشهر.
وكلّفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن تراقب بانتظام كل المواقع النووية الإيرانية مع صلاحيات موسعة. ووافقت إيران على السماح بمراقبة محدودة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها غير النووية، وخصوصاً العسكرية.
ودخل الاتفاق الذي صادق عليه مجلس الأمن بموجب القرار 2231، حيز التنفيذ في 16 يناير (كانون الثاني) 2016، ما مهد أمام رفع جزئي للعقوبات الدولية على إيران. كما أبقي حظر الأمم المتحدة الخاص بالأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية قائماً على التوالي حتى 2020 و2023، لكن مجلس الأمن يمكنه إدخال تعديلات، بحسب كل حالة.
ويفرض القانون الأميركي على الرئيس أن يبلغ الكونغرس كل 90 يوماً ما إذا كانت إيران تحترم الاتفاق، وما إذا كان هذا النص متوافقاً مع المصلحة الوطنية للولايات المتحدة. وفي 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، رفض ترمب «تأكيد» احترام طهران التزاماتها، لكنه أشار إلى أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق في الوقت الراهن.
ويمكن تلخيص أهم الانتقادات الأميركية للاتفاق النووي في 3 عوامل: الأول يتعلق بـ«بند الغروب»، وهو «الخلل الأكثر وضوحاً» بحسب الوزير ريكس تيلرسون، إذ ينص على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجياً اعتباراً من 2025. أما الخلل البارز الثاني، فهو اقتصار الاتفاق على النشاط النووي الإيراني، متجاهلاً برنامج طهران الباليستي وأنشطتها المزعزعة للاستقرار. والخلل الثالث، حسب واشنطن، هو انتهاك طهران لـ«روح» الاتفاق ودعمها للإرهاب. وقال تيلرسون إن «الاتفاق لا يشكل سوى جزء من قضايا عدة يجب أن نعالجها في علاقتنا مع إيران».
واعتبرت الإدارة مراراً أن الإيرانيين ينتهكون «روح» الاتفاق، لأن هدفه كان تشجيع الاستقرار والأمن في المنطقة. وسبق أن عبّر ترمب وإدارته عن الأسف لفشل التقدم الذي تحقق عبر اتفاق عام 2015 في جعل إيران «جارة» أفضل في الشرق الأوسط، وفي ثنيها عن دعم الإرهاب. ولا يتطرّق الاتفاق النووي لـ«الدعم المادي والمالي للإرهاب» و«التطرف» و«مساعدة نظام بشار الأسد، واقتراف فظاعات ضد الشعب السوري».