بيروت وعشق الفنون البصرية

حياة لبنان الثقافية أبوابها مشرّعة على الأمل

مشهد من مسرحية «شارع عباس 36» لفرقة «زقاق»
مشهد من مسرحية «شارع عباس 36» لفرقة «زقاق»
TT

بيروت وعشق الفنون البصرية

مشهد من مسرحية «شارع عباس 36» لفرقة «زقاق»
مشهد من مسرحية «شارع عباس 36» لفرقة «زقاق»

الفنون البصرية تكتسب مزيداً من الشعبية، هذا واضح وجلي. فبعد أن كانت مضامين الكتب، تثير النقاشات وتشعل الجدل، حول ما يكتبه مؤلفوها، وما يطرحونه من جديد أو يكشفونه من أسرار، صار الناس إلى ما يغري البصر ويسلي أكثر ميلاً. وإن كان رواد معارض الكتب في بيروت والمناطق لا يزالون على وفائهم لهذه المواعيد التي يعود عمر بعضها إلى نصف قرن وأكثر، فإن تنامي أعداد الأفلام السينمائية التي تنتج وتعرض في لبنان، كما عدد المسرحيات، وطول فترة بقائها على الخشبة، كما توافد عدد كبير من المتفرجين لمشاهدتها، إضافة إلى ولادة مواعيد سنوية للفن التشكيلي وأخيراً فن التصميم، كما وفرة الراغبين في الزيارة، تشي جميعها بأن الأعوام الأخيرة كانت تنحو تدريجياً صوب نمو جيل له مزاج مختلف.
فقد وصل «معرض بيروت آرت فير» هذه السنة إلى دورته الثامنة، متخطياً بشجاعة كل الصعوبات، بحيث زاره أكثر من 28 ألف شخص خلال أربعة أيام مقابل 23 ألفاً العام الماضي. وشاركت في المعرض 51 صالة عرض قادمة من 23 بلداً. ورغم الأزمة الاقتصادية يقول المنظمون: إن 88 في المائة من صالات العرض حققت مبيعاً. إضافة إلى ذلك، ونتيجة للنتائج الجيدة انطلقت الدورة الأولى «لمعرض بيروت للتصميم» الذي اجتذب 16 ألف زائر، في رغبة من المنظمين للاستفادة من مواهب المصممين اللبنانيين، الذين وصل بعضهم إلى العالمية، وتشجيع المواهب الناشئة. ويبدو أن هذا المجال، سيفتح آفاقاً جديدة للفن اللبناني، وبدأ يلفت النظر إلى بيروت بصفتها مركزاً عربياً. وقد نظم «المعهد الثقافي الإيطالي»، معرضاً، على أهمية عالية في العاصمة بيروت ضم أيقونات لمصممين إيطاليين بارزين، وأكثر من مائة قطعة أنجزت على مدار تسعين عاماً، كانت تعرض في متاحف عالمية ذائعة الصيت. وهي قطع فريدة من نوعها. كما سلط المعرض الضوء على أهم العلامات التجارية المعروفة في هذا الفن مثل «فونتانا أرتيه» و«زانوتا» و«أرتيميد» و«زومبي» و«لامورينا». وإذا أضفنا إلى كل ما سبق افتتاح «بيت بيروت»، وهو مبنى قديم له قصته المأساوية مع الحرب، وقد تم تحويله إلى مركز ثقافي، ومكان للمعارض التي لم تتوقف منذ افتتاحه، وكذلك معارض الغاليريات الكثيرة المنتشرة في العاصمة، يمكننا القول إن الفنانين يعملون، بمعزل عن الخضّات السياسية وكأنما ثمة عالم لهم يوازي ذاك المضطرب حولهم، أو أنهم يرون إلى نشاطهم هذا كفعل مقاومة للخراب المحيط بحدودهم وفي منطقتهم.
وإذا أضفنا في مجال الفنون البصرية التشكيل والتصميم والمسرح، فإن العام كان حافلاً بأعمال عددها قياسي، وإن بقيت المستويات متفاوتة. فقد قدم روجيه عساف «حرب طروادة» وعادت بيتي توتل صفير إلى الخشبة لتقدم جديدها «فريزر»، ورلى حمادة وقفت على «مسرح الجميزة» في عملها «لو داريت عنك حبي» الذي لقي إقبالاً واسعاً. وكذلك، وفي خضم الفورة المسرحية استعاد نهاية السنة الفنان الرائد فائق حميصي تجربته المسرحية الطويلة بالشراكة مع القديرين عايدة صبرا وزكي محفوض، في اسكتشات من أجمل ما كانوا قدموه في عالم الأداء التمثيلي الصامت، وذلك في عمل حمل عنوان «مشوار 45» كان قد قدم قبلها بأيام في طرابلس. يصعب سرد أسماء كل المسرحيات التي أضاءت مسارح بيروت هذه السنة، وجددت شبابها، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الثنائي المسرحي الشهير، الكاتب والمخرج يحيى جابر والممثل زياد عيتاني اللذين سجّلا جماهيرية استثنائية خلال السنوات الثلاث الماضية على مسارح بيروت من خلال الأعمال التي قدماها معاً، كانا على وشك تقديم مسرحية جديدة، حين تم توقيف الأخير، بتهمة التعامل مع إسرائيل.
