«أحرار الشام» تعلن النفير العام في إدلب

مقتل 21 مدنياً بغارات سورية وروسية

إسعاف مصاب في أعقاب تفجير مقر لـ«أجناد القوقاز» بإدلب شمال سوريا مساء الأحد الماضي (أ.ف.ب)
إسعاف مصاب في أعقاب تفجير مقر لـ«أجناد القوقاز» بإدلب شمال سوريا مساء الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

«أحرار الشام» تعلن النفير العام في إدلب

إسعاف مصاب في أعقاب تفجير مقر لـ«أجناد القوقاز» بإدلب شمال سوريا مساء الأحد الماضي (أ.ف.ب)
إسعاف مصاب في أعقاب تفجير مقر لـ«أجناد القوقاز» بإدلب شمال سوريا مساء الأحد الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت حركة «أحرار الشام» النفير العام ودعت مقاتليها إلى رفع جهوزيتهم للحد الأقصى لصد تقدم قوات النظام على جبهات ريف إدلب، بعدما باتت تفصلها عن مطار أبو الضهور العسكري 11 كلم فقط.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن معارك عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات النظام في المنطقة الفاصلة بين سنجار والمطار، لافتا إلى إحراز الأخيرة «تقدماً تدريجياً» على وقع اشتداد الحملة العسكرية التي يشنها الطيران الحربي السوري والروسي على حد سواء، ما أدّى إلى مقتل 21 مدنيا في الساعات الماضية بينهم 8 أطفال.
وتسعى قوات النظام من خلال هجومها إلى تأمين طريق حيوي يربط حلب، ثاني كبرى مدن سوريا بالعاصمة، بالإضافة للسيطرة على مطار أبو الضهور العسكري. وهي وفي حال تمكنت من طرد الفصائل من المطار، تكون قد استعادت القاعدة العسكرية الأولى لها في محافظة إدلب الحدودية مع تركيا.
وتحدث المرصد يوم أمس عن تحقيق قوات النظام «تقدما واسعا مكّنها من السيطرة على 14 قرية بعد قصف مكثف أجبر هيئة تحرير الشام على الانسحاب عقب تعذر تثبيت نقاط تمركز في هذه القرى، نظراً للقصف العنيف ولصغر حجم القرى»، لافتا إلى أن «النظام استكمل بذلك سيطرته بشكل شبه كامل على الحدود الإدارية لريف إدلب الجنوبي الشرقي مع ريف محافظة حماة الشمالي الشرقي، قاطعا الطريق أمام تقدم تنظيم داعش الموجود في قرى بريف حماة الشمالي الشرقي والدخول إلى محافظة إدلب أو التوغل فيها».
وبحسب المرصد، فإن قوات النظام والمسلحين الموالين لها بقيادة العميد سهيل الحسن المعروف بلقب «النمر»، تمكنوا من توسيع نطاق سيطرتهم بشكل كبير ومتسارع خلال 15 يوماً من التقدم المترافق بقصف عنيف ومكثف جوي وبري، من خلال استعادة 78 قرية وبلدة منذ الـ25 من ديسمبر (كانون الأول) من العام الفائت 2017، كما باتوا على مسافة نحو 11 كلم من مطار أبو الضهور العسكري.
وأعلن «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» يوم أمس أن «الجيش السوري وحلفاءه تابعوا عملياتهم في ريف إدلب الجنوبي الشرقي وسيطروا على قرية مردغانة البرتقالة شمال شرقي بلدة سنجار بعد مواجهات مع جبهة النصرة والفصائل المرتبطة بها».
