الصومال يتسلم مجاله الجوى للمرة الأولى منذ 27 عاماً

مقتل 4 من عناصر حركة الشباب في غارة أميركية جديدة

TT

الصومال يتسلم مجاله الجوى للمرة الأولى منذ 27 عاماً

في تصاعد جديد للعمليات العسكرية في الصومال، قال الجيش الأميركي، أمس، إنه قتل أربعة من عناصر حركة الشباب في غارة جوية جديدة مساء الأربعاء الماضي، بعد يوم واحد فقط على تبنيه مقتل 13 من الحركة نفسها في غارة جوية مماثلة، في وقت أعلن الصومال عن استعادة التحكم بمجاله الجوي لأول مرة منذ 27 عاماً.
وقالت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان لها، إنها «شنت بالتنسيق مع الحكومة الفيدرالية للصومال، ضربة جوية ضد مقاتلي حركة الشباب، على بعد نحو 25 كيلومتراً إلى الغرب من العاصمة، مما أسفر عن مقتل أربعة إرهابيين وتدمير سيارة واحدة مفخخة للحيلولة دون استخدامها ضد السكان في العاصمة مقديشيو».
وبعدما نفت مجدداً سقوط أي مدني خلال هذه الغارة، أكدت «أفريكوم» التزام القوات الأميركية باستخدام كافة الإجراءات المأذون بها والملائمة لحماية الولايات المتحدة وشركائها ومصالحها، وحرمان الجماعات الإرهابية من الملاذ الآمن، بما في ذلك إقامة شراكات مع بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وقوات الأمن الوطني الصومالية في عمليات مكافحة الإرهاب المشتركة واستهداف الإرهابيين ومعسكرات تدريبهم وملاذاتهم الآمنة في جميع أنحاء الصومال والمنطقة.
وبهذه الغارة، يكون الجيش الأميركي قد شن 34 غارة جوية هذا العام، في إطار دعمه للحكومة الصومالية في مواجهة حركة الشباب، علماً بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب منح الجيش صلاحيات أوسع في مجال القضاء على الإرهاب والعمليات العسكرية داخل الصومال، اعتباراً من شهر مارس (آذار) الماضي.
وفقدت حركة الشباب السيطرة على معظم مدن وبلدات الصومال منذ طردها من مقديشو في عام 2011 على يد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والقوات الصومالية المدعومة منها، لكن الحركة تحتفظ بوجود قوي في أجزاء من جنوب ووسط البلاد.
إلى ذلك، أعلن مكتب الأمم المتحدة في الصومال أن السلطات هناك نجحت في القضاء على ظاهرة الفساد المالي، إذ أشاد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال مايكل كيتنغ بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب الأمنية ومحاربة ميليشيات الشباب المتمردة.
وأعرب مايكل عن بالغ قلقه العميق إزاء انتشار المجاعة والجفاف، واللذين يهددان تحقيق مزيد من التطور، ويمثلان عقبة كبيرة في محاولة المضي قدماً إلى الأمام، مشيراً إلى أنه يتخوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية التي يعيشها السكان المحليون في الصومال، وكذلك المخاطر الإرهابية التي تشكلها ميليشيات الشباب المتمردة.
وقال مايكل، وفقاً لوكالة «الأنباء الصومالية» الرسمية، إن الدولة الصومالية حققت إنجازات كبيرة خلال العام الذي أوشك على الانتهاء، مؤكداً أن الأمم المتحدة لن تألو جهداً في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، وخلق فرص عمل للشبان الصوماليين.
إلى ذلك، استعاد الصومال التحكم بمجاله الجوي لأول مرة منذ 27 عاماً، حيث أعلن الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو عن تدشين إدارة التحكم بالمجال الجوي.
وقال، في كلمة له، عقب تدشين قاعدة التحكم بالمجال الجوي في العاصمة مقديشيو مساء أول من أمس، «إن الدولة الفيدرالية استسلمت بصفة رسمية إدارة التحكم بالمجال الجوي، وهذه فرصة تاريخية عظيمة تحققت بفضل العمل الدؤوب الذي قامت بها الحكومة الفيدرالية والشعب معاً في الفترات الماضية».
من جانبه أعلن وزير النقل والطيران المدني محمد عبد الله صلاد، مساعيه لإعادة تشغيل خدمات شركة الخطوط الجوية الصومالية، التي تأثرت بسبب الحروب الأهلية، مشيراً إلى أن مطار مقديشو يستقبل يومياً رحلات خطوط جوية عالمية، بما في ذلك الخطوط الجوية التركية والجيبوتية.
وأوضح أنه سيتم قريباً تسيير رحلات الخطوط الجوية الكينية، داعياً إلى ضرورة توسيع رقعة المطارات في إطار خطة لإعادة بنائها وترميمها لاستقبال رحلات عالمية.
وعقب انهيار نظام الرئيس المخلوع محمد سياد برى مطلع التسعينات، قامت الأمم المتحدة بتحويل نظام التحكم بالمجال الجوي للصومال إلى كينيا كقاعدة مؤقت، بسبب انهيار الحكومة المركزية، ونظراً لتدهور الوضع الأمني في العاصمة الصومالية مقديشو.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».