أفغانستان تعلن قتل أكثر من 40 متمرداً

عوائل ضحايا الهجوم الانتحاري على المركز الثقافي الشيعي في العاصمة كابل في حالة صدمة وحزن خلال تشييع الجثامين أول من أمس
عوائل ضحايا الهجوم الانتحاري على المركز الثقافي الشيعي في العاصمة كابل في حالة صدمة وحزن خلال تشييع الجثامين أول من أمس
TT

أفغانستان تعلن قتل أكثر من 40 متمرداً

عوائل ضحايا الهجوم الانتحاري على المركز الثقافي الشيعي في العاصمة كابل في حالة صدمة وحزن خلال تشييع الجثامين أول من أمس
عوائل ضحايا الهجوم الانتحاري على المركز الثقافي الشيعي في العاصمة كابل في حالة صدمة وحزن خلال تشييع الجثامين أول من أمس

ذكرت وزارة الدفاع الأفغانية، أمس، أن أكثر من 40 متمردا لقوا حتفهم خلال العمليات الأمنية على مدار الـ24 ساعة الماضية في مختلف أنحاء البلاد». وقال بيان لوزارة الدفاع إن الهجمات البرية مدعومة بالمدفعية والدعم الجوي نفذت في أقاليم ننجارهار وغزني وميدان ورداك وباكتيكا وقندهار واروزجان وزابول وفرح وفارياب وهيلماند، بحسب وكالة باجوك الأفغانية للأنباء». وأضاف البيان أن باكستانيين اثنين من بين المتمردين الذين قتلوا في عملية في منطقة خاك صفيد بإقليم فرح غربي أفغانستان». وأضاف البيان أن ثلاث دراجات نارية وبعض الأسلحة دمرت أيضا في هذه العمليات، ولكنه لم يقدم أي معلومات عن الخسائر بين قوات الأمن». تأتي العمليات في إطار جهود قوات الأمن الأفغانية لتطهير البلاد من حركة طالبان، التي تسيطر على 11 في المائة من مساحة أفغانستان، وعناصر داعش المنتشرين في 25 إقليما من أقاليم أفغانستان البالغ عددها 34 إقليما». إلى ذلك, ذكر شهود عيان وأفراد من أسر ضحايا هجوم بقنبلة وقع على مركز ثقافي شيعي في كابل أول من أمس أن عدد القتلى هو ضعف الحصيلة الرسمية التي أعلنتها الحكومة الأفغانية». وكان المتحدث باسم وزارة الصحة العامة الأفغانية وحيد الله مجروح قد قال إن تفجيرا انتحاريا وتفجيرين صغيرين عند المركز غرب كابل أسفر أول من أمس عن مقتل 41 شخصا وإصابة 84 آخرين». وأعلن تنظيم (داعش) مسؤوليته عن الهجوم». وقال محمد أمين، الذي فقد قريبه في الهجوم: «قتل أكثر من 80 شخصا»، مشككا في حصيلة القتلى الرسمية». وأضاف أن المهاجم الانتحاري فجر سترته الناسفة داخل القاعة في الطابق الأرضي، حيث كان أكثر من مائة شخص، معظمهم من الطلاب يحتشدون في حفل تخرج». وتابع شاهد العيان «كانت أشلاء بشرية محترقة ومفتتة متناثرة في كل مكان في القاعة، مثلما يحدث في أفلام الرعب. كان بإمكاني شم الدخان والدم حتى منتصف الليل». وذكر محمد علي، أحد الممثلين في المنطقة أن عدد حصيلة القتلى في الهجوم أعلى مما أعلنته الحكومة». وأضاف أن معظم هؤلاء داخل القاعة قتلوا في الانفجار الأول، آخرون كانوا لا يزالون أحياء توفوا «أثناء إخراجهم من الطابق الأرضي أو في الطريق إلى المستشفيات». وتنظيم (داعش) وهي جماعة متطرفة زادت مؤخرا من الهجمات ضد الشيعة، لا سيما في العاصمة الأفغانية».
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، قتل 71 شخصا وأصيب 90 آخرون في تفجير نفذه المتطرفون على مسجد شيعي». وكان متحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية قد أكد مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا جراء سلسلة من التفجيرات استهدفت تجمعا في المركز الثقافي غربي كابل مساء أول من أمس». وقال المتحدث نصرت رحيمي إن 30 آخرين أصيبوا بعد تفجير انتحاري نفسه داخل المبنى الذي كان يستضيف التجمع». وأضاف أن تفجيرين آخرين وقعا خارج المبنى بعد تجمع الناس للمساعدة». وكان التجمع منعقدا في مركز تبيان الثقافي، وهو، وفقا لموقعه، مركز بحثي ثقافي». ونفى ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حركة طالبان في تغريدة تورط الحركة في الهجوم».
وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أنه في غضون ذلك, ما يقرب من خمسين مسلحا منتمين إلى تنظيم داعش في العراق وسوريا «داعش» قتلوا في العمليات الأخيرة التي قامت بها قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية في إقليم ننجارها شرقي البلاد».
وقالت وزارة الدفاع، في بيان لها أول من أمس، إن مسلحي داعش تكبدوا هذه الخسائر في سلسلة من الضربات الجوية التي جرت في منطقة أشين، بحسب وكالة خاما برس الأفغانية». وأضاف البيان أن ثلاثة مستودعات من الذخائر والمتفجرات وأسلحة الجماعة الإرهابية دُمرت أيضا في الغارات». وتابعت وزارة الدفاع أن الغارات الجوية أدت أيضا إلى القضاء على ملاذ آمن للمجموعة الإرهابية في هذه المقاطعة».
ولم تعلق الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، بما في ذلك متمردو داعش، على التقرير». جدير بالذكر أن إقليم ننجارهار كان من بين الأقاليم الهادئة نسبيا في شرق أفغانستان، ولكن الوضع الأمني في الإقليم بدأ يتدهور خلال السنوات الأخيرة». وذكرت حكومة الإقليم، أول من أمس، أن ما لا يقل عن 15 مسلحا من تنظيم داعش لقوا حتفهم في هجوم شنته مؤخرا طائرات أميركية من دون طيار في هذا الإقليم».
وذكر المكتب الإعلامي لحكومة الإقليم في بيان أن الغارة الجوية الأخيرة نفذت منطقة بندر بمنطقة أشين».



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»