مصر تسعى لمشاركة واسعة في إعمار سوريا

TT

مصر تسعى لمشاركة واسعة في إعمار سوريا

عبر مسؤولون مصريون عن أملهم بمشاركة واسعة في إعادة إعمار سوريا خلال الفترة المقبلة، بعد 7 سنوات من الحرب، مؤكدين أن عشرات الشركات الهندسية وشركات المقاولات بدأت في إجراءات العمل هناك، وسط توقعات بأن تحصل الشركات المصرية على حصة تصل إلى 25 في المائة، مما يمكن أن يتيح آلاف فرص العمل أمام المصريين في السوق السورية.
وتلعب مصر دوراً رئيساً في جهود الحل السلمي للحرب الدائرة في سوريا.
وخلال الأشهر الماضية أظهرت الوساطة المصرية الناجحة بين طرفي الأزمة السورية، لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في عشرات البلدات بريف حمص الشمالي، دورا إيجابيا متناميا للقاهرة في جهود حل الأزمة.
وكشف مصدر في وزارة التجارة والصناعة المصرية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن توجه عشرات الشركات ورجال الأعمال المصريين إلى سوريا، لبحث فرص الاستثمار هناك والمشاركة في جهود إعادة الإعمار، مشيرا إلى أن السوق السورية أصبحت واعدة وتنبئ بفرص عمل كبيرة.
غير أن المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، نفى وجود دعوة رسمية من الحكومة المصرية للشركات بالتوجه إلى سوريا، بحسب ما تردد في بعض وسائل الإعلام، مؤخرا، مؤكدا أنه لكي يتم ذلك «فلا بد من توافر اشتراطات معينة، أبرزها تتعلق بالوضع الأمني، وهذا غير متوفر في الوقت الراهن، فرغم طرد تنظيم داعش (من سوريا)، فإنه لا تزال هناك قلاقل أمنية ومخاطر تستوجب الحذر».
وأوضح أن كل المبادرات التي تحدث حتى الآن هي مساع لمنظمات الأعمال والغرف التجارية، مشددا على أن «الحكومة المصرية تنتظر الوقت المناسب لاتخاذ قرار العمل هناك، لما يوفره ذلك من فرص كبيرة، بوصفها سوقا واعدة، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على دول، مثل اليمن وليبيا، حال استقرارها».
من جهته، قال طارق النبراوي، رئيس نقابة المهندسين في مصر، إن بلاده «ستكون حاضرة في سوريا لإفساح الطريق أمام المهندسين المصريين والشركات الهندسية وشركات المقاولات لإعادة بناء البلاد»، مشيرا إلى أن «الدعوات بين نقابة المهندسين المصرية والأطراف السورية المعنية، تهدف إلى فتح سوق العمل لمكاتب الاستشارات المصرية والشركات المهنية في سوريا».
وتوقع النبراوي، في تصريحات لموقع «مونيتور» الأميركي، نشرت أمس، أن يشهد عام 2018 ازدهارا ودورا مؤثرا لشركات البناء المصرية في سوريا، وفتح الباب أمام شركات أخرى في مجالات الكهرباء ومواد البناء والصلب والألمنيوم والسيراميك ومواد الصرف الصحي، وغيرها من المجالات للعمل في السوق السورية، والمشاركة في إعادة بناء المدن والمرافق التي دمرتها الحرب.
وكانت سوريا قد طلبت رسميا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مساعدة المنظمات الدولية لإعادة بناء المدارس. وكان تم إطلاق معرض «إعادة بناء سوريا 2017» في سبتمبر (أيلول) الماضي في دمشق، تحت رعاية وزارة الأشغال العامة والإسكان السورية بمشاركة 162 شركة و24 دولة.
وتسعى مصر للمشاركة في خطط إعادة الإعمار في سوريا، على عكس ما حدث في العراق في التسعينات من القرن الماضي عندما تم استبعادها من العملية.
وقال النبراوي إن «نقابة المهندسين تلعب دوراً مهماً في إعادة إعمار سوريا، وقد زار وفد نقابي مصري سوريا في مطلع عام 2017. والتقى مع الرئيس السوري بشار الأسد لمناقشة التنسيق الهندسي مع النقابة في سوريا لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة، ومناقشة دور النقابة في مساعدة الشعب السوري بعد الحرب».
ووفقا لدراسات وتقديرات من نقابة المهندسين، فإن إعادة بناء سوريا ستكلف 500 مليار دولار. وقال النبراوي إن النقابة تتوقع أن تحصل الشركات المصرية على حصة تتراوح بين 20 و25 في المائة، أو ما بين 100 مليار و125 مليار دولار، مما يمكن أن يتيح آلاف فرص العمل أمام المصريين في السوق السورية.
وفي ما يتعلق بالتدابير الأمنية اللازمة لضمان عمل الشركات المصرية في سوريا، قال النبراوي: «عمل هذه الشركات يقتصر على المشورة الفنية والهندسة، فضلا عن التنسيق الكامل مع السلطات المصرية المعنية مثل وزارة التجارة والصناعة، وجمعية رجال الأعمال المصريين، فضلا عن السلطات السورية».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».