المعارضة التونسية تتبنى احتجاجات الخبز بعد سقوط أول قتيل

الشاهد يبشر بقرب انتهاء الأزمة المالية... ويتوعد بتطبيق صارم للقانون

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها العاصمة التونسية أمس احتجاجاً على رفع الأسعار (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها العاصمة التونسية أمس احتجاجاً على رفع الأسعار (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التونسية تتبنى احتجاجات الخبز بعد سقوط أول قتيل

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها العاصمة التونسية أمس احتجاجاً على رفع الأسعار (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها العاصمة التونسية أمس احتجاجاً على رفع الأسعار (أ.ف.ب)

خلفت الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها تونس ضد رفع الأسعار منذ يوم الأحد في أكثر من عشر ولايات (محافظات) سقوط أول قتيل خلال المواجهات المستمرة مع رجال الأمن في جهة طبربة، وهو ما جدد الجدل الدائر بين أحزاب الائتلاف الحاكم (النهضة والنداء أساسا)، التي اعتبرت الاحتجاجات مجرد عمليات تخريب تقودها أحزاب «يسارية فوضوية» على حد تعبير راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وأحزاب المعارضة التي تقودها الجبهة الشعبية اليسارية، بزعامة حمة الهمامي، التي أكدت دعمها للاحتجاجات الداعية لإسقاط قانون المالية للسنة الحالية والتراجع عن الزيادات في الأسعار.
وخلال زيارة للقوات الحدودية بمنطقة رمادة في ولاية تطاوين (جنوب شرقي)، قال يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، أمس إن ما حدث خلال الفترة الماضية من أعمال عنف وسرقة ليس «احتجاجا، وإنما هو عمليات نهب وتخريب واعتداء على المواطنين وممتلكاتهم»، وتوعد بتطبيق القانون على من سماهم «المخربين»، وعلى من يقومون بتحريضهم، منتقدا قادة الاحتجاجات بقوله: «من يريد التظاهر يخرج نهارا وليس ليلا... الحكومة مستعدة للاستماع إلى أي شخص، ونحن مع من يريد التظاهر بطريقة سلمية، ونقوم بحمايته».
وشهدت مجموعة من الأحياء الشعبية الفقيرة في تونس العاصمة ومنوبة وقفصة، والقصرين على وجه الخصوص، أحداث عنف ونهب للممتلكات، ومواجهات مع رجال الأمن في ليلة الاثنين وأمس الثلاثاء.
وأوضح الشاهد أن القانون «يكفل حق التظاهر، لكن لا وجود لاحتجاجات ليلية في البلدان الديمقراطية»، مشددا على أن الدولة تحمي المتظاهرين السلميين لا غير، ودعا إلى عدم التهويل في قضية غلاء الأسعار، مؤكدا أن سنة 2018 ستكون «آخر عام صعوبات، وآخر ميزانية صعبة»، على حد تعبيره.
وفي مقابل اللهجة الصارمة لرئيس الحكومة تجاه المحتجين، أعلنت الجبهة الشعبية عن مساندتها لحركة الاحتجاجات ضد قانون المالية لسنة 2018، التي انتشرت في عشر ولايات على الأقل، وأكدت انخراطها فيها.
وفي هذا السياق، أقر حمة الهمامي (حزب العمال) خلال مؤتمر صحافي، نظمته الجبهة أمس تحت عنوان «لنتصدى لميزانية تفقير الشعب وتدمير الاقتصاد»، بمشروعية الاحتجاجات ضد الزيادة في الأداءات وفي أسعار بعض المواد والخدمات، التي أقرها قانون المالية الجديد، واعتبر أن بعض الانحرافات وعمليات النهب، التي رافقت هذه الاحتجاجات في عدد من المناطق المتاخمة للعاصمة: «محاولات لتشويه هذه التحركات الاحتجاجية السلمية ولتغيير مسارها».
من جانبه، قال المنجي الرحوي، القيادي في الجبهة الشعبية، إن الاحتجاجات الشعبية هي الوسيلة الوحيدة للتصدي للزيادات في الأسعار، وحذر من خطط حكومية نحو زيادات أخرى للمواد المدعمة. كما دعا حزب «حركة مشروع تونس» إلى مراجعة قانون المالية، وحث السلطات في الوقت نفسه على فرض حظر تجوال ليلي للتصدي إلى أعمال النهب والتخريب للمنشآت العامة.
أما الحزب الجمهوري المعارض فقد حمل بدوره الحكومة والأغلبية البرلمانية مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية، ودعاها إلى التراجع الفوري عن الزيادات في المواد الأساسية. كما دعا الحزب، في بيان له: «كل القوى الديمقراطية والاجتماعية للتشاور العاجل بهدف فتح أفق جديد لتونس».
في السياق ذاته، طالب «حزب البناء الوطني» بضمان حرية التظاهر، ودعا كل القوى السياسية والمدنية إلى الالتفاف من أجل ربط معركة الدفاع عن الحريات بمعركة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
في غضون ذلك، نفى خليفة الشيباني، المتحدث باسم وزارة الداخلية، ما راج عن وفاة شخص بجهة طبربة في ولاية منوبة، القريبة من العاصمة، بعد دهسه من قبل سيارة أمنية. وقال إن الطاقم الطبي، الذي أشرف على تقديم الإسعافات الأولية، أكد أن جسده لا يحمل أي آثار عنف أو دهس، موضحا أن القتيل كان مصابا بمرض ضيق التنفس.
وبخصوص نتائج الاحتجاجات وتعرض بعض المنشآت العمومية إلى السرقة والنهب، أكد الشيباني اقتحام مركز للأمن الوطني بمنطقة البطان في ولاية منوبة، وحرق أحد مكاتبه، كما تم اقتحام مركز الأمن الوطني بالقطار في ولاية قفصة (جنوب غربي)، وحرق بعض الوثائق والتجهيزات أمام المركز، واقتحام مستودع القباضة المالية بالقطار والمستودع البلدي بالمدينة نفسها وسرقة سيارتين ودراجات نارية، بالإضافة إلى اقتحام المستودع البلدي بمدينة القصرين (وسط غربي)، وسرقة 34 دراجة نارية، ورشق رجال الأمن بالحجارة وبزجاجتي «مولوتوف»، ما أسفر عن إصابة رجلي أمن ومدير إقليم الأمن الوطني بالقصرين بإصابات متفاوتة الخطورة.
وفي سياق المظاهرات الرافضة للزيادات، نظمت حملة (ماذا ننتظر؟)، الرافضة للزيادات في الأسعار، أمس مسيرة احتجاجية أمس في شارع بورقيبة وسط العاصمة، ورفع المشاركون شعارات تندد بما تضمنه قانون المالية للسنة الجديدة، ودعوا الحكومة إلى التراجع عما ورد من إجراءات ضد الفئات الفقيرة والمهمشة. ومن المنتظر تنظيم تحركات جديدة ضد الإجراءات الحكومية التقشفية بعد يوم غد في الولايات كافة.
كما شارك أمس عشرات الأشخاص في مظاهرة وسط بعض المدن الصغيرة بدعوة من تجمع منظمات من المجتمع المدني من دون تسجيل أي حوادث، ورددوا هتافات تندد بتزايد الجوع والفقر، وتدعو إلى إلغاء قانون المالية للعام 2018.
وردا على هذه الاحتجاجات، قال وزير المالية رضا شلغوم لوكالة الصحافة الفرنسية أمس إن «رئيس الحكومة تعهد بعدم زيادة (أسعار) المنتجات ذات الاحتياجات الأولية، والضرائب لا تطال بشيء سلة المنتجات الغذائية لأنها خارج إطار الضريبة على القيمة المضافة».
وأضاف شلغوم موضحا أنه من «بين مكتسبات الديمقراطية هناك احتمال التظاهر، لكن لدينا أيضا التزام بالعمل من أجل اقتصاد تونسي سليم لكي تتعزز إشارات النمو، التي ظهرت عام 2017 بشكل إضافي وتتمكن من خلق وظائف».
وأعلن الناطق باسم وزارة الداخلية لإذاعة «شمس» أنه تم توقيف 44 شخصا على الأقل، بينهم 16 في القصرين، و18 في أحياء شعبية قرب العاصمة، مؤكدا أن الاضطرابات «لا علاقة لها بالديمقراطية أو المطالب الاجتماعية».
ويشهد شهر يناير (كانون الثاني) عادة تعبئة اجتماعية في تونس منذ ثورة 2011 وسط أجواء يشوبها توتر مع اقتراب أول انتخابات بلدية تجري في فترة ما بعد الثورة، وقد تقرر إجراؤها في مايو (أيار) بعد تأجيلها عدة مرات.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.