وقد أثار التقدم السريع للنظام في المنطقة سجالا كبيرا بين «هيئة تحرير الشام» وباقي فصائل المعارضة التي تحدثت عن تواطؤ الأخيرة وإقدامها على تنفيذ انسحابات أدّت لتساقط القرى والبلدات سريعا. واعتبرت «أحرار الشام» في بيان أن «ما يجري في إدلب من تقدم متسارع للنظام يعود لتصرفات هيئة تحرير الشام التي فككت الفصائل وأضعفت غالبيتها، فضلا عن استيلائها على الأسلحة والمقرات»، وردت الهيئة على الاتهامات التي تطالها عن تسليم كامل منطقة سكة الحديد، مؤكدة أن عناصرها لم ينسحبوا من المنطقة وأنها ستواصل القتال ولن تسمح بـ«تمرير المشاريع والخيانات الموقعة في آستانة».
واعتبر مصدر قيادي في الجيش الحر في إدلب أن «ما يحصل في ريف إدلب يندرج في بإطار اتفاق توصلت إليه الدول الضامنة في آستانة 6، يقضي بتسليم النظام وروسيا المنطقة المعروفة بـ(منطقة العشائر)، التي تمتد من ريف حماة الشرقي باتجاه ريف إدلب الجنوبي وصولا لمطار أبو الضهور»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه المنطقة خاضعة لسيطرة (هتش) منذ 4 سنوات، وقد انسحبت مؤخرا منها دون قتال يُذكر». وأضاف المصدر: «(هتش) التي قضت على فصائل بالشمال بتهمة العمالة لـ(آستانة)، هي فعليا من ينفذ الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الضامنة»، مشيرا إلى أن «عمليات القصف التي ينفذها النظام لا تستهدف المنطقة المتوافق عليها بل مناطق أخرى مثل، جرجناز ومعرة النعمان وسراقب». وتحدث عن «قصف عشوائي مكثف يطال المدنيين وعن 150 غارة جوية خلال 48 ساعة استهدفت جرجناز».
وشن ناشطون بارزون مؤخرا حملة على «هيئة تحرير الشام» وتركيا. وحمّل أسامة أبو زيد تركيا مسؤولية ما يحصل في ريف إدلب، «باعتبارها طرفا ضامنا لاتفاق خفض التصعيد، وقد تعهدت ببذل كل ما يلزم لوقف قتل السوريين وتهجيرهم وتجويعهم إذا ما شاركنا في مسار آستانة»، مطالبا إياها بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الجرائم التي ترتكبها روسيا وإيران بحق أهالي إدلب والغوطة، أو لتعلن انهيار الاتفاق الذي لم يحقق للشعب السوري الهدوء حتى في إدلب المحاذية لتركيا». من جهته، اعتبر أحمد أبازيد أنه «خلال عشرة أيام تساقطت قرى ريف حماة الشرقي وريف إدلب الجنوبي بالجملة ونزح عشرات الآلاف من أهاليها، من دون مقاومة حقيقية تُذكر»، محملا المسؤولية الأولى لـ«هيئة تحرير الشام التي قضت على الفصائل وهجّرت المقاتلين، بما يبدو أنه اتفاق سري لتنفيذ تفاهمات الآستانة بتسليم منطقة شرق السكة».
وكانت عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض، استمرت يوم أمس الاثنين، غداة تفجير استهدف مقراً لفصيل «أجناد القوقاز»، الذي يضم مئات المقاتلين الأجانب المتحدرين من وسط آسيا ويقاتلون إلى جانب «هيئة تحرير الشام». وتسبب التفجير الأحد بمقتل 34 شخصاً بينهم 19 مدنياً، 11 منهم أطفال، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد الاثنين. وكانت حصيلة أولية أفادت بمقتل 23 شخصاً. ولم يتمكن المرصد من تحديد إذا كان التفجير ناتجاً عن سيارة مفخخة أو استهداف بطائرة من دون طيار لقوات التحالف الدولي أو روسيا.
إلا أن شبكة «شام» نقلت عن مصادر ميدانية أن «طائرة حربية روسية من نوع سيخوي 35 رصدت في أجواء الريف الشمالي لمحافظة إدلب قبل التفجير بلحظات، في وقت كانت تحلق فيه طائرة حربية من نوع سيخوي 24 للنظام في الريف الشرقي والجنوبي من المحافظة ونفذت عدة غارات في تلك المنطقة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم