السلطة الفلسطينية تستعد لمواجهة جديدة مع إسرائيل

ستنضم إلى 22 اتفاقية ومعاهدة دولية منها 18 تحت رعاية الأمم المتحدة

TT

السلطة الفلسطينية تستعد لمواجهة جديدة مع إسرائيل

كشفت مصادر سياسية فلسطينية، أمس السبت، قائمة بالاتفاقات والمنظمات الدولية التي تقرر أن تنضم إليها السلطة الفلسطينية، بصفتها دولة تحمل صفة «مراقب» في الأمم المتحدة. واتضح أن بعضها على الأقل سيؤدي إلى تصادم السلطة مع إسرائيل على الساحة الدولية، مثل مكافحة الأسلحة الكيماوية، واستخدام قنابل الغاز السام، وقضية التسلح النووي، وغيرها.
وقالت هذه المصادر إن وزارة الخارجية الفلسطينية في رام الله والمندوب الفلسطيني الدائم في الأمم المتحدة، باشرا الإعداد لتنفيذ إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الكلمة التي ألقاها في رام الله، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن القدس عاصمة لإسرائيل، والتي قال فيها إن السلطة الفلسطينية ستسعى إلى الانضمام إلى 22 اتفاقية ومعاهدة دولية، 18 منها تحت رعاية الأمم المتحدة.
وكان عباس قد أقدم، في الماضي، على مثل هذه الخطوة الاحتجاجية بهدف تعزيز الاعتراف بالكيان الفلسطيني كدولة موقعة على المعاهدات مثل بقية الدول. وبحسب قائمة تم تسريبها في رام الله، فإنها تضم انضمام فلسطين إلى دعم تعديل المادة 8 من معاهدة روما التي قامت على أساسها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ويوسع تعديل المادة 8، ضمن جملة أمور، تطبيق تعريف استخدام الغازات كجريمة حرب. واعتبرته أوساط إسرائيلية موضوعاً تصادمياً، لأن السلطة تتهم إسرائيل باستخدام غازات سامة في عمليات قمع المظاهرات السلمية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
كما تضم القائمة: معاهدة قمع الإرهاب النووي، واتفاقية الحماية المادية للمواد النووية، ومعاهدة روتردام لمكافحة الاتجار بالمواد الخطرة واستخدامها، ومعاهدة استوكهولم لمكافحة مخاطر التعرض للملوثات العضوية غير الجزئية، واتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث، واتفاقية التغير البيئي، ومعاهدة مناهضة التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية، اللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، وبروتوكول جنيف بشأن حظر استعمال الأسلحة الكيميائية، واتفاقية الأسلحة البيولوجية، واتفاقية مناهضة تطوير وإنتاج واستخدام الألغام المضادة للأفراد، ومعاهدة تنظيم بيع السلاح، واتفاقية الأمم المتحدة، بشأن عقود تسويق البضائع الدولية، واتفاقية المخدرات، واتفاقية المؤثرات العقلية، والاتفاقية الجمركية بشأن نقل البضائع الدولية، واتفاقية مناهضة الاتجار بالأطفال وممارسة البغاء والاستغلال الجنسي للأطفال، واتفاقية منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص.
وكانت مصادر إسرائيلية قد ذكرت، الليلة قبل الماضية، أن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، اتصل بالسفيرة الأميركية هناك، نيكي هيلي، واتفق معها على صياغة رد مشترك على الخطوة الفلسطينية، وتجنيد عشرات الدول للتصويت ضد فلسطين في مختلف المحافل الدولية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها الفلسطينيون مثل هذه الخطوة. ففي أبريل (نيسان) 2014، بدأت السلطة الفلسطينية إجراءات الانضمام إلى 15 اتفاقية ومعاهدة أخرى، بما في ذلك اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة، واتفاقية جنيف الرابعة، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وفي حينه صادق الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على ضم الفلسطينيين إلى 10 معاهدات ترعاها الأمم المتحدة. وقبل ثلاث سنوات، في ديسمبر (كانون الأول) 2014. وبعد التصويت في مجلس الأمن الدولي على انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وقّع عباس 22 معاهدة، بما في ذلك معاهدة روما، ومهد الطريق أمام الفلسطينيين للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وتعتبر إسرائيل هذا النشاط بمثابة «إجراءات أحادية الجانب»، وتهدد بمعاقبة السلطة الفلسطينية عليها. وقد جمدت السلطة عدة مرات في الماضي هذه الخطوات، نزولاً عند رغبة الوسطاء، وبينهم إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، حتى لا تجهض فرصة استئناف المفاوضات. لكن هذا لم يجدها نفعاً، كما يبدو.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.