الجزائر: حقوقي يحتج على «استثناء» ضابط كبير من الإفراج

TT

الجزائر: حقوقي يحتج على «استثناء» ضابط كبير من الإفراج

احتج دفاع ضابط عسكري كبير كان يشغل منصب مساعد مدير الاستخبارات سابقاً في الجزائر، على استثناء موكله من تدابير تسمح بالإفراج عنه بسبب ظروفه الصحية الصعبة داخل السجن.
وأصدر محامي الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المعروف بـ«الجنرال حسان»، رئيس قسم مكافحة الإرهاب في الاستخبارات العسكرية سابقاً، بياناً مكتوباً أمس، احتجّ فيه على رفض «المحكمة العليا» (أعلى هيئة في القضاء المدني) الإفراج عن موكله الذي حكم عليه القضاء عام 2015 بالسجن 5 سنوات بعد إدانته بـ«مخالفة تعليمات القيادة العسكرية العامة». وعُرف الجنرال حسان بقربه من مدير الاستخبارات العسكرية سابقاً الفريق محمد مدين الذي عزله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه في نفس العام إثر خلافات سياسية بينهما.
وأوضح الحقوقي الجزائري الشهير آيت العربي، في بيانه، أن الجنرال حسان «معرّض لخطر الموت في السجن، بسبب إصابته بعدة أمراض لا تسمح ظروف الاعتقال بعلاجها، مما يتطلب المتابعة اليومية لحالته في الوسط العائلي». وأضاف: «بصفتي محاميه، أودعتُ مذكرة لدى كتابة ضبط الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا بتاريخ 20 يناير (كانون الثاني) 2016، وبعد مرور سنتين على هذا الإجراء، لم تفصل المحكمة العليا في هذا الملفّ». وأدانت محكمة وهران العسكرية (غرب)، الجنرال، في 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، إثر شكوى لنائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، يتهم فيها حسان بـ«إتلاف وثائق عسكرية مهمة»، تتعلق بشحنات سلاح حجزها ضباط الاستخبارات بالحدود مع مالي. ويعود السلاح إلى جماعات متطرفة، نجح حسان في اختراق صفوفها.
وقال المحامي: «نظراً إلى سنّه وحالته الصحية، تقدمتُ أمام المحكمة العليا بثلاث طلبات إفراج مرفقة بخبرة طبية أنجزتْها مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى المركزي للجيش. ورغم تدهور لافت لحالته، والضمانات التي يقدّمها للمثول أمام العدالة فور استدعائه، رفضت المحكمة العليا بكل بساطة كل طلبات الإفراج المقدمة. وقدمتُ طلباً رابعاً للإفراج أمام نفس الجهة القضائية». وأضاف: «تفصل المحكمة العليا، عادةً، في الطعون ضد أحكام المحاكم العسكرية في مدة أقصاها 8 أشهر، من تاريخ رفع الطعن. ومن المفروض أن تنظر الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا قضية الجنرال حسان، باعتبارها الجهة القضائية المختصة، كما تنظر أي ملفّ آخر تابع للقضاء العسكري، وهذا طبقاً لمبدأ المساواة أمام العدالة». وتابع: «من حقي كمحامي الدفاع، بعد مرور أكثر من 28 شهراً من الحبس وما يقارب سنتين من إيداع مذكرة تدعيم الطعن، أن أتساءل عن دوافع هذا الاستثناء الذي يحظى به الجنرال حسان»، في إشارة ضمنية إلى أن موكله، مستهدَف من جهة نافذة في السلطة، حرمته من تدابير يتيحها القانون، تتعلق بالإفراج في حال الإصابة بالمرض تستدعي العلاج خارج السجن.
ويعدّ آيت وعرابي أول ضابط كبير في الاستخبارات يقدَّم للمحاكمة في عهد الرئيس بوتفليقة، وتم في نفس الفترة اعتقال الجنرال حسين بن حديد مستشار وزير الدفاع سابقاً، بسبب تصريحات لإذاعة خاصة هاجم فيها بشدة قايد صالح، ومستشار رئيس الجمهورية السعيد بوتفليقة، وهو أيضاً شقيقه. ووُجهت إلى ابن حديد تهمة «محاولة إضعاف معنويات الجيش»، ووُضع في السجن الاحتياطي لمدة 9 أشهر، ثم أُفرج عنه بسبب تدهور حالته الصحية. ولكن ليست هذه أول مرة يُسجن فيها ضابط كبير، ففي تسعينات القرن الماضي تمت إدانة الجنرال أحمد بلوصيف بالسجن في قضايا فساد، وأُفرج عنه في ظروف غامضة، قبل إتمام مدة سجنه.
كما تعرض مدير الأمن برئاسة الجمهورية الجنرال مجذوب كحال للمتابعة، وحُكم عليه في 2016 بالسجن عامين في قضية تتعلق بإطلاق نار في محيط إقامة الرئيس الطبية في زرالدة (الضاحية الغربية للعاصمة). ووصفت الصحافة متاعب هؤلاء الضباط البارزين بـ«خريف الجنرالات» كناية على تغيّر موازين القوى داخل منظومة الحكم، سمحت لبوتفليقة بإحكام سيطرته على النظام بشكل كامل.
وفي نهاية 2015، كتب الجنرال مدين «رسالة إلى الجزائريين» اشتكى فيها من «ظلم» لحق بمرؤوسه سابقاً الجنرال حسان. وتذكر الرسالة بشكل صريح أن الوقائع التي تمت على أساسها متابعة رئيس قسم مكافحة الإرهاب «ملفقة». وكان كلام مدين موجَّهاً بشكل مباشر إلى رئيس أركان الجيش صالح.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.