مصريون عُزّل تصدّوا لمهاجمي كنيسة حلوان

صلاح الموجي... مواطن مصري شارك في التصدي لمهاجمي كنيسة مار مينا في حلوان («الشرق الأوسط»)
صلاح الموجي... مواطن مصري شارك في التصدي لمهاجمي كنيسة مار مينا في حلوان («الشرق الأوسط»)
TT

مصريون عُزّل تصدّوا لمهاجمي كنيسة حلوان

صلاح الموجي... مواطن مصري شارك في التصدي لمهاجمي كنيسة مار مينا في حلوان («الشرق الأوسط»)
صلاح الموجي... مواطن مصري شارك في التصدي لمهاجمي كنيسة مار مينا في حلوان («الشرق الأوسط»)

بين الحين والآخر، تُظهر مقاطع فيديو سجلها سكان مجاورون لكنيسة «مار مينا» بحلوان التي استهدفها مسلحون ينتمون إلى تنظيم داعش، أول من أمس، أدواراً فردية شجاعة أقدم عليها مواطنون عُزّل من أهالي المنطقة أسفرت عن التصدي للمهاجمين المسلحين.
المهاجم الرئيسي، والذي قالت وزارة الداخلية إنه مُنفذ الاعتداء الذي أسفر عن سقوط 9 ضحايا، كان هدفاً لعدد من مواطني منطقة «أطلس» التي تقع بها الكنيسة المستهدفة، وحسب ما أظهرت المقاطع المصورة فإن المتهم الرئيسي، عقب إطلاقه الرصاص باتجاه الكنيسة تحرك باتجاه منطقة الشارع الغربي المحيط بالكنيسة، شاهراً سلاحه في اتجاهات مختلفة كان ينطلق منها رصاص قوات الأمن باتجاهه، وخلال دقائق من وقوفه وحده في منتصف الطريق، طالته رصاصة استقرت في إحدى ساقيه فسقط على الأرض، غير أنه استعاد جزءاً من توازنه وجلس حاملاً سلاحه الآلي، مستعداً لإصابة من يقترب.
صلاح الموجي، وهو سائق خمسيني، يقيم وأسرته في منزل يبعد نحو 100 متر عن الكنيسة التي استهدفها الهجوم، كان يقف مع عدد من المواطنين على مقربة من الإرهابي المصاب، فقرر الرجل على ما يبدو استعادة خبراته القديمة التي اكتسبها قبل 30 عاماً عندما كان مجنداً في سلاح المهندسين، وكان متخصصاً في تفكيك الألغام، فقرر التسلل للتعامل مع «لغم بشري» يمثله المسلح المصاب، وسرعان ما تمكن من مهاجمته وشل حركته بدفعه أرضاً، مع إبعاد السلاح.
يقول الموجي، في تصريحاته عقب الحادث، إن أول ما فكر فيه لدى تمكنه من المسلح، هو فك خزينة «البندقية الآلية» التي كان يحملها (عثرت قوات الأمن على 150 طلقة مع المتهم بعد تفتيشه)، ثم ضربه على رأسه لشل حركته حتى لا يفجر نفسه، وتتسلمه الأجهزة الأمنية حياً بغرض الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات.
وفور إقدام الموجي على السيطرة على المسلح المصاب، هرع العشرات يساندون صاحب المبادرة، وأحكموا قبضتهم على «الإرهابي»، غير أن يقظة بعضهم حال دون وقوع كارثة أخرى، تتمثل في انفجار عبوة ناسفة كان يحملها المهاجم، وتم تفكيكها من قبل الاختصاصيين.
ويبدو أن محاولة الموجي للتصدي للهجوم ليست حالة فردية، إذ أفاد شهود عيان في منطقة أطلس، بدعوة انطلقت من ميكروفون مسجد الدسوقي القريب من الكنيسة، والذي استنهض أهالي المنطقة للخروج من منازلهم لإنقاذ الكنيسة والتصدي للمهاجمين، وبدا أثر تلك الدعوة فيما ظهر في مقاطع أخرى للمسلح بينما كانت تصله قطع الطوب والرخام من أعلى أسطح بعض العمارات القريبة من الكنيسة، وكان يرد على بعضها بشكل عشوائي، وتحرك على أثر ذلك إلى شوارع مختلفة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».