الإكوادور تبحث عن «وساطة» لحل قضية أسانج

جوليان أسانج يتحدث لصحافيين من السفارة الإكوادورية في لندن في 19 مايو الماضي (إ.ب.أ)
جوليان أسانج يتحدث لصحافيين من السفارة الإكوادورية في لندن في 19 مايو الماضي (إ.ب.أ)
TT

الإكوادور تبحث عن «وساطة» لحل قضية أسانج

جوليان أسانج يتحدث لصحافيين من السفارة الإكوادورية في لندن في 19 مايو الماضي (إ.ب.أ)
جوليان أسانج يتحدث لصحافيين من السفارة الإكوادورية في لندن في 19 مايو الماضي (إ.ب.أ)

تبحث الحكومة الإكوادورية عن «وساطة» للتوصل إلى اتفاق مع المملكة المتحدة يسمح بحل وضع وصفته بأنه «لا يحتمل» لمؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج، الذي لجأ إلى سفارة الإكوادور في لندن ويقيم فيها منذ 2012.
وقالت وزيرة خارجية الإكوادور، ماريا فرناندا اسبينوزا، أمس: «نبحث إمكانية اللجوء إلى وساطة (...) قد يكون بلدا ثالثا أو إحدى الشخصيات»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. وتابعت وزيرة الخارجية الإكوادورية في مؤتمر صحافي: «لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق من دون تعاون من المجتمع الدولي، ومن دون تعاون المملكة المتحدة التي أبدت اهتماما بإيجاد حل» لهذا الوضع، دون المزيد من التفاصيل.
وهي المرة الأولى التي تثير فيها الإكوادور احتمال اللجوء إلى وساطة لحل هذا المأزق الدبلوماسي الذي يشمل أيضا الولايات المتحدة والسويد. وكان الرئيس الإكوادوري لينين مورينو قد أعلن في مايو (أيار) 2017 لدى تسلمه منصبه من سلفه رافايل كوريا الذي كان منح أسانج حق اللجوء في سفارة الإكوادور في لندن، أن أسانج يمكنه البقاء في السفارة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طلبت خارجية الإكوادور من أسانج تجنب أي تعليق «من شأنه التأثير في علاقات الإكوادور الدولية التي ينبغي الحفاظ عليها، كما الحال مع إسبانيا». وكان أسانج قد أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) دعمه للحكومة الانفصالية في كاتالونيا بعد استفتاء حظره القضاء الإسباني ومظاهرات تخللتها مواجهات.
ويقيم أسانج الأسترالي في السفارة الإكوادورية في لندن كلاجئ، تجنّباً لتسليمه للسويد، حيث يلاحق بتهمة اغتصاب ينفيها. وكانت وزارة العدل الأميركية كشفت أنها تقوم بالتحقيق حول أسانج وويكيليكس، على خلفية نشره كمية كبيرة من الوثائق العسكرية والدبلوماسية الأميركية السرية. ولم يتم الكشف عن توجيه أي اتهامات بحقه، لكن يسود الاعتقاد بأن واشنطن طلبت من لندن توقيف أسانج وترحيله فور خروجه من سفارة الإكوادور.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».