ولا يمكن أن يكون كلام عن أهم الأحداث الثقافية في لبنان هذه السنة، دون التوقف عند الصدمة الكبرى التي أحدثها خبر إلقاء القبض على عيتاني. كأحد نجوم خشبة المسرح الجدد. فعدد من حضره من المتفرجين، خلال عمره الفني القصير (أربع سنوات) لم يحظ به أحد، وبخاصة أن نجمه صعد بفترة قياسية. وطالما أن الكلام عن الفنون البصرية والعلاقات مع إسرائيل. فإن السينما هي الأخرى، سجلت إنتاج عدد كبير من الأفلام، وأكثر ما أثار الضجيج هو فيلم «قضية رقم 23» لزياد الدويري. والصخب لم يتأت من عظمة الفيلم ولا أهميته الفنية، وإنما لأن الدويري كان قد أباح لنفسه، خلال تصوير فيلمه السابق، الإقامة في إسرائيل لمدة تسعة أشهر والتصوير هناك، بحجة أنه كان يصور فيلماً يحتاج إلى التقاط مشاهده على أرض الواقع. علماً بأن القانون اللبناني يحظر أي اتصال أو صلة مع إسرائيل.
وبين قصة الدويري والتحقيق معه بعد توقيفه في مطار بيروت، وحكاية العيتاني، على اختلاف تفاصيلهما احتلت في النصف الثاني من السنة، قضية نظرة المثقفين إلى التعامل مع إسرائيل في الجاسوسية المباشرة أو التعاون الفني الصريح مجالاً واسعاً من النقاشات والمنازلات. ولا ننسَ في غمار حادثة المخرج السينمائي زياد الدويري كل الأفلام اللبنانية التي ملأت القاعات واجتذبت آلاف المتفرجين، ولم ينته العام إلا وأعلن عن أفلام جديدة مثل «حبة كاراميل» إخراج إيلي حبيب الذي يستكمل قصة مسلسل حمل الاسم نفسه، وكذلك «بالغلط» لسيف شيخ نجيب، وكان قد سبقهما سلسلة من الأفلام نذكر منها «محبس» الفيلم الأول للمخرجة صوفي بطرس، و«ورقة بيضاء» أول أكشن لبناني من إخراج الفرنسي هنري برجيس. وتجدر الإشارة أن ثمة مهرجانات سنوية معروفة للسينما في لبنان، لكن السنة تشهد العشرات من مهرجانات السينما المختلفة التي تنظمها جمعيات أو سفارات أو هيئات مدنية، حتى بات لكل موضوع مهرجان لأفلامه، فإضافة إلى الأفلام الوثائقية، هناك مهرجان «أفلام حقوق الإنسان» و«مهرجان أفلام الرعب» و«مهرجان الأفلام الإيبيرية الأميركية»، وحتى لمن لا يستطيع أن يصل إلى هذه المهرجانات، تأتيه قافلة جوالة لتعرض له قرب سكنه.
المكان لا يتسع لعرض كثيف من الأحداث الثقافية التي شهدتها العاصمة اللبنانية طوال العام 2017، لكن لا بد من ذكر «معرض مداد» في «دار النمر» الذي شهد عرضاً لأجمل المخطوطات ومحاضرات حول الخط والكتابة العربيين، وكذلك «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» الذي بات موعداً سنوياً منتظراً. ولا تزال إلى جانب الفنون البصرية بيروت، ورغم كل ما يقال، مركزاً للطباعة والنشر، والأهم الصحافة، مع أن صحفاً مهمة أغلقت مثل «السفير»، وأخرى تعاني من النزع الأخير، إلا أن مواقع تولد، ومشروعات في طور التحضير. ولا يبدو أن اللبنانيين استسلموا للصعاب، ولا هم يجدون أن الأفق مسدود، بل على العكس، مع استمرار المهرجانات الصيفية وإن ببرامج أقل كلفة وأميل إلى الإنتاج المحلي، وتزايد المواعيد السنوية الدورية، ودخول جيل شاب إلى الحياة الثقافية، تنتعش بيروت وإن بصيغ مختلفة عن ذي قبل.



موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)
الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)
TT

موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)
الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

شهدت العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، تغييراً مفاجئاً في طقسها؛ إذ سجلت الحرارة درجات متدنية أجبرت السكان على تغيير برنامجهم اليومي، وإطفاء أجهزة التكييف الباردة التي ظلت تعمل طوال أشهر الصيف الساخنة، وما تلاها من أيام تأخر فيها الشتاء على غير العادة.

الكثير من المنازل الحديثة خصصت غرفاً شتوية ووضعت فيها مواقد للحطب (واس)

وأحدث التغيير المفاجئ في الطقس قيام السكان بإخراج ملابسهم الداكنة وأغطيتهم ومفارشهم ومعاطفهم الشتوية من خزائنها، واستخدامها على الفور ليلة البارحة، أو التوجه بها إلى المغاسل التي شهدت حركة في تجهيز الملابس الداكنة، بعد أن كان اللون الأبيض هو الطاغي خلال أشهر طويلة، وسجلت محلات الملابس الداخلية الشتوية إقبالاً ليلة البارحة من الأسر لشراء احتياجات أفرادها منها، لقناعتهم بأنها الوسيلة المناسبة لمنح الدفء في الأجواء الباردة، كما توجه السكان ليلة البارحة، وبعد أن هبّت نسائم الشتاء الباردة، إلى محلات بيع المعاطف الثقيلة المعروفة باسم (الفري أو الفروات) المستوردة أو المصنعة محلياً، كما شهدت محلات الأحذية والجوارب إقبالاً لشراء ما يمكن استخدامه في الفصل البارد.

تعد الفروة من أهم أنواع الزّيّ المتوارث في فصل الشتاء (واس)

وفي ظل هذا التغير المفاجئ في الطقس، عادت أهمية تشغيل أجهزة تسخين المياه وإجراء الصيانة اللازمة لها؛ لاستخدامها في فصل شتوي سيكون قارساً، كما توقع خبراء الطقس، بعد أن ظلت هذه السخانات مغلقة طوال الأشهر الماضية؛ لعدم الحاجة إليها.

إقبال من الأسر لشراء احتياجاتها من الملابس الشتوية (واس)

وبدأت ربات المنازل بإدخال أطباق شتوية على الموائد اليومية، لعل أبرزها: الجريش والمرقوق والمطازيز المعدة من القمح والتي تناسب الأجواء الباردة، إضافة إلى أطباق من (الحلو الشتوي) المتمثل في أطباق: الحنيني والفريك والمحلى، المعدّة من القمح أيضاً، ودخل الزنجبيل والحليب الساخن بوصفهما مشروبين مفضّلين للأسر عوضاً عن العصائر.

الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

وصحب التغير المفاجئ في الطقس وميله للبرودة إلى هطول أمطار من خفيفة إلى متوسطة، وهو ما شجع السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم؛ لقضاء أوقات ممتعة، خصوصاً أن ذلك تزامن مع إجازة نهاية الأسبوع.

ونشطت في ظل هذه الأجواء تجارة الحطب والإقبال على شرائه، حيث يعد سمة من سمات الأجواء الشتوية في السعودية، رغم وجود أجهزة التدفئة الحديثة، لكن السكان يستمتعون باستخدام الحطب في المواقد وإعداد القهوة والشاي عليها والتحلق حولها، وهو ما يفسر أن الكثير من المنازل الحديثة خصصت غرفاً شتوية ووضعت فيها مواقد للحطب.