تركية تزاحم الرجال في تعليم الخط العربي

حافظ على وجوده رغم اعتماد الحرف اللاتيني مع إنشاء الجمهورية

التركية شفيقة اولكر معلمة الخط العربي
التركية شفيقة اولكر معلمة الخط العربي
TT

تركية تزاحم الرجال في تعليم الخط العربي

التركية شفيقة اولكر معلمة الخط العربي
التركية شفيقة اولكر معلمة الخط العربي

نجحت الخطاطة التركية شفيقة تشيليك أولكر في أن تزاحم الرجال الذين انفردوا لزمن طويل بمهنة الخط العربي، واستطاعت أن تتخطّى مجرد إتقان هذا الخط إلى إنشاء ورشة لتعليمه للسيدات.
بدأت قصة أولكر (41 سنة)، مع الخط العربي منذ أن كانت في التاسعة من عمرها بسبب تأثرها كثيراً بالكتابات المعلقة في أحد المساجد التي زارتها في مدينتها كوجالي شمال غربي تركيا.
وبات تعلُّق أولكر بالخط العربي يزداد يوما بعد يوم منذ ذلك الوقت، إلا أنّ الصعوبات التي تواجهها النساء في هذا المجال جعلتها تفكر لسنوات قبل أن تفكر في خوض التحدي والغوص في ثنايا هذا الفن.
واحتاجت الخطاطة التركية إلى 20 سنة حتى تبدأ أول دروسها في تعلم الخط العربي اليدوي وفن التذهيب بعد أن قادتها الفرصة للتعرف على الخطاط محمد شاهين.
ومع تقدمها وزيادة براعتها في كتابة اللوحات العربية، رفعت أولكر سقف التحدي في مجالها الجديد الذي ظل حكراً على الرجال لعقود طويلة، وأنشأت ورشة لتعليم السيدات الخط اليدوي والتذهيب بهدف التعريف بهذين الفنين وتوريثهما الأجيال القادمة.
وعن رحلتها مع الخط العربي قالت أولكر لوكالة أنباء «الأناضول» التركية، إن اهتمامها بالخط بدأ حينما شاهدت اللوحات الخطية في أحد المساجد حين كانت في التاسعة من عمرها، ووقعت في عشق هذا الخط، إلى أن تعرفت على معلمها الخطاط شاهين وبدأت بتعلم هذا الخط على يديه.
وأضافت أولكر أنّه بعد إتمامها للوحتها الأولى وعرضها على معلّمها، سألها مستغربا لشدة إعجابه باللوحة: «هل مارست كتابة هذه اللوحات من قبل؟»، فأجابت: «كلا، لكنّني انتظرت هذه اللحظة 20 سنة».
ولفتت إلى أنّها كانت تعمل بجد خلال فترة تعلّمها الخط، وأنّها كثيراً ما كانت تسهر لساعات طويلة لإنجاز لوحاتها، كما تعلّمت فن التذهيب أيضا خلال تلك المرحلة، واستغرقت في تلقي الدروس 3 سنوات قبل أن يقلّدها أستاذها شاهين، بتوقيع الإجازة في التخطيط والتذهيب، لتبدأ فيما بعد بتعليم هذين الفنين للنساء.
وذكرت أولكر، أنّها أنشأت قبل 7 سنوات، برفقة زوجها، جمعية للخط العربي إلى جانب ورشة لتعليمه، بهدف نشر الخط العربي وفن التذهيب، وتوريثهما للأجيال القادمة من الشباب. وأضافت أنّها تقيم دورات في الخط للسيدات، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 37 و74 سنة، موضحة أنّ هذا الفن يحتاج إلى صبر وإرادة كبيرين، وأنّه فن واسع للغاية حيث يأتي الخط في المركز وتحيط به من الإطار فنون أخرى مثل التذهيب والرسم على الخزف.
واحتفى الأتراك كثيرا بالخط العربي، ما شجّع الخطاطين على بذل جهودهم لخدمة الخط والتفنن فيه، وكان أول انتقال للخط من العرب إلى الأتراك عن طريق الخطاط الشيخ حمد الله الأماسي الذي تخرج على يديه كثير من الخطاطين المبدعين.
وابتكر الخطاطون الأتراك أشكالاً جديدة من الخط تحمل كثيرا من الجمال والإبداع واستطاعوا أن يخترعوا خطوطاً لم تكن معروفة سابقا، وحتى بعد أن استبدل بالحرف العربي الحرف اللاتيني بعد قيام الجمهورية التركية الحديثة في عام 1923، احتفظ الخط العربي بمكانته ولا يزال يتخرج خطاطون مبدعون ليعيش الخط العربي بين الأتراك لأكثر من 5 قرون.



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.