جدل في غزة بعد إعدام نجل قيادي في «القسّام» عنصراً من «حماس»

TT

جدل في غزة بعد إعدام نجل قيادي في «القسّام» عنصراً من «حماس»

أثار ظهور ناشط سابق في «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، والنجل الأكبر لأحد القيادات الميدانية للكتائب، في فيديو لتنظيم ما يعرف باسم «ولاية سيناء» التابع لتنظيم داعش الإرهابي وهو يقتل شخصاً آخر، جدلاً كبيراً في قطاع غزة بعدما وصف أحد المتحدثين باسم التنظيم في الفيديو الشاب بـ«التائب».
وظهر في الفيديو الذي حمل اسم «ملة إبراهيم» وأصدره التنظيم مساء الأربعاء الماضي، الشاب محمد أنور الدجني (يحمل لقب «راشد») وهو يُطلق النار على رأس شخص آخر كان يرتدي زياً برتقالي اللون وسط حشود من المسلحين التابعين للتنظيم في سيناء. ولاقى الفيديو اهتماماً كبيراً في الأوساط الغزية، وسط تنديد واستنكار شديدين من مواطنين لتلك الحادثة، خصوصاً أن القاتل والمقتول فلسطينيان.
ولوحظ خلال الفيديو ظهور عدد من العناصر التي تطلق على نفسها في غزة «السلفية الجهادية» والتي تمكنت من التسلل عبر الأنفاق قبل إغلاقها وتوسيع المنطقة العازلة على جانبي الحدود بين غزة ومصر في الأشهر الأخيرة باتجاه شبه جزيرة سيناء للقتال مع التنظيم الإرهابي الناشط هناك. وتحدث في الفيديو شخص أُطلق عليه اسم «أبو كاظم المقدسي» وهو فلسطيني من قطاع غزة يدعى «حمزة الزاملي» (في العشرينات من عمره من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة)، وقد انضم إلى التنظيم في سيناء منذ نحو عامين. حيث اتهم «حماس» بالردة عن الإسلام والكفر خلال الفيديو الذي تطرق إلى خطاب خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق لـ«حماس»، عند إطلاقه الوثيقة السياسية الجديدة للحركة وقبولها بدولة فلسطينية على حدود 1967. ووصف الكاظمي خلال كلمة أمام جموع المسلحين في وجود عنصرين آخرين من قطاع غزة، الشاب الدجني بأنه «تائب من كتائب القسام»، مشيراً إلى صدور حكم من «المحكمة الشرعية» بقتل «موسى أبو زماط» وهو من عناصر التنظيم بتهمة تهريب أسلحة إلى «حماس» في غزة. وكُتب في الفيديو أن هذه الأسلحة تستخدم لمحاربة من يصفون أنفسهم بأنهم «جهاديون» في غزة.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن القتيل أبو زماط بدوي من قبيلة السواركة التي تجتمع أصولها ما بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ولها امتدادات بين الجانبين، وكان يعمل مهرباً في الأنفاق لسنوات. وحسب ذات المصادر، فإن جهاز الأمن الداخلي الذي أسسته «حماس» في غزة شن حملة اعتقالات جديدة في صفوف متشددين عقب الفيديو. وشن الجهاز قبل نحو عام حملة كبيرة طالت متشددين مطلوبين لـ«حماس» منذ أعوام وكانوا مختفين عن الأنظار في حملة هي الأكبر منذ سنوات. وطالت الاعتقالات أكثر من 500 شخص لا يزال عدد كبير منهم في السجون حتى الآن.
ومنذ ظهور الفيديو على وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي، باتت أحداثه حديث عامة المواطنين في غزة، وسط حالة من الاستغراب والاستنكار، بينما أدى بعض مساجد جنوب قطاع غزة صلاة الغائب على أبو زماط بدعوة من «حماس».
وأعلنت عائلة الدجني تبرؤها من نجلها بعد ظهوره في الفيديو، معربة عن استغرابها ومفاجأتها من الفيديو وحادثة القتل التي وصفتها العائلة بـ«الأليمة»، معلنة براءتها من هذا الفعل «المخالف لشرع الله وغيره من الأفعال التي تتنافى مع الدين الحنيف وقيم الشعب الفلسطيني»، كما جاء في بيان منشور باسم العائلة.
ولم يكتف «داعش» بما جاء في الفيديو، بل خصصت مجلة «النبأ» الصادرة عن التنظيم إنفوغرافيك، تطرقت فيه إلى ما قالت عنه إنه «أهم نواقض الإسلام التي وقعت فيها حركة حماس». في إشارة إلى دخول التنظيم في معركة جديدة مع الحركة.
وتلاحق «حماس» منذ تسلمها قطاع غزة قبل 10 سنوات الجماعات المتشددة التي يقدّر عناصرها بالمئات، وتصفهم بـ«المنحرفين فكرياً»، وتعمل منذ ما يزيد على عام على تقديمهم لمحاكمات عسكرية بتهمة الإخلال بالأمن العام. وشهدت الأعوام السبعة الأخيرة جدلاً وخلافات بين الجانبين. وأصبحت الجماعات المتشددة في السنوات الأخيرة تمثّل تحدياً للحركة التي تبسط سيطرتها على قطاع غزة، إذ تدأب على إطلاق صواريخ في اتجاه جنوب إسرائيل التي ترد بشن هجمات على مواقع «حماس» التي تبادر بدورها إلى الرد باعتقال عناصر مشتبه في أنهم متشددون، منعاً لإطلاق الصواريخ، خشية أن تُجرّ الحركة إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل لا ترغب فيها حالياً.
ويُعرف عن عناصر الجماعات المتشددة أنها تتكون من شباب غالبيتهم كانوا ناشطين سابقين في «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وتنظيمات إسلامية صغيرة أخرى منتشرة في غزة. وتمكّن العديد من عناصر تلك الجماعات من مغادرة قطاع غزة في السنوات الأخيرة مع ظهور تنظيم داعش، وانتقلوا إلى سوريا والعراق والقتال هناك، حيث قُتل عدد كبير منهم. ومع تراجع قوة التنظيم في سوريا والعراق أصبحت سيناء المأوى الأقرب إليهم للقتال مع فرع التنظيم هناك. وهناك معلومات تفيد بأن تنظيم «ولاية سيناء» بات يعتمد على المقاتلين الفلسطينيين من غزة في هجماته، لخبرتهم العسكرية السابقة في تنظيماتهم.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.