من الفرعون إلى ولي الفقيه

من الفرعون إلى ولي الفقيه
TT

من الفرعون إلى ولي الفقيه

من الفرعون إلى ولي الفقيه

في مثل هذه الأيام، وقبل أكثر من 500 سنة، بث القس الإنجليزي توماس مور أحلامه في كتابه «يوتوبيا»، وصنف الكتاب - آنذاك - باعتباره «عملاً خيالياً». وبعد كل هذه القرون الطويلة من التطور الإنساني والحضاري والتكنولوجي الهائل، لا يزال الكتاب عملاً خيالياً بامتياز، وربما أكثر خيالاً. لا يزال مور يبدو وكأنه أقرب ما يكون إلى شاعر يهيم في واديه، ويكتب ما يشاء، وكأنما مسه مس من الجنون، وإن كان جنوناً رائعاً لا تزال عدواه تنتقل إلينا.
حين تعيد قراءة «يوتوبيا»، لا تملك سوى أن تضحك من براءة توماس مور، أو سذاجته في تحذيره لنا من وراء قرون من الزمن من «مخاطر تمركز السلطة والمال بأيدي الحكام»، داعياً إلى مجتمع أفراده متساوون، ورجاله ونساؤه متعلمون، لا يعانون من التمييز العرقي والديني والجنسي، أحرار من الخوف والظلم والعنف، ومؤمنوه يحترمون ديانات بعضهم بعضاً.
كان مور يكرر بسذاجة ما قاله ساذج آخر في «جمهوريته»، قبل 384 من ميلاد المسيح، أوهمنا أن الدولة ينبغي لها أن تعلم الأفراد حب العدالة، فهي «العقل» المتجسد في الفلاسفة الذين يحكمون، بشرط أن تنزع ثروتهم، ويحدد لهم دخل ثابت، وشرط أن يترفعوا عن صغائرنا، نحن البشر الرعايا الذين نمثل «القلب والبطن» في المجتمع الأفلاطوني، وفي أي مجتمع آخر، ما قبل أو بعد الألفية الثالثة. وماذا يطلب الرعايا أكثر من الأمان والخبز من حكماء السلطة، من أثينا إلى طهران؟
لكنهم لم يتركوا لنا عبر التاريخ لا قلوباً ولا بطوناً؛ عواطفنا لا تستطيع حتى أن تصل إلى شفاهنا، إنها ترقد في أعماق عميقة جداً من أنفسنا مرتجفة خوف أن تراها العيون، فتخفت شيئاً فشيئاً حتى تجف كالغصون المحرومة من شمس الصباح، ثم تموت ونحن لا نكاد نعي؛ تعودنا على ذلك منذ قرون. أما بطوننا، فهي تبيت على الطوى، و«تمزقنا نياب الجوع حتى / يكاد الشيخ يعثر بالعيال»، كما يقول الشاعر المصري محمود مفلح الذي شهدت بلاده أول ثورة جياع في التاريخ، في عهد الملك بيبي الثاني، على ذمة الرواة. كم يفصل بين ثورة المصريين الجياع، في عهد الفرعون بيبي، وثورة الإيرانيين الجياع في عهد ولي الفقيه علي خامنئي، في القرن الواحد والعشرين؟
آلاف مؤلفة من السنوات. ما الذي تغير في عمر البشرية، بشريتنا نحن؟
ثرنا كثيراً، وحلمنا أكثر. نثور ونحلم منذ بابل الأولى، منذ أفلاطون إلى الفارابي، إلى الحسين بن منصور الحلاج المصلوب في بغداد، إلى شهاب الدين يحيى السهروردي، ابن مدينة زنجان الفارسية، القتيل في حلب بعد الحلاج بـ250 سنة.
منذ أول قتيل جوع وقهر إلى آخر قتيل، ولا نزال مهزومين حتى الآن.
حسنا، لكننا لا نزال نحلم ونثور، ونثور، وننهزم، ونحلم. نحن البشر العاديين، المغلوبين، الرعاع إذا شئتم، لا نملك بديلاً آخر.



