منظمة حقوقية تتهم الحوثيين بتعذيب 113 معتقلاً حتى الموت

TT

منظمة حقوقية تتهم الحوثيين بتعذيب 113 معتقلاً حتى الموت

اتهمت منظمة حقوقية تتخذ من هولندا مقراً لها ميليشيات جماعة الحوثيين الانقلابية بأنها عذبت 113 معتقلا يمنيا في سجونها حتى الموت منذ سيطرة الجماعة على صنعاء وانقلابها على الحكومة الشرعية، وأكدت أن بعض حالات الوفاة ترقى إلى كونها «جرائم حرب».
وقالت منظمة «رايتس رادار» في بيان لها أمس اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إنها «تستنكر بشدة تكرار وقوع حالات الوفاة تحت التعذيب في معتقلات جماعة الحوثي»، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة خصوصا إلى «ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد المرتكبين لهذه الانتهاكات والعمل على محاسبتهم».
وقدرت المصادر الحقوقية، وفقا للمنظمة، عدد المعتقلين في سجون جماعة الحوثي بنحو 7 آلاف معتقل يتوزعون على 643 سجنا غير قانوني، في مختلف أرجاء اليمن، غالبيتهم من قيادات وأعضاء حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، بالإضافة إلى المعتقلين الجدد من قيادات وأعضاء حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، (المؤتمر الشعبي العام)، الذين طالتهم موجات الاعتقالات الأخيرة بعد إعدام صالح في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وذكرت المنظمة في بيانها أن المواطن اليمني علي محمد عائض التويتي (35 سنة) «فارق الحياة إثر تعرضه للتعذيب حتى الموت في بلدة الرضمة بمحافظة إب، من قبل السجّانين التابعين لجماعة الحوثي المسلحة».
وأكدت «رايتس رادار» أن المسلحين الحوثيين اختطفوا التويتي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في إحدى نقاط التفتيش التابعة لهم في مدينة دمت بمحافظة الضالع وهو في طريقه إلى منطقته في مدينة يريم بمحافظة إب المجاورة لها.
وأضافت أن «أسرة التويتي افتقدته منذ يوم اعتقاله حتى عثرت عليه جثّة هامدة في ثلاجة الموتى بمستشفى مدينة يريم التابعة لمحافظة إب مع ملاحظة وجود آثار تعذيب شديدة على جثته». وكشف مصدر أمني للمنظمة عن أن التويتي توفي في 22 نوفمبر الماضي بعد تعرضه للتعذيب بطريقة وحشية لمدة 3 أيام في المعتقلات الحوثية بمنطقة الرضمة قبل أن تتسلم أسرته جثته في آخر أيام السنة الفائتة وتقوم بدفنها في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي. وقالت إن مصدرا طبيا أوضح لها أن «آثار التعذيب على جثة التويتي تعكس تعرضه للتعذيب الجسدي وللضرب المبرح والوخز بآلات حادة وللحرق بالماء المغلي، بشكل أثّر كليا على لون الجلد في جسده وإحداث تشوهات في شكله».
وذكرت المنظمة أن معتقلا آخر لدى الحوثيين يدعى حسن سالم أحمد وعمره 25 عاما توفي في 27 نوفمبر الماضي جراء التعذيب بمدينة زبيد التابعة لمحافظة الحديدة، غرب اليمن، بعد أسبوع من اعتقاله بجوار كلية التربية بمدينة زبيد، وتعرضه للتعذيب الوحشي حتى فارق الحياة.
وعرض البيان لحالة أخرى كان ضحيتها المعتقل أحمد صالح الوهاشي الذي توفي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي جراء التعذيب الوحشي الذي تعرض له في سجن جماعة الحوثي بحي «هبرة» بصنعاء، الذي أسفر عن كسر عموده الفقري وكان أحد الأسباب التي أدت إلى وفاته بعد عشرة أيام من اعتقاله.
ومنذ سيطرة الميليشيات الانقلابية على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014 ارتكب مسلحوها انتهاكات مروعة، بحسب تقارير المنظمات الحقوقية، شملت القتل خارج نطاق القانون والتعذيب في المعتقلات والإخفاء القسري وتفجير المنازل ومصادرة الأموال، إلى جانب قائمة طويلة بالانتهاكات التي أقدمت عليها الميليشيات، وطالت الحريات العامة للمواطنين وملاحقة الصحافيين وإغلاق وسائل الإعلام المعارضة للجماعة وإصدار أحكام قضائية لاعتبارات سياسية.
وكان آخر انتهاكاتها ما أقدمت عليه من حملات تنكيل منظمة بحق أقارب الرئيس السابق وأعضاء حزبه خلال الشهر الماضي، إذ أفادت تقارير لحزب «المؤتمر العام» بأن الجماعة اعتقلت أكثر 3 آلاف شخص، وأعدمت نحو مائتين منهم.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم