عبد المولى... اختار أن يعيش وحيداً مع الكتابة

رحيل أحد أبرز الوجوه الثقافية في تونس عن ثمانين عاماً

عبد المولى
عبد المولى
TT

عبد المولى... اختار أن يعيش وحيداً مع الكتابة

عبد المولى
عبد المولى

ودّعت تونس الاثنين الماضي الدكتور محمود عبد المولى، أحد أبرز الوجوه الثقافية عن عمر ثمانين عاماً (1937)، بعد رحلة طويلة مع الكتابة والنشر والبحث العلمي، والمعارك الثقافية والفكرية؛ فعبد المولى الذي كان يلقّبه التونسيون بـ«الدكتور» فقط كان واحداً من الوجوه المألوفة في شارع الحبيب بورقيبة، وبخاصة في مقاهيه ومطاعمه، وقد اختار أن يعيش على الهامش غارقاً في الكتابة، وحيداً وبعيداً عن كل نشاط ثقافي رسمي، ينعم بعزلته في حي باب سويقة الشهير، يعتني بقططه الكثيرة التي تملأ عليه البيت القديم في أعرق أحياء تونس القديمة.
ولد الدكتور محمود عبد المولى في مدينة قصور السّاف من محافظة المهدية، ودرس في المدرسة العربية الفرنسية قبل أن يلتحق بجامع الزيتونة في العاصمة، وبعد تخرجه في الجامع الأعظم، كما يسمّى في تونس، إثر حصوله على شهادته العليا «العالمية» (تعادل شهادة الإجازة في التعليم الحديث). ثم سافر إلى لبنان والقاهرة وسوريا؛ لمواصلة دراسته العليا، ومن المشرق العربي سافر إلى فرنسا وسويسرا، وحاز شهادتي دكتوراه في علوم التربية وفي علم الاجتماع، وعاد إلى تونس منتصف الستينات بعد استقلال البلاد وإنشاء الجامعة التونسية، لكنّه فوجئ برفض المجلس العلمي لكلية الآداب والعلوم الإنسانية الوحيدة في البلاد التحاقه بالتدريس في الجامعة، والتشكيك في مستواه في اللغة الفرنسية؛ فكان هذا الرفض بمثابة الصدمة التي عانى من تداعياتها طيلة سنوات حياته.
وبعد رفض التحاقه بالجامعة التونسية عمل الدكتور محمود عبد المولى أستاذاً زائراً في الجزائر وليبيا، لكن سريعاً ما تصادم مع المؤسسة الرسمية، وعاد إلى تونس ليعيش في الهامش، بعيداً عن أي نشاط رسمي أو وظيفة مباشرة بعد أن ألحق بوزارة الفلاحة نتيجة رفض أساتذة الجامعة خريجي الجامعات الفرنسية التحاقه بتدريس علم الاجتماع أو علوم التربية أو التاريخ، بل رفضوا حتى مناقشة أطروحة الدكتوراه التي أنجزها في تونس بعنوان «ثورة أصحاب العمائم» باللغة الفرنسية عن مساهمة طلبة جامع الزيتونة في حركة النضال الوطني وفي حركة التنوير والتحديث، ولم ينجح في مناقشة الأطروحة إلا بعد قرار قضائي من المحكمة الإدارية، وناقشها بعد إحالته إلى التقاعد الإداري!
ورغم الإحباط الذي عاناه، حافظ عبد الموالى على الانتظام في الكتابة، وأصدر أكثر من ثلاثين عنواناً باللغتين العربية والفرنسية. ومن أهم أعماله، كتابه عن عبد الرحمن بن خلدون، الصادر في بداية السبعينات عن الدار العربية للكتّاب بعنوان «ابن خلدون وعلوم المجتمع»، كما أصدر كتاباً عن مدرسة باردو الحربية التي أنشأها خير الدين التونسي، الوزير الأكبر في أواخر القرن التاسع عشر، والتي تعد أحد معالم التحديث في تونس؛ إذ تمّ إنشائها وفق المقاييس الفرنسية في التعليم العالي، وكتابه عن الشيخ الزيتوني مختار بن محمود، وكتابه عن مشكلات التعريب في تونس 1830 – 1987، وكتابه «تطور الفكر الاجتماعي والاقتصادي عبر التاريخ»، وغير ذلك من العناوين التي أصدر معظمها على حسابه الخاص.
لقد شكّل عبد المولى ظاهرة ثقافية لافتة في تونس؛ فهو آخر مجموعة «تحت السور» التي ظهرت في الثلاثينات من القرن الماضي، وحافظ الراحل على روحها رغم انفراطها، متحرراً من الضوابط السياسية والاجتماعية، منصتاً لروحه ولصوته الخاص، وحيداً مع غليونه الذي لم يفارقه، ولركنه في نادي الصحافيين، وللقطط التي كان يرعاها إلى آخر يوم في حياته.



تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
TT

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية، بجوائز بلغت قيمتها 1.6 مليون ريال، ونال كل فائز بكل فرع 200 ألف ريال، وذلك برعاية وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس أمناء المجمع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان.

وتشمل فروع الجائزة تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها، وحوسبة اللُّغة وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللُّغة ودراساتها العلميَّة، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة.

ومُنحت جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنَّشر من المملكة العربيَّة السُّعوديَّة في فئة المؤسسات، فيما مُنحت في فرع «حوسبة اللُّغة العربيَّة وخدمتها بالتقنيات الحديثة»، لعبد المحسن الثبيتي من المملكة في فئة الأفراد، وللهيئة السُّعوديَّة للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في فئة المؤسسات.

جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد (واس)

وفي فرع «أبحاث اللُّغة العربيَّة ودراساتها العلمية»، مُنحَت الجائزة لعبد الله الرشيد من المملكة في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربيَّة من مصر في فئة المؤسسات، فيما مُنحت جائزة فرع «نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة» لصالح بلعيد من الجزائر في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات في فئة المؤسسات.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُويَّة اللُّغويَّة، وترسيخ الثَّقافة العربيَّة، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبلٍ زاهرٍ للُّغة العربيَّة، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمَّنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشُّمولية وسعة الانتشار، والفاعليَّة والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيميَّة للجان.

وأكد الأمين العام للمجمع عبد الله الوشمي أن أعمال المجمع تنطلق في 4 مسارات، وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، وتتوافق مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

تمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع لخدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

وتُمثِّل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللُّغة العربيَّة، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030».