اكتشاف «مدينة سرية» أسفل طبقات الجليد في غرينلاند

بدأ البناء في القاعدة الغامضة في عام 1959 (غيتي)
بدأ البناء في القاعدة الغامضة في عام 1959 (غيتي)
TT

اكتشاف «مدينة سرية» أسفل طبقات الجليد في غرينلاند

بدأ البناء في القاعدة الغامضة في عام 1959 (غيتي)
بدأ البناء في القاعدة الغامضة في عام 1959 (غيتي)

أسفل طبقة الجليد السميكة في غرينلاند تقع شبكة من الأنفاق التي كان يُعتقد يوماً ما أنها المكان الأكثر أماناً على الأرض، في حال نشوب أي حرب. وشهد مشروع «أيس وورم» (دودة الجليد)، الذي تم إنشاؤه خلال الحرب الباردة، الخطة الأميركية لتخزين مئات الصواريخ الباليستية في منظومة من الأنفاق كان يُطلق عليها «كامب سينشري» (قرن المعسكر)، حسب صحيفة «ميترو» اللندنية.

في ذلك الوقت كان قادة الجيش الأميركي يأملون شنّ هجوم نووي على الاتحاد السوفياتي، في أوّج توترات الحرب الباردة، في حال تصعيد الأمور. مع ذلك بعد مرور أقل من عقد على بناء القاعدة، تم هجرها عام 1967، بعد إدراك الباحثين تحرك الكتلة الجليدية.

الآن عادت الأنفاق الممتدة في درجات حرارة أدنى من الصفر للظهور إلى دائرة الضوء في الصور الجديدة المذهلة للقمر الاصطناعي التابع لـ«ناسا». وقال أليكس غاردنر، عالم في الغلاف الجليدي بمختبر الدفع النفاث بوكالة الفضاء الأميركية (ناسا): «كنا نبحث عن قاع الجليد، وفجأة ظهر (كامب سينشري). لم نكن ندري ماهيته في البداية؛ حيث تظهر في البيانات الجديدة تكوينات فردية في المدينة السرية على نحو مختلف تماماً عما سبق».

وتضم شبكة الأنفاق التي تقع تحت الأرض وتمتد لثلاثة كيلومترات، مختبرات ومتاجر ودار سينما ومستشفى وأماكن إقامة لمئات الجنود. مع ذلك، لا يخلو الموقع الجليدي في غرينلاند من المخاطر؛ حيث لا يزال يحتوي على مخلفات نووية.

أزال الجيش الأميركي، بناء على افتراض أن الموقع سيظل متجمِّداً إلى الأبد، المفاعل النووي الذي كان في الموقع سمح بدفن المخلفات، التي تعادل كتلة 30 طائرة من طراز «آير باص إيه 320»، تحت الثلوج.

مع ذلك هناك مواقع أخرى حول العالم خالية من المخلفات النووية، تصلح لأن تصبح مأوى آمناً في حالة نشوب حرب عالمية. «وود نورتون» هي شبكة من الأنفاق تمتد في عمق غابة ورشستر شاير اشترتها مؤسسة «بي بي سي» بالأساس أثناء الحرب العالمية الثانية، تحسباً لنشوب أزمة في لندن. وهناك أيضاً جبل بيترسن في ولاية فيرجينيا الأميركية؛ حيث يُعد واحداً من مراكز سرية عديدة تُعرف أيضاً باسم مكاتب مشروع «إيه تي أند تي»، الضرورية لتخطيط الاستمرار للحكومة الأميركية.

في أقصى الشمال بالولايات المتحدة الأميركية، يوجد مجمع «رافين روك ماونتن»، في ولاية بنسلفانيا، وهو قاعدة تتسع لنحو 1400 شخص. ومجمع «تشيني ماونتن» في مقاطعة إل باسو بولاية كولورادو، هو مجمع تحت الأرض يفخر باحتوائه على 5 غرف من احتياطي الوقود والماء، ويوجد في جزء واحد بحيرة تحت الأرض.